يبدو أن قرية "باب الشمس" التي أقيمت على أرض فلسطينية مصادرة لغرض إقامة مستوطنة عليها، جاءت لتفتح أبواباً لقرى وشموس أخرى للحرية في الاراضي الفلسطينية، اذ تبعتها إقامة قرى "باب الكرامة" و"باب الحرية" وآخرها "المناطير" التي أقيمت أمس السبت على أراضي قرية بورين قرب نابلس شمال الضفة الغربية. "حرمة السبت"
واختار ناشطو المقاومة الشعبية امس السبت، وهو اليوم الذي تغلق فيه المستوطنات أبوابها ويتوقف فيه المستوطنون عن الاعتداء والتحرش بالمواطنين، لإقامة القرية المؤلفة من مجموعة خيام وبركسات. لكن ما أن شاهد حراس مستوطنة "يتسهار" الخيام تقام، حتى أعلن المستوطنون الاستنفار وخرقوا "حرمة السبت" ، وخرجوا شاهرين أسلحتهم.
وتصدى أهالي القرية وناشطو المقاومة الشعبية الذين قدموا من أنحاء الضفة للمستوطنين وقوات الاحتلال التي تداعت الى المنطقة وفرضت طوقاً على القرية الوليدة حيث دارت مواجهات واسعة استمرت ساعات وأصيب فيها عدد من المواطنين.
وحسبما جاء بصحيفة "الحياة" اللندنية اعتصم المواطنون والناشطون داخل القرية التي اطلقو عليها اسم "المناطير" تيمناً باسم مواقع الحراسة التقليدية للأرض، لمواجهة أي محاولات لهدمها كما جرى مع القرى المماثلة الأخرى.
وقرية بورين واحدة من القرى التي استولت اسرائيل على مساحات واسعة من أراضيها، وأقامت عليها مستوطنتين كبيرتين هما "يتسهار" و"هار براخة". وأقيمت المستوطنة الأولى على أجزاء من اراضي بورين وأجزاء من اراضي القرى المجاورة مثل عصيرة القبلية وحوارة وغيرها. وتعتلي المستوطنة قمة جبل سلمان الفارسي، وهو جبل كبير تمتد قمته على مساحة واسعة بطول عشرة كيلومترات، وتشكل نقطة المنتصف في أرض فلسطين التاريخية.
أما مستوطنة "هار براخة"، فهي أقيمت كبؤرة استيطانية خلال سنوات "انتفاضة الأقصى"، من عدد من المستوطنين، وتحوّلت في السنوات الأخيرة الى مستوطنة كبيرة.
وثمة مستوطنة تحمل اسم "براخه"، أي البركة، لا تبعد سوى كيلومترات من هذه المستوطنة. ويعد سكان المستوطنات الثلاث المتجاورة من أكثر سكان المستوطنات عدوانية اذ يشنون اعتداءات لا تتوقف على المواطنين في حقولهم ويستولون على اراضيهم بالقوة.
اعتداءات المستوطنين
وتتكثف اعتداءات المستوطنين في فصل الصيف، وتتركز على الفلاحين في حقول الزيتون بهدف ارهابهم ودفعهم الى هجرة حقولهم كمقدمة للاستيلاء عليها. وقال ناشطو المقاومة الشعبية انهم مصممون على مواجهة اعتداءات المستوطنين، ووقف توسعهم على أراضي بورين والذي طاول حتى اليوم أكثر من 2000 دونم من الاراضي الجبلية المزروعة بالزيتون.
وابتدع ناشطو المقاومة الشعبية أخيراً أسلوب إقامة القرى على الاراضي المصادرة لحمايتها من سرطان الاستيطان الذي لا يتوقف عن التمدد في قلب الاراضي الفلسطينية. وأقاموا قريتهم الأولى الشهر الماضي على أراضي شرقي القدس اطلقوا عليها اسم "باب الشمس"، وهو اسم رواية للاديب الياس خوري تؤرخ النكبة واللجوء والعودة والمقاومة.
سلسلة قرى وشكلت "باب الشمس" فاتحة لسلسلة قرى اقيمت في انحاء الضفة من الشمال الى الجنوب. واستقطبت ناشطي المقاومة الشعبية وقادة الحركة الوطنية الذين أخذ بعضهم يرافق الناشطين ويقيم معهم في الخيام بسبب الشعبية الكبيرة التي يحظون بها بين المواطنين.
وتكثفت الهجمة الاستيطانية في اراضي الضفة في السنوات الأخيرة علو نحو غير مسبوق. وتبين احصاءات اسرائيلية أن حكومة بنيامين نتنياهو قامت العام الماضي وحده ببناء 14 ألف وحدة استيطانية جديدة، تتسع بعد استكمال بنائها ل 60 ألف مستوطن جديد، الى جانب 650 ألف مستوطن سابق في الضفة. وتبين هذه الاحصاءات أن عدد المستوطنين ارتفع في السنوات الأربع الأخيرة من حكم نتانياهو الى 120 ألف مستوطن جديد.
فكرة "باب الشمس"
وجاءت فكرة إقامة القرية على هذه الأرض قبل نحو شهر عقب إصدار السلطات الإسرائيلية قراراً بإقامة مستوطنة مؤلفة من نحو أربعة آلاف وحدة سكنية عليها في المرحلة الأولى. وفكرة إقامة القرية واحدة من أفكار ريادية جديدة تبنتها الحركة الشعبية الفلسطينية لمقاومة الجدار والاستيطان.
ومن بين هذه الأفكار، قطع الطرق المخصصة للمستوطنات، وشن هجمات دعائية سلمية على المجمعات التجارية للمستوطنين للمطالبة بمقاطعة البضائع الإسرائيلية وغيرها. وأربك الناشطون الجيش الإسرائيلي الشهر الماضي عندما قطعوا عشرات الطرق المؤدية إلى المستوطنات.
وأعد سكان قرية باب الشمس لإقامة سلسلة ندوات وحلقات نقاش، وعرض أفلام وثائقية عن التاريخ الفلسطيني والمقاومة الشعبية.
ويتوقع أن تستقطب هذه الأنشطة العديد من سكان المنطقة. لكن التوقعات أن تعمل السلطات الإسرائيلية على إزالتها في أي وقت. وربما كان وجود عدد من المتضامنين الإسرائيليين والأجانب هو الذي حال دون قيامها بذلك فوراً.
وجاء في بيان صادر عن الناشطين: "نعلن نحن، أبناء فلسطين، من كافة أرجائها، عن إقامة قرية باب الشمس بقرار من الشعب الفلسطيني، بلا تصاريح الاحتلال، وبلا إذن من أحد، لأنها أرضنا ومن حقنا إعمارها".
وأضاف: "اتخذنا قراراً بإقامة قرية (باب الشمس) على أراضي ما يسمى منطقة اي 1 التي أعلن الاحتلال قبل شهور عن نيته إقامة 4000 وحدة استيطانية عليها، لأننا لن نصمت على استمرار الاستيطان والاستعمار في أرضنا، ولأننا نؤمن بالفعل وبالمقاومة، نؤكد أن القرية ستصمد الى حين تثبيت حق أصحاب الأرض على أراضيهم".
وجاء في البيان: "باب الشمس هو بابنا إلى الحرية والصمود. باب الشمس هو بابنا إلى القدس. باب الشمس هو باب إلى العودة".