شيّع جثمان عالم الدين السوري محمد سعيد رمضان البوطي من منزله في ساحة شمدين بالعاصمة دمشق، السبت، إلى مسجد بني أمية الكبير للصلاة على روحه ثم دفنه خلف المسجد بجانب قبر صلاح الدين الأيوبي. وكان ناشطون تحدثوا عن انتشار أمني كثيف في منطقة الحريقة وإغلاق الطريق الممتد من جسر الثورة إلى سوق الحميدية بدمشق تمهيدا لمرور موكب الرئيس السوري بشار الأسد الذي شارك في التشييع، وفقا لما ذكرته قناة "سكاي نيوز" عربية.
وتبادل كل من الائتلاف السوري المعارض والحكومة السورية الاتهامات حول المسؤولية عن مقتل البوطي في التفجير، كما نعت كل الأطراف وفاته وأدانت المسؤولين عن ذلك.
وفي هذا السياق ، طالب الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، بتحقيق دولي تقوم به الأممالمتحدة للكشف عن المسئولين عن اغتيال الشيخ البوطي.
وفي بيان أصدره اليوم ، نقلته وكالة "الأناضول" للأنباء، حمَّل الاتحاد نظام بشار الأسد مسئولية مقتل البوطى؛ لأن هذا النظام "هو المسئول عن أمنهم (أي السوريين)، كما أن أصابع الاتهام توجه إليه بعدما تبرأت المعارضة السورية" من دماء البوطي.
وخلال خطبة الجمعة التي ألقاها أمس في مسجد عمر بن الخطاب بالعاصمة القطرية الدوحة، اتهم يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، نظام الأسد بتدبير عملية قتل البوطي، مطالبًا بالتحقيق في ذلك.
وقال: "مسجد الإيمان (الذي قُتل فيه البوطي) يقع في منطقة آمنة لا يدخلها أحد إلا بعد تفتيش، لا يدخلها إلا من هم آمنون على أنفسهم من أتباع النظام، لابد أن هؤلاء الذين قتلوه أتباع للنظام".
وشكك في الروايات العديدة التي ساقها نظام الأسد بشأن مقتل البوطي، وقال: "كنا نود ألا يدفنوه (أي: البوطي) إلا بعد أن يشرِّح الطب الشرعي جثته، ويقول لنا بأى شيء قُتل، قُتل بالرصاص أم الديناميت".
في المقابل، رفض القرضاوي اتهام المعارضة السورية والشعب السوري بقتل البوطي، مشددًا على أن " أهل سوريا لن يقتلوا عالمًا ولا مصليًا وإن اختلفوا معه".
ولفت إلى أنه رغم اختلافه مع الشيخ البوطي - الذي قال إنه كان صديقًا له - بسبب وقوفه مع نظام الأسد، ومخالفته في هذا الأمر لعلماء سوريا، إلا أنه كان يأمل أن يهديه الله، وقال: "لا أستطيع إلا أن أدعو الله له بالمغفرة وبالرحمة".
وبينما اتهمت الحكومة السورية الجيش الحر بقتل البوطي، نفى الأخير ذلك معتبرًا أن نظام الأسد هو "من وضع المتفجرات داخل المسجد لتشويه صورة الثورة السورية".
وقتل البوطي في تفجير انتحاري استهدف مسجدا في حي المزرعة وسط العاصمة السورية، ما أسفر عن مقتل 49 شخصا وجرح 84 آخرين، حسب ما أعلنت وزارة الصحة السورية.
والبوطي (مواليد عام 1929) من المفكرين الإسلاميين البارزين، وله مؤلفات مشهورة أبرزها كتاب "فقه السيرة النبوية".
وعلى غير عادته بالابتعاد عن السياسة، فاجأ الراحل الأوساط السياسية والدينية بعد تفجّر الثورة السورية في مارس/ آذار عام 2011 باتخاذ مواقف مؤيدة لنظام بشار الأسد في سوريا، وأعلن رفضه للاحتجاجات المناهضة للنظام، ودعا المحتجين إلى "عدم الانقياد وراء الدعوات مجهولة المصدر التي تحاول استغلال المساجد لإثارة الفتن والفوضى في سوريا".
لكن مصادر مقربة من البوطي ذكرت خلال الأيام الأخيرة أن عددًا من أفراد عائلته غادر إلى لبنان مؤخرًا تحضيرًا للذهاب إلى تركيا.