يا رزاق يا كريم ..صبحنا وصبح الملك لله .. صباح الخير .. هنا مصر .. هنا المقر الرسمى لحزب اعداء النكد .. نهارك سعيد انت قارئ لصحف الصباح ؟ تحب طبق الفول على مائدة الافطار ؟ لا تقاوم رائحة الطعمية السخنة ؟ لا تنسى اذن ، قرطاس مخلل وبتنجان بجنيه والنعناع الاخضر مع الشاى .. عظمة !
انت مصرى بامتياز ، تبتسم ولو في القلب وجع ، وتتفاءل حتى لو تعقدت الامور ..
ونحن مثلك .. ومثلك بالملايين .. متعشمين في وجه الكريم ، نصبر على الحياة وننتظر جديدا ينسينا القديم .. وان جاءنا مالا يسرنا قلنا ( يا فتاح يا عليم .. ) !
هذه صور تروى حكايات من مصر ..لكل شاب فتح الراديو وضبط الصوت ..ولكل حكيم يتأمل في الملكوت ..
لكل شاطر يسأل عن اخبار الناس والشغل والبنكنوت ، ولكل طيب سابها على الله وتوكل على الحى الذى لا يموت ..
وجوه في الزحام .. ولكل صورة حكاية
1- محمد المراكبى الاسمر ..ابتسامته لا تغيب مثل الشمس في الاقصر وان كانت سيالة الجلابية خاوية .. ( والجيب مافهش ولا مليم .. برضه الفقير له رب كريم) حين قامت الثورة لم يكن له امل غير تغيير المحافظ الذى اجلاهم عن بيتهم القديم ليوسع ويطور ممر الكباش المؤدى للمعبد .. لكنه الان فقد كل زبائنه بعد ضرب السياحة .. تنقل في اكثر من عمل واكثر من محافظة .. اكل العيش ليس سهلا .. لكنه لا يزال يحب النيل ويحن للنجوم تلمع في السماء ليلا فوق معبد حاتشبسوت ولم يتمنى من قلبه شيئا اعز من ان يعود (مراكبى ) من جديد
2-- .. ...( اركب الحنطور .... واتحنطر ) لا زالت اشهر اغنية شعبية يعتز بسماعها (من جهاز كاسيت كبير ) كل من يعتلى ظهر عربة الحنطور التى تتمشى على النيل بالزبائن الفرحين ( الربع ساعة بخمسة جنيه والحسابة بتحسب ) لكن عربجى الحنطور ليس مثل زبائنه ، لاهو فرح ولا مرح ولا نفسه مفتوحة لسماع الاغانى ... هو تائه مهموم في عالم تانى ! يفكر في حصانه المريض المحبط ، وبعدها يفكر في اولاده واهله في البيت .. من اين يستطيع ان يطعم تلك الافواه المفتوحة .. وكيف يستطيع ان يعود (شايل ومحمل ) لتلك العيون المنتظرة ...؟؟؟
3- ام خليل تخبز العيش الفلاحى امام نار الفرن بالساعات ، وتعمل لصالح فندق سياحى عالمى شهير ، يحب ان يضع على موائده العيش المخبوز يدويا على طريقة ابناء البلد التقليدية القديمة .. لكن الفندق الان شبه خاوى و الضيوف الاجانب غائبين خائفين .. و(اكل العيش ) مهدد ، تسال ام خليل لماذا قامت الثورة اذن ؟ وماذا استفاد الغلابة ؟!!
4- انا بالذات ( على الربابة بغنى ) الزى الرسمى جلباب الصعيد والسياح تسعدهم الابتسامة والسلام من القلب قبل الايد بالربابة اسمعهم اجدع تعظيم سلام ..فهم ضيوف الفندق الذى اقف على بابه و هذه مهنتى وغيتى واكل عيشى
الشغل عمره ما كان بيتعب .. المهم روقان البال يا خال
5- محمد ومحمود – 9 سنوات - اطفال يبيعون الحلوى .. القمع بجنيه .. عسل اسود ملفوف قراطيس في الفخار .. عسلية الصعايدة .. واسمها (جلاب ) على خط قبلى .. الأطفال يسافرون يوميا بالقطار من نجع حمادى الى الاقصر ليبيعوا بضاعتهم .. فقراء لكنهم يعتزون بكرامتهم .. يعرفون انهم باعة الحلوى ويرفضون اى جنيه بلا مقابل فهم شرفاء لا يتسولون .. هكذا يتعلمون في بيوتهم التى يغادورها كل صباح للعمل والجرى وراء لقمة العيش.