كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في عددها الصادر اليوم الخميس ، عن التعاون بين الإدارة الأمريكية وحلفائها لوضع إستراتيجية لمكافحة ما يمكن تسميته ب"القاعدة 2,0". وأوضحت الصحيفة الأمريكية - في مقال تحليلي أوردته على موقعها الإلكتروني – أن "القاعدة 2,0" هو تهديد إرهابي ناشئ يفتقر إلى مركز متماسك، ولكنه يتسبب في تصاعد حدة الاضطرابات في بعض المناطق الفوضوية.
وأشارت إلى أن المسئولين الأمريكيين يشبهوا هذه المشكلة الجديدة في سرعة انتشارها بخلايا السرطان حيث تظهر الخلايا التابعة للتنظيم في أماكن متفرقة، وتتغذى على القضايا المحلية والشكاوى، لافتة إلى أن هذه الفصائل لديها اتصال أيديولوجي فضفاض مع ما تبقى من القيادة الأساسية في باكستان.
وبالرغم من أن محاولة القضاء على هذه الخلايا المحلية - كما تسعى فرنسا في الوقت الحالي للقضاء عليها في مالي - قد يعرقل الخلايا الإرهابية الجديدة، إلا أن المحللين يؤكدون على أنه ستكون هناك عواقب وخيمة لذلك من بينها إمكانية انتشار المزيد من الخلايا وضخ المزيد من الفصائل الجهادية الجديدة في الحرب وتوجيه تهديد محتمل لأهداف موجودة في أوروبا وأمريكا، وفقا لما ذكرته الصحيفة.
ونوهت الصحيفة إلى أن الإستراتيجية الأمريكيةالجديدة تبدو مشابهة لتلك التي وضعتها واشنطن عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، حيث تسعى وكالة المخابرات المركزية لتعزيز الأجهزة الأمنية للحلفاء الإقليميين والتي يمكن أن تساعد في اختراق وتعطيل الخلايا الإرهابية بطرق سيكون من المستحيل أن تتصرف خلالها واشنطن بمفردها.
ومع ذلك، حذرت الصحيفة من أن "النسخة 0ر2" من التحالف لمكافحة الإرهاب تعد أكثر تعقيدا من الجهود السابقة التي أطلقها آنذاك جورج تينيت مدير وكالة المخابرات المركزية، وذلك لعدة أسباب من بينها أن بعض الشركاء الرئيسيين لم تعد كما كانت بسبب التغيرات التي تمخضت عن ثورات الربيع العربي، فهذه الثورات أطاحت بالأنظمة الاستبدادية وأجهزة الاستخبارات، والمعروفة باسم "المخابرات" التي ساعدت في الحفاظ على تلك النظم .. واصفة ذلك بأنه "مكسب للديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكن انتكاسة لجهود مكافحة الإرهاب".
وأفادت صحيفة "واشنطن بوست" بأن واشنطن كانت تعتزم استخدام التحالف الإقليمي السابق ذكره للتعامل مع انتشار تنظيم القاعدة في المغرب العربي الإسلامي التابع لشمال أفريقيا إلى مالي، وتضمنت الفكرة تعزيز أجهزة الإستخبارات في مالي وجاراتها من النيجر، موريتانيا، نيجيريا .. إلا أن هذه الإستراتيجية اكتنفها التعقيد نظرا لسرعة انتشار التنظيم في جنوب مالي، الأمر الذي بث القلق في فرنسا تخوفا من انتشار التنظيم باتجاه العاصمة باماكو، وأن تصبح ملاذا لمهاجمة فرنسا.
واعتبرت الصحيفة أن أخطر تهديد يأتي من قبل تنظيم القاعدة الجديد قد يشكله "جبهة النصرة" في سوريا، فبرغم من أنها ظهرت باعتبار أنها أحد فصائل تنظيم القاعدة في العراق، إلا أنه بات ينظر إليها الآن من قبل المحللين الأمريكيين باعتبارها تنظيم مستقل، من حيث التمويل والعناصر، وزيادة قدرتها على النظر في شن هجمات على أهداف في أوروبا.
وأوضحت الصحيفة أن الدعائم الأساسية الباقية لتحالف مكافحة الإرهاب مع أمريكا، هم حلفاؤها الأوروبيين، مثل بريطانيا وفرنسا، بالإضافة إلى حلفائها من العرب كالسعودية، الأردن، الإمارات وقطر الأمر الذي قد يمكنهم من مساعدة واشنطن لتعزيز خدمات الأمن الإقليمي إضافة إلى القدرات الحديثة والتدريب والقيادة.
وخلصت الصحيفة للقول "إنه طالما أن فصائل تنظيم القاعدة لا تهدد الوطن الأمريكي، فإن المسئولين الأمريكيين يرغبون في تجنب استخدام هجمات الطائرات بدون طيار أو غيرها من الهجمات، ولكن كلما زادت حدة انتشار هذه الخلايا المحلية "القاعدة 2,0" وقدرتها على التأقلم، كلما بات تحويل نهجها نحو استهداف أهداف أمريكية أسرع.