أثارت فضيحة " لحوم الخيول" في بريطانيا رعب المواطنون، عندما اكتشفوا أنهم يأكلون لحم خيول بدلا من اللحم البقري، حيث يعتبر أكل لحم الخيل من المحظورات في بريطانيا، إلا أنه يعتبر أمرا شائعا للغاية في فرنسا. قالت بريطانيا أن هناك جريمة وراء بعض حالات وصول لحم الخيول إلى منتجات من لحوم البقر في متاجر الأغذية وسط فضيحة متصاعدة في بلد يعتبر فيه الكثيرون أكل لحم الخيل "أمر مرعب". واتسع نطاق فضيحة استخدام لحم الخيول في شرائح اللحم المصنعة "برجر" في بريطانيا بدلا من اللحم البقري، ليمتد إلى عدة دول أروبية من بينها فرنسا حيث يعقد عدد من الوزراء الذين تمت وزارتهم بصلة إلى استهلاك المواد الغذائية محادثات أزمة مع الأطراف الرئيسية في صناعة اللحوم. وقامت ست من سلاسل المنافذ الغذائية الكبيرة بسحب اللحوم المجمدة التي أنتجتها شركتا فندوس وكوميغيل. وتأتي هذه الخطوة بعد أن تم اكتشاف لحوم الخيول في صناعة لحوم البرجر في بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي. وأثارت هذه الفضيحة الكثير من الأسئلة حول تعقيدات شركات توريد صناعة التغذية في أنحاء الاتحاد الأوروبي، ومدى قدرة الهيئات الحكومية على رقابة مكونات اللحم والمنتجات التي تدخل في السلسلة الغذائية. وقد أثرت الفضيحة بالفعل على الموزعين في كل من بريطانيا وفرنسا والسويد وايرلندا ورومانيا.
مؤامرة إجرامية وأعرب وزير الغذاء الفرنسي جويلام غاروت عن رغبته في ضمان التخلص من جميع المنتجات المشكوك فيها. وتحقق السلطات في رومانيا في مزاعم أن واحدة من المجازر بالبلاد ضالعة في هذه الفضيحة. وفي بريطانيا حذر وزير البيئة اوين باتريسون من أنه يمكن أن تكون ثمة "مؤامرة إجرامية دولية" وراء تفاقم فضيحة لحوم الخيول.
وقد ذكر الوزير أن الحظر على واردات اللحوم القادمة من الاتحاد الأوروبي والذي دعا إليه البعض، غير وارد وفقا للقواعد المعمول بها في الاتحاد الأوروبي.
وصرح وزير البيئة البريطاني إنه سيقابل ممثلين لهيئة المعايير الغذائية وكذلك عدد من موردي اللحوم في بريطانيا، وذلك على خلفية فضيحة احتواء بعض منتجات اللحم البقري المباعة في بريطانيا وأيرلندا الشمالية على أثار من لحوم الأحصنة والخنازير، مشيرا إلى أن التحقيقات لا تزال مستمرة وأن الشرطة لم تكشف بعد ما إذا كانت القضية جنائية.
وقال باترسون " أنا أتفهم بالكامل قلق العديد من الأشخاص حيال هذا الأمر، فما حدث يعد أمرا غير مقبول"، معربا عن الاعتقاد أن قضيتي اللحوم البقرية المجمدة المباعة في "تيسكو" وكذلك اللازانيا في "فيندوس" لهما علاقة بموردين في أيرلندا الشمالية وفرنسا على وجه الخصوص.
وأضاف "نحن نعمل جنبا إلى جنب مع السلطات في تلك الدول وكذلك منظمة "اليوروبول" لفهم ملابسات ما حدث".
يشار إلى أن "اليوروبول" هي منظمة تابعة للاتحاد الأوروبي ووظيفتها حفظ الأمن في أوروبا عن طريق تقديم الدعم للدول الأعضاء في مجالات مكافحة الجرائم الدولية الكبيرة وكذلك الإرهاب.
وأوضح أن السلطات الفرنسية ترى أنها قضية احتيال وليست قضية تتعلق بالسلامة الغذائية، وانه يجب على المستهلكين إعادة تلك المنتجات إلى الموردين كإجراء احترازي.
ودعا وزير الدولة لشئون الغذاء في بريطانيا ديفيد هيث المستهلكين إلى الاستمرار في تناول اللحوم حتى يتم الكشف عن ملابسات ما حدث، فيما أعربت وزيرة البيئة عن حكومة الظل ماري كريغ عن مخاوفها إزاء الكشف عن مزيد من المنتجات التي تحتوي على لحوم الأحصنة والخنازير.
ومن جانبها، كشفت سلسلة محال "آلدي" عن احتواء منتجات اللازانيا والإسباجيتي بولونيز على ما بين 30% و100% من لحوم الأحصنة، فيما تم سحب تلك المنتجات من الأسواق، وذلك عقب تحذير الشركة الفرنسية الموردة "كوميجيل" كلا من آلدي وفيندوس على عدم مطابقة منتجاتها للمعايير الغذائية.
وبدورها، قالت هيئة المعايير الغذائية "أن فيندوس قد أجرت فحصا لحوالي 18 منتجا من منتجات اللازانيا ووجدت أن 11 منتج يحتوي على ما بين 60% و100% من لحوم الأحصنة"، فيما تم سحب بعض تلك المنتجات من الأسواق الفرنسية.
مؤسسات هشة وعلى الجانب السياسي كشفت فضيحة " لحوم الخيول" هشاشة مؤسسات الرقابة الصحية الأوروبية وإخفاقها، حيث تباع لحوم الحصان في دول الاتحاد الأوروبي على أنها لحوم بقر من دون أن تتمكن مؤسسات الرقابة الصحية من ضبطها.
وفيما أعلنت وزارة الزراعة الفرنسية أنها فتحت تحقيقا في المسألة واتصلت بوزارة الزراعة الرومانية، انطلاقا من مقولة أن عملية التلاعب في اللحوم تمت في رومانيا، اتهم النائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر جوزيه بوفيه مافيا الحصان الأوروبية بالوقوف وراء عملية التلاعب في اللحوم.
وأضاف بوفيه أن هذه المافيا لجأت إلى تصدير لحوم الأحصنة إلى أوروبا بدلا من لحوم البقر بعد انهيار أسعار سوق الخيل نتيجة لقرار السلطات الرومانية منع السير على الخيل في الطرقات، ويوجد في رومانيا 630 ألف حصان، الذي يلعب دورا مهما في حياة الرومانيين في الريف، ويساعد مئات آلاف العائلات على كسب رزقها.
ووفقا لصحيفة " الاقتصادية " أعلن رئيس جميع مربي الخيول الرومانية تيبوريو هيرمنيان أن الحصان في رومانيا يعتبر شريك عمل، وأنه لا يتم قتله إلا نادرا عندما تتعرض للحوادث أو عندما تهرم، وأضاف أن الرومانيين يحبون الخيل مثل البريطانيين وربما أكثر.
من ناحيتها أعلنت مسالخ اللحوم الرومانية أنها نادرا ما تقوم بذبح الخيول، لأنه لا يوجد زبائن للحم الحصان، واعتبرت أن المستورد الفرنسي هو المسئول عن هذه الفضيحة.
فيما أعلنت شركة "سابنجيرو" الفرنسية المستوردة للحوم من رومانيا أنها ضحية عملية احتيال، وأنها اشترت اللحوم من رومانيا على أنها لحوم بقر مع إفادة من المسالخ المعتمدة أوروبيا.
اعتذار رسمي وتعقيبا على فضيحة " لحوم الخيل" طالبت جماعة "الخط الأخضر" البيئية سلسلة مطاعم "برجر كينج" في الكويت إلى تقديم اعتذار رسمي للمجتمع عن فضيحة لحوم الخيول وتقديم إيضاحات موثقة تطمئن المجتمع تجاه ما تقدمه من وجبات غذائية.
ودعت الجماعة الجهات الحكومية المعنية وعلى رأسها بلدية الكويت ووزارة التجارة ووزارة الصحة والهيئة العامة للبيئة إلى التحرك الفوري والعاجل لسحب أية كميات قد تتوافر في الأسواق الكويتية من اللحوم الملوثة والمخلوطة بلحوم الخيول بعد أن اعترفت سلسلة مطاعم "برجر كينج" الشهيرة بوجود لحم أحصنة في وجباتها بعد أن نفت ذلك عقب انكشاف عينات همبرجر في سلسلة سوبر ماركت شهيرة في بريطانيا بحسب صحيفة "الغارديان".
وعبرت جماعة الخط الأخضر البيئية عن مخاوف صحية قد يتعرض لها من يتعاملون مع سلسلة برجر كينج خصوصا في ظل عدم الشفافية في نوعية الأغذية المستخدمة وبعد إنكارها لتلوث لحومها في بريطانيا بلحوم الخيول ثم اعترافها رسميا بذلك. واعترفت سلسلة مطاعم "برجر كينج" بوجود نسبة من لحم الحصان في عينة من اللحم لديها اخضعت لاختبار دي ان اي.
وذكرت صحيفة "الجارديان" أن برجر كينج نقلت مصنع اللحم لديها من ايرلندا في سلفركرست Silvercrest إلى ألمانيا وإيطاليا لتجنب تلوث وجباتها من ذلك المصنع سيئ السمعة عقب انكشاف فضيحة تلوث اللحم فيه بلحم أحصنة تبين أنها موردة من بولونيا مع تأكيد الشركة عدم وجود أي مخاطر صحية في وجباتها.
ووفقا لموقع الشركة هناك قرابة 260 مطعما لها في الشرق الأوسط في كل من السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وعمان ولبنان والأردن ومصر.
دعوى ضد مجهول
وأعلنت شركة فوندوس أنها ستتقدم بدعوى قضائية ضد مجهول في قضية التلاعب باللحوم، كما أعلن وزير الزراعة الروماني أن السلطات الرومانية ستفتح تحقيقا حول عملية بيع لحم الخيل بدلا من لحوم البقر، وذلك بعد إطلاع السلطات الفرنسية الحكومة الرومانية عن وجود مسلخين يبيعان لحوم الحصان على أنها لحوم بقر.
ومع سحب الوجبات المعدة للطهي من السوبر ماركت في أنحاء فرنسا ومع قلق الفرنسيين من هشاشة الرقابة على المنتجات الغذائية والصحية في فرنسا والاتحاد الأوروبي دعا وزير التربية الفرنسية فانسان بييون إلى عدم القلق والخوف، لأنه لا توجد مشكلة صحية في البلاد، مشيرا إلى أن وجبات الطعام في المطاعم المدرسية لا تخضع لوزارة التربية.
يأتي ذلك في حين سحبت ستة متاجر بقاله فرنسية منتجات اللازانيا ولحوم مصنعة أخرى من فروعها بعد تفاعل الفضيحة الأوروبية ببيع لحم الحصان على أنه لحم بقر.
وأفادت إذاعة "فرانس إنفو" أن سلسلة متاجر "أوشان" و"كازينو" و"كارفور" و"كورا" و"مونوبري" و"بيكار" سحبت كل منتجات اللازانيا ولحوم أخرى تحتوي على لحوم وردتها شركة "فيندوز" أو شركة "كوميجل" المتعاقدة معها.
وذكرت وكالة المعايير الغذائية أنه لا دليل يشير إلى أن لحوم الخيول تشكل خطرا على السلامة الغذائية، لكنها أمرت بإجراء اختبارات عن عقار "فينيل بيوتازون" البيطري، ولا يسمح للحيونات، التي تعالج بعقار "بيوت" بالدخول ضمن السلسلة الغذائية، وفقا لما ذكرته وكالة برس أسوشيشن البريطانية.
واضطرت شركة "فيندوز" للحوم المجمدة ومتاجر "تيسكو" و"آلدي" إلى سحب منتجاتها التي تحمل تصنيف لحم بقر، التي أظهرت الاختبارات أنها لحم خيل. وقالت الشركة الفرنسية التابعة لفيندوز أمس الأول إنها تعتزم اتخاذ إجراء قانوني بشأن القضية بدءا من اليوم.