صدر صباح أمس السبت عدد جديد من "أخبار الأدب" تتصدره صورة المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، أما العنوان المرافق للصورة هو: "تناغماً مع الدور الثقافي لرجال الأعمال... خيرت الشاطر: هل يحقق استعادة روح مصر الثقافية ببرنامج الجماعة؟". وهو ما أثار استياء المثقفين. "محيط" تحدث إلى رئيس تحرير "أخبار الأدب" الذي قال في تصريحات خاصة أن العدد عرض للبرنامج الثقافي لحزبي الحرية والعدالة، والوفد بشكل محايد كما يقول دون التحيز لجانب على حساب آخر، مؤكداً أن مقالته الافتتاحية تشرح لماذا اختار المهندس خيرت الشاطر بالتحديد للكتابة عنه. وأكد أنه في "أخبار الأدب" يفتح ملف الثقافة والأحزاب، وسوف يعرض تباعاً في كل عدد البرنامج الثقافي لكل حزب، ثم يتم سؤال المثقفين لتقييم هذه البرامج، والتعرض بالنقد لها. وأكد العفيفي عدم انحيازه لتيار دون آخر؛ لافتاً إلى أن أخبار الأدب جريدة قومية تفتح صفحاتها لكل الأطياف دون حكر على أحد. وأكد أن وجه تساؤل إلى خيرت الشاطر عن جهود رجال الأعمال في دعم الثقافة. وفي جولة داخل سطور مقال رئيس التحرير، الذي جاء تحت عنوان "رجال الأعمال والسياسة واستعادة روح مصر الثقافية" نجد أن مجدي العفيفي فصّل في مقاله أسباب حديثه عن خيرت الشاطر في جريدة ثقافية، لافتاً إلى أن البعض قد يفسر هذا بأنه رياء وتزلف إلى الجماعة، وقد يعتبره البعض "أخونة"، فلماذا الحديث عن خيرت الشاطر؟ وهو رجل الأعمال عمليا، ونائب المرشد العام للإخوان المسلمين عقديا؟ ما علاقته بالثقافة والمثقفين والإبداع والمبدعين، والفكر والمفكرين؟. ويؤكد العفيفي أن العلاقة قوية ومتشابكة، فالمجلة تفتح في هذا العدد ملف "موقع الثقافة علي خريطة الأحزاب السياسية"، ونتساءل فيه عن نسبة الثقافة في برامج الفكر الحزبي، ونوعيتها ومدي كثافتها وحجمها ووجودها كبنية أساسية وتأسيسية في المجتمع والدولة. يواصل: من هنا تتحمل الجماعة وحزب الحرية والعدالة المسئولية باعتبارهما قوة سياسية تتصدر المشهد المصري، لتصبح مسئوليتها الثقافية مضاعفة، والمهندس خيرت الشاطر هو صاحب فكرة مشروع النهضة، كمشروع قومي تأسيسي وهو الذي يؤمن بأن " أزمة مصر والنهوض بها لا يمكن أن تكون مسئولية فصيل واحد.. ولا نحتكر الإسلام". ويشير المقال إلى أن كثير من رجال الأعمال في العالم يتبنون مشروعات ثقافية وفكرية عملاقة، بل عابرة للقارات، ولأن المهندس خيرت الشاطر هو "دماغ" مشروع النهضة كما يقول العفيفي في مقالته، فإن الإشكالية الثقافية كمسئولية، تتحاور مع الإشكاليات الأخري في شكل المرايا المتجاورة. ونفى رئيس التحرير في مقالته وجود علاقة بين الشاطر وما أثير حول تأجير آثار مصر، مؤكداً أنه أحد رجالات مصر الذين يحبونها. من جانبه قال الأديب الكبير الدكتور أحمد الخميسي أحد كتاب "أخبار الأدب" سابقاً ل"محيط" أن المشكلة الحقيقية ليست في نشر صورة نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين على غلاف مجلة ثقافية، لكن العنوان الذي يحمله الغلاف هو المشكلة حيث تصدر الغلاف "خيرت الشاطر..هل يحقق استعادة روح مصر الثقافية ببرنامج الجماعة؟"، وهو عنوان كارثي كما يصفه الخميسي لأنه ينطوي ضمناً على معنى أن برنامج جماعة الإخوان الثقافي يمكنه استعادة روح مصر الثقافية، مؤكداً أن الإخوان المسلمين هم أعداء للثقافة بالكامل، سواء في الإبداع أو المسرح بل ويمتد الأمر إلى قصف الأقلام، لافتاً إلى أن استبدادهم فاق مبارك الذي خرجت في عهده صحيفة تحمل مانشيت" 10 في جهنم أولهم مبارك". أما هم – يقصد الجماعة - فقد أوقفوا صحف وحاكموا صحفيين، ورفضوا أن ينص الدستور على مادة تحمي الصحفيين من الحبس، وأغلقوا فضائيات، ومنعوا برامج، ومن ثم فبرنامجهم الثقافي معادي للثقافة. فهل روح الجماعة هذه مؤهلة لاستعادة مصر دورها الثقافي من جديد، وروحها. إلا إذا كان المقصود كما يقول الخميسي أن روح مصر الثقافية هي الروح الفاشية الإخوانية. واعتبر الخميسي أن العنوان يحمل جرأة شديدة من "أخبار الأدب"، من حيث تصوير منهج الجماعة في الثقافة كأنه المخلص لمصر. كما أنه إعلان صريح بتأييد النهج الإخواني الرجعي الاستبدادي في الثقافة على حد وصف الخميسي، هذا النهج الذي أدى إلى طعن نجيب محفوظ، واغتيال فرج فودة. واستشهد الخميسي بخطاب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 62، حين وصف الإخوان بأنهم يريدون "تضليم البلد دون مسارح أو سينمات أو غيره". وهو بالفعل ما تحاول الجماعة فعله كما يقول الخميسي، معتبراً أن نشر صورة رجل أعمال على غلاف مجلة ثقافية أمر يثير استياء بالغ، خاصة أنها تأتي في سياق تعيين وزير ثقافة لا تعرف الجماعة الثقافية عنه شيئاً. وصف الشاعر والناقد شعبان يوسف ما حدث من "أخبار الأدب" بأنه محاولة من رئيس التحرير للفت نظر الساحة الثقافية إلى "أخبار الأدب"، التي أصبحت هامشية وفقدت تأثيرها الحقيقي، وشعبيتها. يواصل يوسف: رئيس التحرير ليس له علاقة أيديولوجية بالإخوان، ومع ذلك هو يخطب ودهم فمرة تخرج المجلة تحمل غلافاً يتصدره حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، وآخر يحمل صورة الشاطر، من أجل لفت الانتباه وكأنه يقول أن "أخبار الأدب" موجودة لأنه لم يستطع ان يجذب الانتباه بمضمون المجلة، فيلجأ إلى السياسة في محاولة للتقرب من الإخوان أيضاً. وأكد يوسف أنه ضد الترويج ل"أخبار الأدب" من خلال الحديث عنها، معتبراً أن ما يحدث من رئيس التحرير ليس خطأ سياسي لكنه إسفاف، واستهانة بالثقافة والمثقفين، واصفاً ان المجلة الموجودة حاليا ليست "أخبار الأدب" لكنها "عفريتها"!. يذكر أن العفيفي أصدر عدداً تتصدر غلافه صورة حسن البنا، وكتب تحتها مقالة افتتاحية بعنوان "شخصية تخترق الزمان والمكان ولا تحترق أفكارها".