سلط الكتاب العرب اليوم الضوء على عدد من قضايا الوطن العربي الهامة والتى تتصدرها الازمة السورية تليها مشاريع التطبيع والسلام مع اسرائيل وأخيرا ما حققه العمل العربي الجماعى خلال عام 2012. وبالوقوف على القضية السورية تحدث الكاتب جورج سمعان فى مقال له بعنوان " الإبراهيمي ومفاتيح أبواب الجحيم السوري" على صحيفة الحياة اللندنية اليوم الاثنين ليسلط الضوء على تحذيرات الأخضر الإبراهيمي، في الأسابيع الماضية، من وقوع سوريا في مستنقع الصوملة في زحزحة الطرفين المتصارعين عن مواقفهما المعلنة.
ولم يكد ينهي يوم السبت تخييره المتصارعين بين «الجحيم» والحل السياسي، أو ما سمي «جنيف 2»، حتى فتحت «أبواب الجحيم» المفتوحة من زمن أصلاً! لكن أخطر ما نبّه إليه هو احتمال غرق بلدان الجوار بآلاف اللاجئين إذا تصاعدت المعارك في دمشق. لم يشفع للمبعوث الأممي العربي الخاص تكرار وجهة نظره في وجوب حدوث تغيير جوهري وحقيقي وإصراره على قيام حكومة موقتة تتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة. فظل عرضة لسهام كثير من أطراف المعارضة، خصوصاً العسكرية التي أعلن أحد قادتها من حلب أنه لا يوافق على مبادرته.
ويؤكد الكاتب ان العودة إلى المربع الأول هو الانطباع الذي ولدته محادثات الإبراهيمي في كل من دمشقوموسكو التي يبدو أنها لم تفتح كوة في جدار الأزمة، كما كان يتوقع كثيرون. فلا الرئيس السوري مستعد لسماع أي كلام أو مطلب يتعلق برحيله، شرطاً لإنطلاق المرحلة الانتقالية. ولا المعارضة مستعدة للجلوس إلى طاولة الحوار أو القبول بحكومة موقتة قبل تخليه عن الحكم. لكن المبعوث الخاص أصر على مواصلة مهمته لإطلاق العملية السياسية ما دام البديل هو «الجحيم» على ما عبر.
أما وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف فوصف رفض المعارضة إجراء محادثات مع حكومة دمشق بأنه يعني «طريقاً مسدوداً لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع». لكنه لم يغلق الباب ف «الفرصة لا تزال قائمة للتوصل إلى حل تفاوضي». وواضح هنا اتفاق الرجلين على مواصلة السعي إلى حل سياسي.
ويقول الكاتب ان موقف الوزير الروسي يحتاج إلى قراءتين، فسلسلة التصريحات الروسية حيال الأزمة السورية بقدر ما يمكن وصفها بالارتباك يمكن رؤية تتبع خيط رفيع واضح وثابت فيها. لا حاجة أولاً إلى ملاحظة التغيير المتأخر كثيراً الذي طرأ على موقف موسكو من المعارضة، خصوصاً «الإئتلاف الوطني». لقد هاجمت قيامه قبل شهر ونيف وحملت عليه مثلما حملت طويلاً على معارضة الخارج متماهية مع موقف النظام في دمشق.
لكنها وجهت أخيراً إلى رئيسه دعوة رسمية إلى زيارتها. وربما استعجل أحمد معاذ الخطيب في رفض الدعوة أو وضع شروط لقبولها. لم يكن يحتاج إلى ملاحظة الوزير الروسي عن عدم خبرته السياسية! من مصلحة الإئتلاف أن يحاور روسيا أياً كانت سياستها، خصوصاً إذا كان يعتبر أن وقوفها وراء الأسد يطيل في عمره وعمر نظامه. بل من مصلحته أن يبقي كل الخطوط مفتوحة معها ومع القوى الإقليمية والدولية التي يرى إليها تساند النظام السوري... لعله يوفق في فك الارتباط بينهما.
ويشير الكاتب الى أن الإبراهيمي الذي لم يلق تجاوباً في دمشق، ولا يزال يلقى صدوداً لدى خصومها في المعارضة، لم يلق مسؤولية تحول الأزمة إلى «جحيم» على هذين الطرفين وحدهما. قال إن مسؤولية التغيير تعود إلى السوريين لكنهم ليسوا قادرين وحدهم، إنهم بحاجة إلى الخارج، إلى القوى الإقليمية والدولية، لإيجاد الارضية المشتركة وبناء المرحلة الانتقالية. والسؤال إلى متى ستظل أطراف «بيان جنيف» تدور حول مواقفها الضبابية وبيدها مفاتيح «أبواب الجحيم» السوري الذي بات جزءاً مشتعلاً من اللعبة السياسية الداخلية في العراق؟ أبدت القوى الكبرى حرصاً شديداً على الهدوء السياسي في لبنان، بعد اغتيال اللواء وسام الحسن. ولا تزال ترعى هذا الهدوء، فهل تغمض عينيها عما يحدث في المحافظات السنية في العراق؟ تدخلت واشنطن لكبح جماح التوتر بين بغداد وأربيل فهل تقعد عن ضبط ارتفاع منسوب التوتر المذهبي بين بغداد وخصومها، فيما الأردن يقيم على صفيح حار مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية؟ وماذا إذا لفظ «البركان» السوري بمئات آلاف النازحين إلى الأنبار وشمال لبنان وبقاعه وإلى مدن الأردن التي بدأت تضيق بآلاف النازحين، وكانت قبلهم عانت ما عانت من آثار الغزو الأمريكي للعراق.
ويختتم الكاتب مقاله مؤكدا ان مفاتيح أبواب «الجحيم» بأيدي الكبار. فلا تقنع موسكو كثيرين حين ترمي بالمسؤولية على المعارضة و»أصدقائها» القريبين والبعيدين، وهم يتحملون بالتأكيد جزءاً من المسؤولية. وليس مقنعاً أن توحي بعدم قدرتها على إقناع الأسد بما عجز المبعوث الأممي العربي عنه. عليها الخروج من هذا التردد سريعاً لأن الآتي من الأيام لن يبقي لها ما تبدي الحرص عليه. ولا يقنع شركاؤها الخصوم كثيرين في ترددهم بحجة انتظار وضوح صورة «اليوم التالي»، فتأجيج النار لن يبقي على شيء لليوم التالي إلا إذا كان المطلوب أن تفتح «أبواب الجحيم» أمام المنطقة كلها ليكون البناء من الصفر أسهل من ترميم القائم المتصدع.
وبالانتقال للعمل العربي الجماعى خلال عام 2012 يقول الكاتب عماد اديب فى مقال له بعنوان " ضرورة إصلاح الجامعة" ليلقى الضوء على واحد من أسوأ أعوام العالم العربي من ناحية العمل العربي الجماعي مؤكدا بالقول ..هذا العام، هو عام فشل النظام العربي على الحركة والحسم والتصدي للمشكلات.
وما زلت أعتقد أن النظام الداخلي لجامعة الدول العربية القائم على مبدأ الإجماع وليس الأغلبية في التصويت هو عائق حقيقي تجاه تحقيق إرادة عربية حقيقية في فرض التحالف الإقليمي العربي إزاء أي دولة عضو أو أي مسألة إقليمية أو دولية.
نحن ما زلنا نعيش على قواعد نظام عقيم لا معنى لاستمراره بالأسلوب والطريقة البالية العتيقة التي يجب التخلص منها.
إن إصلاح العمل الجماعي العربي لم يعد أمرا من أمور الرفاهية الفكرية أو من تلك القضايا التي تتشدق بها النخبة المثقفة في عالمنا العربي.
إصلاح العمل الجماعي العربي، بدءا من منظمة الجامعة العربية، أصبح قضية حياة أو موت.
ولا يمكن لنا كلما اختلفنا مع نظام عربي قمنا بتجميد عضويته، مثلما حدث مع مصر وليبيا وسوريا.
نحن نريد من نختلف معهم داخل الجامعة ولكن تحت إرادة وانصياع للإرادة العربية من خلال تعهد بقبول تلك الإرادة بواسطة عملية اقتراع قائم على الأغلبية.
إن أفضل شيء يحدث لنظام مارق يتحدى إرادة شعبه وأمته العربية هو تجميد العضوية لأنه في هذه الحالة أصبح خارج مظلة التأثير والتأثر بالإرادة العربية.
استمر القذافي في حربه الأهلية وفي عمليات التصعيد الدموي ضد المدنيين العزل وهو خارج الجامعة.
ويستمر نظام الأسد في تحديه المطلق للعالم كله ومقعده في جامعة الدول العربية خال من التمثيل القانوني لبلاده.
وكأننا نعطي تأشيرة قتل بلا محاسبة للنظام العربي الذي نجمد عضويته.
واختتم الكاتب قائلا "إن إصلاح جامعة الدول العربية لا يحتاج لخبراء ونصوص وجلسات شبيهة بتلك التي عقدت في مصر لمناقشة الدستور المصري، إننا فقط بحاجة إلى الاطلاع على لوائح وأنظمة منظمات إقليمية محترمة مثل منظمة دول الاتحاد الأوروبي، أو مجموعة دول الآسيان، أو دول «النافتا» أو حتى منظمة الوحدة الأفريقية التي وصلت إلى مراحل متقدمة من أساليب المراجعة والمحاسبة لسلوك أعضائها ومراجعة تصرفاتهم.
وعن السلام مع اسرائيل تحدث الكاتب محمد سعيد الفطيسي فى مقال له بعنوان " لماذا تفشل مشاريع التطبيع والسلام مع إسرائيل" على صحيفة "الوطن" ليؤكد انه لابد من الاعتراف وللأسف بوجود بعض المظاهر الجانبية للتطبيع السياسي والثقافي والاقتصادي العربي الرسمي والشعبي مع مستعمرة الكيان الصهيوني, ولكن وهذا هو الأهم لا يمكن أن نعتبر تلك المشاريع الجانبية, ذات طابع قومي عربي مجمع عليه, يمكن من خلالها توجيه الاتهام إلى الجماهير العربية الرافضة لجميع أشكال التطبيع الناتج عن فرض الأمر الواقع بالقوة, أو من خلال سياسة الاستعلاء الاستعماري الامبريالي الأميركي بالمنطقة العربية بشكل من الأشكال, وذلك كونها ناتجة عن مصالح سياسية أو اقتصادية أحادية وشخصية لا أكثر, وتسعى لأهداف جانبية وغير قابلة للتعميم والتطبيق الجماعي الشعبي أو حتى الرسمي.
ويقول الكاتب ان ما استطاعت السياسة أن تفرضه على واقع الشعوب العربية بفعل المعاهدات الدولية مع الكيان الصهيوني الغاصب, وتلك الاتفاقيات التي أريد بها إحلال سلام الوهم مع عدو لا يعرف للسلام أي معنى, لم تستطع لأكثر من نصف قرن أن تفرضه على أفكارهم لتحولها إلى ثقافة للتطبيع أو المراهنة على ضمانات سياسية خاسرة, فهناك من الثوابت والقيم والمبادئ العربية الأصيلة, ما ستظل أسوارا عالية وحواجز صامدة دون ممارسة أدنى أنواع التطبيع الثقافي مع كيان مغتصب لأرض عربية, كما أن سنوات الخوف والثأر وعشرات الآلاف من الشهداء ودموع الثكلى وآهات اليتامى وغربة اللاجئين عن وطنهم والنازحين عن أرضهم والحرمان والألم, ستظل حائلا دون أي ممارسة تهدف إلى التقرب بقرابين المداهنة والمهاودة السياسية أو الاقتصادية أو بأي شكل من الأشكال مع كيان لا يعرف سوى الإرهاب والإجرام.
وانطلاقا من ذلك فإن التطبيع السياسي الذي ما زال يسعى البعض من الساسة والمثقفين إلى تحقيقه بهدف إحلال السلام والأمن مع مستعمرة الخوف والحرب, أو من خلال محاولات المعايشة الإنسانية حتى, لا يمكن أن ينجح إذا لم يسبقه تطبيع ثقافي شعبي حقيقي مجمع عليه من قبل الطرفين, كذلك فإن التطبيع السياسي سيظل حبرا على ورق
ويختتم الكاتب مقاله قائلا " أخيرا, فإننا نعيد صياغة المشروع الثقافي للتطبيع والحوار مع المستعمرة الإسرائيلية الكبرى, من خلال طرح هذه الأسئلة, وهي موجهة بشكل مباشر إلى دعاة التطبيع الثقافي والحوار الحضاري والتقارب الإنساني مع إسرائيل, وعلى رأسها, هل ستقبل المستعمرة الإسرائيلية الكبرى من أجل تذليل عقبات ذلك التباعد والخلاف الثقافي, أن يتم عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم؟ وهل ستقوم إسرائيل بتعويض الشعب الفلسطيني عن سنوات الحصار والظلم والقمع والإرهاب كما فعلت ذلك بعض الدول المستعمرة للشعوب, هذا إذا ما اعتبرنا إسرائيل دولة من باب المجاملة الثقافية؟ وهل ستتقبل إسرائيل التنازل عن كامل الأرض الفلسطينيةالمحتلة جراء عدوان 67؟ هل يمكن أن تتوقف عن الاستيطان والتمدد الاستعماري؟ وهل ستتخلى إسرائيل عن طموحاتها وأطماعها الامبريالية في الشرق الأوسط من اجل ذلك الهدف الثقافي؟ عند الاجابة بنعم على هذه التساؤلات حينها فقط سيتأكد لنا نحن العرب ان المستعمرة الإسرائيلية الكبرى تتقبل الحوار الثقافي والحضاري والإنساني المتوازن مع جيرانها, وإنها بالفعل تسعى للتقارب بهدف إحلال السلام مع الشعوب العربية, وحينها لكل حادثة حديث." مواد متعلقة: 1. الكتاب العرب يعزل نائبه ويتضامن مع فلسطين والثوار 2. "الكتاب العرب" و"القلم الدولي" يدينان اعتقال خالد خليفة 3. "الكتاب العرب" يدين تهديد المبدعين ويدعو لاحترام الحريات