- الأدب لا يحمل إجابات بل يثير التساؤلات و يدفع الإنسان للتفكير - نادى السيارات تدفع القارئ لإعادةقراءة المشهد المصرى - تاريخنا الحقيقى ليس فى المدارس..و السادات انقلب على ثورة يوليو - دعم أسعار الكتب ليس دور دار الشروق بل الدولة - مهرجانات فاروق حسنى ابعد ما تكون عن الثقافة هناك فرق بين ما نقرأه و ما نكتبه ، و بين الحياة ، هكذا عبر الأديب علاء الأسوانى ، قائلا الفن يكثف الحياة إلى كل ما هو ذات دلالالة و أهمية . كان ذلك خلال ندوته أمس الذى تحدث به عن روايته ، و مستقبل مصر السياسى و الثقافى ، بصالون الطريق الثقافى التابع للتيار الشعبى و حضر الندوة المخرج خالد يوسف و المنتج محمد العدل . و أوضح الأسوانى فى حديثه لشبكة " محيط " عن روايته الجديدة " نادى السيارات " أن رأى الشخصيات بالرواية ينفصل تماما عن رأى الكاتب . و عن المقولة التى وردت بالرواية أن " العامل إن امتلك الوعى الصحيح سيكون ثورى حقيقى ، أما الخادم تعرض لتشوهات تجعله غير قابل للتغيير " ، علق أن هذة مقولة أوديت أحد شخصيات الرواية وهى إنجليزية ماركسية ، و فى فكر كارل ماركس " طبقة البروليتاريا " هى الطبقة العاملة ، التى غالبا ما تقوم بأعمال تسبب لها تشوهات نفسية ، و عبر الأسوانى أنه لا يتفق مع رأى الشخصية . أما عن مقولة " من تعود الظلم لا يستطيع أن يفهم العدل " قال الأسوانى أنها مقولة " الكوو "و هو يمثل رأى الاستبداد ، و أنه يصور هنا التشابه مع فكر نظام مبارك بأن الشعب لا يسير سوى بالكورباج . و عن علاج التشوهات التى نتجت عن حقب الاستبداد ، أكد الأسوانى أن هذا الاختيار التى تضعنا الرواية أمامه ، فهناك من يختار الاستبداد مقابل الأمان و أكل العيش ، و هناك من يصر على الحرية حتى و إن مات من أجلها ، فمن ثاروا ورطوا البقية الذين لم يريدوا الثورة ، و كانوا يمتهنون من أجل لقمة العيش و راضيين بذلك . و تابع الأسوانى أنه قابل فئات من الناس يمثلون هذا الفكر ، بقولهم " فين أيامك يا مبارك ؟ " ،و الطبقات الغنية التى لم تستشعر معاناة الشعب ، و تنظر للشعب باحتقار ، و برؤيته للتضحيات التى بذلت فى الثورة ، فهو يراهم لا يستحقون تلك التضحيات . كما فسر الأديب أن تشوهات النظم الإستبدادية هى السبب فى هذا النمط من التفكير ، مدللا أن فى الرواية يبررون الضرب لأنهم أخطأوا ، أما المجموعة الثورية ، فرفضوا مبدأ الضرب من الأساس ، مشبها بذلك من برروا عنف الشرطة ، مطلقين عبارات عملاء و مأجورين و بلطجية ، مؤكدا أن الثورة قامت لمنع التعذيب و إهانة كرامة الإنسان . و أكد أن الرواية لا تقدم إجابات ، فهذا ليس دور الأدب ، بل يقوم على إثارة التساؤلات لجعل القارئ يفكر . و قال الأسوانى أن الرواية تحتمل عدة قراءات ، فأكد أن بالفعل الرواية تضمن تحذير ضمنى ان ازدياد الطغيان و انقطاع سبل الحل السلمى يدفع للعنف ، و أن هناك قراءة أخرى أن أنصاف الثورات لا تصلح ، كما عبر أبطال الرواية للطاغية " يا أما أنت يا احنا " ، وأن الفكرة هنا أن على الثوار الاستمرار و عدم التراجع ، فإن تراجعوا الطاغية لن يتركهم . و بسؤاله عن وصفه لأم سعيد بالرواية - و هى زوجة همام من أعيان الصعيد ، تغيرت بهم الأحوال ، واضطر الأب للسفر بأسرته للعمل بالقاهرة ، و قاده الطريق للعمل ب " نادى السيارات " و موته قهرا على يد " الكوو " – بأنها الأم التى تحب أولادها بلا شروط ، مهما أخطئوا فى حقها تظل تحبهم . فتشعر مع كلماته أن أم سعيد هى رمز لمصر ، و أبنائها يمثلون مختلف فئات الشعب المصرى ، كامل الشاب الثورى ، و سعيد أنانى لا يهمه سوى جمع الأموال ، و محمود بسيط الفهم الذى يسير وراء الآخرين بسهولة ، و صالحة مثال البنت المصرية و ما تعانيه فى المجتمع ، فأكد الأديب الأسوانى على صحة هذة الرؤية الرمزية التى تمثلها الشخصيات . نادى السيارات و خلال الندوة تحدث الأسوانى عن روايته " نادى السيارات " قال أنها تنتمى لروايات المكان ، فكل مكان محمل بتاريخ إنسانى ، و تابع أن الكتابة عن المكان تتبع قواعد معينة ، منها أن يكون هذا المكان واقعى ، محاط بإطار تاريخى ، أما عن الشخصيات فتكون من وحى خيال الكاتب يسير بها فى خط درامى معين ، كثلاثية نجيب محفوظ . و تابع أن دور الكاتب أن يوهم القارئ بأن هذا الخيال حقيقية ، و عن كسر الإيهام الخاطئ قال الأسوانى أنه يفسد العمل ، و الكاتب الجيد هو من يجعلك لا تدرك الخيط الفاصل بين الحقيقة و الخيال ، و قال الأسوانى أن العمل الفنى يقدم نماذج من المجتمع ، لكن لا يقدم حقيقية إجتماعية . كما أكد الأسوانى أنه يتبع معايير الأدب العالمية فى رواياته كما تعلمها ، و التى تعتمد على البحث الروائى ، لإنشاء عالم منفصل و بلورته ، مشيرا أن تعريف الأدب هو حياة على الورق تشبه حياتنا اليومية و لكنها أكثر عمقا و أكثر دلالالة و أكثر جمالا ، و هو ما قام به بقراءة الكثير من الكتب و الروايات عن عصر الأربعينات ، و الملك فاروق . عبر الأسوانى أن الاسئلة التى تثيرها هذة الرواية ، هى الأسئلة التى نحاول أن نجيب عليها الآن ، فيضعهم أمام اختيار صعب الاستبداد مقابل الأمان ، مما يجعلنا نعيد قراءة المشهد المصرى ، و ما التغييرات التى تطرأ على المستبد به ، الذى يجعله يرفض الاستبداد و يبحث عن الحرية ، أو يبرر الاستبداد ، حتى لا يواجه خطورة فقد الأمان . و عن قصة اختراع أول سيارة قال الأسوانى أنها قصة مؤثرة كانت انطلاقا لروايته ، يصور فيها مدى معاناة مخترعها ووقوف زوجته بجواره ، حتى خرج اختراعه إلى النور ، وسط هجوم المتشددين الذين اتهموه بأنه باع روحه للشيطان ، لإنه يريد استبدال الأحصنة بسيارة بمحرك ! و فى الوقت الذى هاجم فيه المتشددون راكبى السيارات فى ألمانيا و كانوا يلقونهم بالحجارة ، فكانت الأجواء فى مصر مختلفة ، فأحب المصريين السيارات ، و كان يقام سباقات للسيارات للرجال و النساء ، و كانت المرأة الفائزة فى اول سباق هى سهير هانم ، مما يدل على مدى انفتاح المجتمع المصرى فى ذلك الوقت ، وصولا إلى مجتمع " نادى السيارات " التى تتحدث عنه الرواية ، و الصراع بين مجتمع الخدم و مجتمع الأعضاء . الأدب و الثورة الأدب يقدم قيم إنسانية و ثورية ، هكذا عبر الأسوانى مؤكدا أنه كان دوما متفائلا أن الثورة ستحدث ، و الآن هو متأكد أنها ستنتصر ، و رغم محاولات إجهادها و لكنها مستمرة . و أن السير على مسار النظام القديم ، و عدم التغيير يعد خيانة للثورة ، و قال الأسوانى أن التغيير لن يحدث إلا عندما يصل من قاموا بالثورة إلى السلطة ، و أن اسوء شئ فى العالم هو استخدام السياسة فى وقت الثورة ، فالسياسة عملية و مصالح ، و عكسها الثورة التى تعد حلم بالمستحيل ليس لها حدود . و رفض الأسوانى أن نقع فى نفس الخديعة مجددا ، قائلا أن ما حدث فى البرلمان الأول سيتكرر فى الثانى ، ووصف مجلس الشورى بالباطل ، و أن النواب يتحولون لكومبارس متكلم ، و طالب الأسوانى بانتخابات رئاسية مبكرة . و تعجب الأسوانى من العالم الافتراضى الذى يعيش به الأخوان الملئ بالتبرير ، فطرحوا نفسهم كتيار له مشروع و عندما وضعوا فى التجربة أثبتوا فشلهم . و عن الرغبة المحمومة للنظام الحالى فى الحصول على القرض ، يعبر عن فشلهم فى إدارة الدولة بتطبيق السياسات الاقتصادية للنظام السابق ، و أنهم بذلك يريدون فصل قطاعات كبيرة من الشعب عن المعارضين لحكم الأخوان ، ، و أن ما يحدث الآن صراع بين نظام فاشى و الثورة ، و قال الأسوانى أننا نحتاج لإبداع فى فن المقاومة كما فعل أهالى بورسعيد . الثقافة و التاريخ " التاريخ الحقيقى لا نتعلمه فى المدارس " هكذا عبر الأسوانى ، مدللا أنه و هو فى المرحلة الإعدادية توفى عبدالناصر ، و تولى السادات ، و حينها قام منافقو التربية و التعليم بإقرار كتاب السادات عن عبد الناصر ضمن المنهج ، و عندما انقلب السادات على ثورة 52 بإعلانها ثورة التصحيح ، فألغت الوزارة كتاب ناصر و أقرت كتاب عن ثورة التصحيح . و علق الأسوانى على مظاهرة الشباب ضد دار الشروق ، قائلا أن دعم الثقافة ليست وظيفة دور النشر الخاصة ، بل وظيفة الدولة ، التى يجب أن تقدم دعم مادى لطرح طبعات شعبية ، و أكد أنه لا يدافع عن دار الشروق فهى قادرة عن الدفاع عن نفسها و لكن مطالبتها بأن تقوم بعمل نبيل و تخفض أسعار الكتب ضد طبيعة الأشياء ، فهذا دور الدولة . ووصف مهرجانات الثقافة التى كان يقيمها فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق فى عهد الرئيس المخلوع مبارك بأنها أبعد ما تكون عن الثقافة و كانت يجب أن تكون تابعة لوزارة السياحة ، و أن الدولة تخلت عن دورها منذ قام فاروق حسنى بالتخلى على كل من لا يحقق الربح .