أصبح «تصدير الجهاد» عملة رائجة في السوق العربي، و تجارة مثمرة تدر على صاحبها بالأموال، وإن كان ذلك على حساب دولة تعد من اللحمة الواحدة ، وذات اللغة، ك«سوريا» البلد العربي، وكأنها تحولت إلى دولة عدوة مثل إسرائيل. ونحو هذا المنطلق نشرت صحيفة «الفاينانشال تايمز» تقريرا ترى فيه أن دول شمال إفريقيا «استفاقت من تصدير الجهاد»؛ وقال بورزو دراجي كاتب التقرير من القاهرة إن ليبيا وتونس ومصر، وإلى درجة ما الجزائر، شجعت ضمنيا مدة عامين تقريبا شبابا متشددين على الالتحاق بالمعارضة السورية المسلحة والقتال ضد نظام بشار الأسد. ولكن الهجمات الأخيرة التي نفذها المتشددون الإسلاميون في بلدان شمال إفريقيا جعل هذه الحكومات، حسب الصحيفة، تسارع إلى قطع الطريق على الشباب المتوجهين إلى بلاد الشام. وذكرت الصحيفة أن دول شمال إفريقيا كانت تفكر بمنطق مفاده أن المتشددين الذين يرفعون السلاح في صفوف المعارضة السورية لا يرفعونه في بلدانهم، ولكنها غيرت حساباتها في مطلع هذا العام. فقد هاجم المتشددون الإسلاميون منشأة للغاز في الجنوب الجزائري على الحدود مع ليبيا، مخلفين عشرات القتلى، واغتالوا في تونس معارضا سياسيا بارزا. ومع عدم تأكد علاقة هؤلاء المتشددين الذين يقفون وراء الهجمات بالمعارضة المسلحة في سوريا، فإن أعمالهم كانت بمثابة تحذير من أن المهارات القتالية التي اكتسبوها في سوح المعارك السورية قد تعود إلى أرض الوطن. وخلصت الصحيفة إلى أن هذا الدرس فهمه قادة الدول العربية المطاحة، المصري حسني مبارك، والتونسي زين العابدين بن علي والليبي معمر القذافي، إلى جانب قادة دول الخليج، الذين سمحوا بسفر المتشددين الإسلاميين للقتال في أفغانستان في الثمانينيات. دعاة الجهاد وحول دعاوى بعض المشايخ الشباب العربي للجهاد في سوريا أكد الشيخ صلاح الدين بن إبراهيم أبو عرفة أحد أئمة المسجد الأقصى المبارك أن فتاوى ودعوات الجهاد في سوريا التي تصدر عن بعض من يسمون أنفسهم علماء دين هي محض كذب وبهتان. وأوضح أبو عرفة أن الجهاد لا يكون بين أهل الدين الواحد، متسائلا كيف صارت بوابة الجنة من دمشق ونحن جيرانها في فلسطين وغزة وبيت المقدس وتحتلنا إسرائيل ولم يدع أحد إلى الجهاد فيها قولا أو فعلا. وقال أبو عرفة في حديث لقناة «الميادين»: "لو كانوا صادقين مصيبين لكانت فلسطينالمحتلة أولى بمثل دعواتهم هذه فبيت المقدس كان علما معروفا من ستين سنة أين هم منه ولماذا لم يجندوا ويجيشوا من أجله مثلما فعلوا في سوريا". وأضاف أن فتاوى ودعوات الجهاد في سوريا التي تصدر عن بعض من يسمون أنفسهم علماء دين هي محض كذب وبهتان غرضها مرضاة أعداء سوريا والمسلمين عموما ولا ينبغي التأخر عن تكذيبهم و كشف زيفهم وضلالهم. وأوضح الشيخ أبو عرفة أن الجهاد لا يكون بين أهل الدين الواحد متسائلا كيف صارت بوابة الجنة من دمشق ونحن جيرانها في فلسطين وغزة وبيت المقدس وتحتلنا "إسرائيل" ولم يدع أحد إلى الجهاد فيها قولا أو فعلا مؤكدا أن هؤلاء الدعاة كذبة وخونة. وتابع أمام الأقصى أن الجماعات التي جاءت إلى سوريا باسم الدين هي أبعد ما تكون عنه لأن كل من جاء يبتغي دم المسلم ويرفع راية الإسلام بدم أخيه أو في عرضه وماله كائنا من كان وتحت أي مسمى كان فهو خائن كذاب". مافيا التجنيد وعلى جانب أخر تسعى تونس للحد من تهريب الشباب إلى سوريا للجهاد هناك، حيث أطاحت الجهات الأمنية في منطقة "القرجاني" وفرقة مكافحة الإرهاب للحرس الوطني في منطقة "العوينة" بعدة شبكات وخلايا تعمل على تهريب أو تسهيل سفر الشبان التونسيين الراغبين ب«الجهاد» في سوريا. وحسب ما نشرت صحيفة «الصباح» تعمل السلطات التونسية على مكافحة ظاهرة تجنيد الشباب التونسي وتسفيره إلى تركيا أو ليبيا ومنهما إلى سوريا أو العراق أو حتى مالي. كما كشفت الشرطة النقاب مؤخرا، عن وجود بعض الشبكات والمافيات والخلايا التي لا علاقة لغالبيتها في الشأن الديني أو السياسي أصبحت تستثمر في مثل هذه الأنشطة واندمجت منذ أشهر عديدة في تسفير الشباب التونسي ل«الجهاد» في سوريا فقط من أجل الربح المادي. ويستمر مسلسل تجنيد الشباب العربي للجهاد في سوريا وتحريرها من بطش الرئيس السوري بشار الأسد على حد وصفهم، وكأن سوريا تحولت إلى ساحة للحروب والقتال.