قررت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار مصطفى حنفي، نائب رئيس مجلس الدولة، إحالة الطعون المقدمة من هيئة قضايا الدولة وآخرين، على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "أول درجة" بوقف إجراء انتخابات مجلس النواب بمراحلها المختلفة، والتي كان محددا لبدايتها يوم 22 أبريل المقبل إلى دائرة الموضوع بالمحكمة، وحددت جلسة الأحد القادم لنظرها. وأوصت هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا بتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "أول درجة"، وانتهت في تقريرها بالرأي القانوني إلى التوصية برفض الطعن المقدم من هيئة قضايا الدولة على الحكم.
حضر الجلسة عدد من المحامين الذين انضموا إلي مقيمي الدعوي الأصلية ، وطلبوا تأييد حكم القضاء الإداري، وفي مقدمتهم الدكتور جابر نصار أستاذ القانون الدستوري والمهندس حمدي الفخراني عضو مجلس الشعب السابق ومرتضي منصور المحامي.. فيما حضر كل من عبدالمنعم عبدالمقصود وجمال تاج الدين المحاميان بجماعة الإخوان المسلمين منضمين لهيئة قضايا الدولة في طعنها ومطالبين بوقف تنفيذ الحكم.
واستمعت المحكمة الإدارية العليا، إلى المرافعات في الطعن، حيث طالبت هيئة قضايا الدولة (محامي الحكومة) بوقف تنفيذ وإلغاء حكم القضاء الإداري، والقضاء مجددا بعدم اختصاص المحكمة والقضاء عموما بنظر الدعوى باعتبار أن قرار دعوة الناخبين للانتخابات البرلمانية يمثل عملا من أعمال السيادة التي تخرج عن نطاق اختصاص ورقابة القضاء، وعلى سبيل الاحتياط بتعديل الحكم إلى وقف الدعوى تعليقيا لحين فصل المحكمة الدستورية العليا في دعوة منازعة التنفيذ المقامة أمامها طعنا على قرار دعوة الناخبين للانتخاب.
وقال ممثل هيئة قضايا الدولة، إن الطعن المقدم من الهيئة على حكم القضاء الإداري، قد أقيم على سند من كون هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة وفقا للدستور والقانون، وأن قانونها يخولها الحق في الطعن على الأحكام دون أخذ رأي أي من الجهات التي تنوب عنها الهيئة، باعتبار أنها تباشر عملها كنائب قانوني عن الدولة وليست وكيلا.. مؤكدا أن الطعن يعكس رؤية الهيئة ولا يعكس رؤية أي من المؤسسات.
وأوضح أن قضايا الدولة سارعت إلى الطعن على الحكم حرصا على إرساء المبادئ القانونية السليمة، مشيرا إلى أن حكم القضاء الإداري تعرض لمسائل هامة تتعلق بتفسير المادة 141 من الدستور على نحو يخالف صراحة النص، وقيام الحكم بوضع مفهوم جديد لأعمال السيادة، وتحديده لنطاق الرقابة السابقة على القوانين، مشيرا إلى أن مثل هذه الأمور تختص بها المحكمة الدستورية العليا وحدها وليس محاكم القضاء الإداري.
وأضاف أن كل ما تضمنه الحكم، كان محض تفسير لأحكام الدستور، دون أن يبين أوجه المخالفة التي تضمنها قرار دعوة الناخبين للانتخاب.. لافتا إلى أن نص المادة 141 من الدستور لم يتطرق مطلقا إلى وضع توقيع رئيس الوزراء بجوار رئيس الجمهورية في القرار.
وقال ممثل هيئة قضايا الدولة إن قرار دعوة الناخبين للانتخاب هو من صميم اختصاصات رئيس الجمهورية وفقا لما قرره قانون مباشرة الحقوق السياسية.. لافتا إلى وجود مئات الأحكام الصادرة من القضاء بأن هذا القرار من أبرز صور أعمال السيادة التي يختص بها الرئيس بصفته، معتبرا أن ما تضمنه حكم القضاء الإداري من أن صدور القرار قد جاء بالمخالفة للدستور نظرا بعدم أخذ موافقة رئيس الوزراء عليه، إنما يمثل هدما للمبادئ القانونية المستقرة عليها في شأن أعمال السيادة.
وأكد ممثل هيئة قضايا الدولة عدم انطباق الدفع الذي دفع به المطعون ضدهم، المتعلق بعدم قبول الطعن نظرا لاتصال المحكمة الدستورية العليا بالقضية.. موضحا أن ما استشهد به المطعون ضدهم من وجود حكم صادر من المحكمة الدستورية في عام 2005 ورد به عدم إمكانية تطرق أية جهة قضائية للدعوى حال أن اتصل بها علم المحكمة الدستورية لا سند له في القضية المطروحة على المحكمة، باعتبار أن الدعوى الماثلة تتعلق بالشق المستعجل في القضية وليس في موضوعها، بما يعني أن صدور حكم من الإدارية العليا بإلغاء حكم أول درجة لا يعني هدم الدعوى الدستورية.
وفي المقابل دفع المطعون ضدهم، بعدم قبول طعن هيئة قضايا الدولة، استنادا إلى أن القضية قد أحيلت للمحكمة الدستورية العليا.. مؤكدين أنه لا يصح أن تجري انتخابات في ظل قانون (مجلس النواب) مطعون عليه ومهدد بعدم الدستورية، على نحو من شأنه أن يهدد المجلس التشريعي برمته بالبطلان.
وقال جابر نصار في مرافعته أمام المحكمة أنه لا يوجد أي سبب أو مبرر للاستعجال في الفصل في الطعون أو وقف تنفيذ الحكم.. مشيرا إلي أن نظرية أعمال السيادة مستمدة من أحكام القضاء الإداري الفرنسي والتي كانت قد صدرت في الخمسينيات لدواع تطلبها هذا التوقيت، إلا أن القانون المصري أعلي من شأن قضاته ومنح القاضي سلطه تحديد أعمال السيادة عن غيرها.
وأضاف نصار أن الدستور عند كتابته تم شحن جميع السلطات ومنحها لرئيس الجمهورية، وهو ما يدعو للتوقف.. وهنا اعترض محامو الجماعة الحاضرين، وقالوا إن ما يقوله غير موجود في أي نص من نصوص الدستور.
وكانت هيئة قضايا الدولة قد ذكرت في صحيفة الطعن على الحكم، انه قد شاب الحكم عوار وأخطاء قانونية خرجت به عن كافة الأصول القانونية المقررة، والمتمثلة في هدمه لنظرية أعمال السيادة المستقرة في أحكام المحكمة الدستورية العليا ومحكمتي النقض والإدارية العليا وأحكام محكمة القضاء الإداري ذاتها، هدما كاملا، وغل يد رئيس الجمهورية عن مباشرة اختصاصاته السياسية، وما ينبني على ذلك من غل يده عن تنفيذ أحكام القضاء إلا من مرءوسيه، وتعطيل بعض مواد الدستور طبقا لمفهوم الحكم، وتفسيره للمادة 141 من الدستور.
وأضافت هيئة قضايا الدولة في طعنها أن حكم القضاء الإداري تعرض لمنازعة مطروحة أمام المحكمة الدستورية العليا متعلقة بذات الموضوع، متجاوزا اختصاص المحكمة التي أصدرته.
وأشار الطعن إلى أن المبادئ والأسس التي استند إليها الحكم ذات طابع يؤدي إلى تغير الأساس الذي قام عليه الدستور بشأن نظام الحكم في مصر، المختلط بين الرئاسي والبرلماني إلى نظام برلماني محض، ومن ثم فقد لزم الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا لتقول كلمتها، لما في ذلك من اثر على مستقبل العلاقات بين السلطات الثلاث في الدولة، وعلى الأخص علاقة السلطة التشريعية بسلطة الحكم.