عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة؛ صدر للأديبة والروائية "سناء أبو شرار" الطبعة الثانية لأربع من رواياتها، هي: "جداول دماء وخيوط الفجر" ، "أنين مدينة"، "رائحة الميرامية"، "غيوم رمادية مبعثرة". صمم اغلفتهم جميعا إسلام الشماع. يذكر أن الأديبة والروائية "سناء أبو شرار" صدر لها من قبل روايتان عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام هما "أساور مهمشة / من دفاتر امرأة" عام 2009، و"رحلة ذات لرجل شرقي" عام 2010.
ومن مقاطع رواية "جداول دماء وخيوط الفجر" : فلسطين... زهرة دافئة في ثلج كندا في عيونك يا ليلى أرى جبال الخليل وتبتل قدماي بأمواج بحر غزة في عيونك أرى طفولتي في أرضي البعيدة ويعود صباي من الأفق البعيد فهل تعرف عيونك يا ليلى جبال القدس وعنب الخليل وأمواج غزة ؟ هل ستدرك عيونك أن دموعي تسقط أمطاراً في أرضٍ أخرى يا ليلى، لا تنسي أبداً أن الحياة قد تظلم وأن الموت قد يحررنا من ظلم الحياة وحين يأتي الموت دعي روحي تعرف السعادة في أرض فلسطين لا تنسي أن حلمي هو قبرٌ هناك بين جبال الخليل أو قرب شاطئ غزة...
ومن أجواء رواية " أنين مدينة " كتبت شعلان : انتزعتُ نفسي من جدران قلعتي الصغيرة، لمست يداي الجدران والحجارة، أغلقت الأبواب جميعها، غرق البيت بالصمت الشديد، ونواح عميق أسمعه يصدر من كل الجدران التي تودعني. أغلقت الأبواب والنوافذ، ولكنني خلف تلك الأبواب والنوافذ تركت روحي وسعادتي الوحيدة التي عرفتها في هذه الحياة، خرجت جثتي من ذلك البيت تحملها قدماي المتعبتان، فروحي باقية هناك خلف تلك الجدران، وأسمع أنينها الباحث عن الجسد الراحل. شعور بالألم كان ينتابني دائماً حين أرى اقتلاع الأشجار، ولكنني الآن أعرف ألم اقتلاع البشر من جذورهم، أن يصبح وجودهم مجرد أشلاء نضعها في طائرة ما، ونرسلها إلى أي مكان حتى ولو كان إلى الجحيم أو ربما إلى أجمل بقاع الأرض ولكن حين تقتلع الجذور هل تستطيع النفس أن تعرف المعنى الأول للسعادة؛ للأمن؛ للكرامة؟ لن تعرفها، لأن كل هذه المعاني تم اقتلاعها، لأنها وببساطة هي جذور الوجود. وكان لابد أن أودع المكان الأخير، غرفتي الصغيرة على السطح، لابد أن أودع مدينتي التي رفضت الظلم الواقع عليها. حين وقفت خلف النافذة، لم أبك وأدركت أنني رغم كل الألم لن أغير طريقي حتى ولو عاد بي القدر إلى الوراء. أن أبقى مخلصاً لأنين هذه المدينة، ألا أغلق السمع والبصر عن الأنين والقهر.. أغلقت باب الغرفة وحملت مدينتي في صدري ورحلت.
أما روايتها " رائحة الميرامية " فمن أجوائها: عدت أدراجي إلى السيارة، لأذهب إلى المكتبة العربية الوحيدة الموجودة في مدينتي، والتي لم أفكر أبداً حتى بالدخول إليها، أردت أن أقرأ أي كتاب باللغةالعربية، أي ورقة، أي سطر...
دخلت بخطوات بطيئة، تأملت رفوف الكتب التي نقشت عليها العناوين بأحرف عربية تلعمتها وكتبتها في ماضٍ بعيد، غرقت عيناي بدموعٍ صامتة خبئتها خجلاً وتحفظاً، تجولت في المكان ببطٍ شديد، أردت أن أرى جمال الحروف دون إدراك معناها، أن أتأمل حرف الجيم والباء والتاء و...أردت أن أجلس على الطاولة الضخمة وأبكي كثيراً، ولكنني اكتفيت بأخذ أي كتاب وجلست، لأنني لم أعد أستطيع الوقوف، نظرت إلى صفحاته، وكنت أصارع دموعي، ثم فقدت قوتي القليلة أمامها، بكيت بصمت...
تناولت قلمي وكتبت اسم والدي وأمي واسمك واسم ناصر، الحروف شكلت صورة إنسانية رائعة الجمال لماضٍ بعيد تجاوزته أو اعتقدت أنني تجاوزته، ما سعيت لنسيانه لسنوات كثيرة أعادته لي هذه الحروف القليلة، الجميلة ولأول مرة أكتشف يا سارة أن شوقاً جارفاً يسكن قلبي لهذه الحروف وإلا لماذا داهمني البكاء، لماذا شعرت بهذا الألم الشديد؟ هل أسأت لقلبي بأن اقتلعته ليس فقط من الجذور، بل أيضاً من أحرف وجوده الأولى... هل نرتكب حقاً الجرائم بحق أنفسنا؟!! .
وأخيرا من أجواء رواية " غيوم رمادية مبعثرة " : الزغاريد ملأت أصداؤها الفضاء الواسع الذي يحيط بالجبال، الموسيقى رافقت تلك الزغاريد، لتنشر في المكان أنشودة السعادة، التي ترافق الزواج، ترافق ميلاداً جديداً لحياة عرفت ميلاداً قديماً. صدى الموسيقى كان يسري في الجو كنسمات راقصة بين الظلام الذي غمر الجبال، وضوء القمر الذي احتضن قمم الجبال العالية، وتساءلت : كيف لهذا النور الضعيف، الخجول أن يُعطي انطباعاً بالدفء لهذه الصخور الخشنة، فتبدو لينة، حنونة تحت خيوط النور الضعيفة، أما هي فنور الحب لم يستطيع أن يحتض أحزانها، وأن يُبعثر الألم الذي عرفته مبكراً...