: مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية د.كريستيانا باولوس*
اريد ان ابين الاسباب والهدف من الهجوم على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فى الغرب .
ونجيب علي التساؤلات حول الاسباب التى تجعلهم يصفون الرسول صلى الله عليه وسلم بصفات ظالمه وتحدى المسلمين بطريقة شديدة ؟
من وجهة نظرى وانا اصلاً غربية ، ان الاسلام – بطبيعته هادئ وبعيد عن العنف – ينافس المسيحية والعلمانية / الليبرالية الغربية للتوصل الى الحقيقة وتقديم الاجابة الشافية حول سبب الخلق والهدف من الحياة .
ومن الممكن ان نقول ان كل الاديان السماوية ينافس بعضها البعض ويؤثر هذا الموضوع فى التعامل مع الاخرين . ونجد الشعور بالتهديد والمنافسة من الاسلام عند المسيحيين خلال التاريخ الاوربى بالكامل .
العالم فى علوم الاديان من برلين " كارستين كوليا " حلل 10 اسباب خوف الغربيين من الاسلام منذ العصور الوسطى حتى الان . ووصف العرب بالفتوحات والعثمانيين بحروبهم كتهديد كبير للغرب . وهنا لابد ان نلاحظ ان الحكام والنبلاء ومعهم رجال الكنيسة الذين استغلوا هذا التهديد لمصلحتهم ولعبوا بشعور الناس . فظهر لنا الخوف من الاسلام او الاسلاموفوبيا كأيدولوجية للناس البسيطة للتاثير عليهم سلبا حتي لايعتنقوا الاسلام وتفقد الكنيسة اتباعها ونفوذها بينهم .
كما يعرف الحكام الاوربييون ان الاسلام انتشربسرعة سلما وليس بالسيف كما يزعمون علي غير الحقيقة حيث عاش كثير من المسيحيين واليهود فى بلاد المسلمين كذميين لهم كامل حقوق المواطنة مع المسلمين حتى ان بعض المسلمين اشتكوا بأن المسلمون يدفعون ضرائب اكثر من الذميين .
على عكس ذلك بعد هزيمة المسلمين فى جنوب اوربا كأسبانيا وفرنسا بدأوا يرغمون المسلمين على ترك الاسلام والعوده الى المسيحيه عر محاكم التفتيش التي مارست اقصي صنوف البطش والتعذيب .
وفى ايامنا مازالت الاسلاموفوبيا ايدولوجية : فائده للحكام والاغنياء فى الغرب ، فائده مادية واقتصادية . توجد معلومات بالتفصيل فى مقال سابق لي في " الاهرام ويكلى " .
ولو القينا نظرة علي مجال الامن فى الغرب بعد 12 سبتمبر 2001 وعلى المكاسب الضخمة التي عادت علي الشركات الامنية وشركات السلاح – نرى فائدة رهيبة ل الاسلاموفوبيا وهو التخويف المزعوم من الارهابيين المنتمين للمسلمين وهذا فعل ايديولوجى جب لهم مصالح مالية ضخمة . والارتباط مشهور لدينا فى هذا البلد مصر عند النظام السابق بأمن الدولة التي كانت تستخدم التخويف من الاسلاميين لممارسة الفساد والاستبداد وانتهاك حقوق الانسان .
لكن – وهى الدراما فى الموضوع – الاسلام فعلاً منافس كبير للحياة الغربية لانه شئ صعب لديهم انهم يرون أن الاسلام لم يتغير الى العلمانية مثل المسيحية ! ويفهمون تطورهم كنموذج للعالم كله .
فلهاذا التعامل معهم او فهم الظواهر الغريبة صعب جداً مثلما قال الفيلسوف الفرنسى ليوتار ان القيم الحديثة ..... وايضاً التسامح ، كانت محدودة ومحصورة للاوربيين فقط .
يستمر الاسلام والمسلمين اقوياء فى شيء واحد ... بإيمانهم وخصوصاً نقاشاتهم وخطاباتهم المختلفة وحتى الان عرف المسلمين ان يدمجوا آراؤهم الكثيرة بدون محاكم التفتيش وبدون طرد من الدين – بمعنى ان حركات التكفير بقيت محدودة جداً حتى الان بعكس المسيحية بطوائفها المختلفة التي يكفر بعضها بعضا .
من وجهة نظرى اسلوب النقاش عموماً وثقافة التعامل بالاراء المختلفة ، هى سر قوة الاسلام فى العصر الحديث . وهذا هو الفرق الشاسع بالمقارنة مع المسيحية .
وبالطبع يفضلون صورة النبى محمد صلى الله علية وسلم لأنه حقيقة الوحى الاسلامى وضمانها . والرسول صلى الله علية وسلم كأنسان معرض للهجوم – وهذا فعلا اكثر من اى موضوع دينى اخر مجرد ويصل فى هذا الشكل للناس البسيطة ، هنا وهناك .
مثل ما قلت كان خلال العصور الوسطى صورة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم شخصياً موضوع للهجوم وبالذات اسلوب حياته الزوجية التى تظهر غريبة للكنسية الرهبانية التقشفية التى لم تعرف ان تتعامل مع الاشياء الدنيوية وغشت اتباعها الفقراء ....
وبهذه الايديولوجية – وانا مقتنعة ان الحملة ضد الرسول صلى الله عليه وسلم نتيجة ضعف المسلمين بشكل عام . ويبين اصلاً قلة الاخلاق لدي المثقفين الغربيين ،و يأتى من الراى الضعيف الذى لا يعرف ان يناقش بطريقة ثقافية متحضرة فليجأ للغش والتشويه بدون دليل .
كيف نواجه الاسلاموفوبيا ؟ ما هى امكانياتنا الفعاله ؟
نوضح هذا الارتباط ونحاول ان نجد مشاركين هناك ، يوجد نسبة كبيرة من الشباب يعارضون الايديولوجية الراسمالية التى يستفيد منها الاغنياء فقط وهناك الناشطين ضد العولمه علينا ان نتواصل معهم . الحوار مع الغربيين ليس سهلا ، يحتاج اتصال مع ثقافتهم ومع اسلوب تفكيرهم ، غير اللغات فاللغات وحدها لا تكفى لكن الامكانية موجودة لان فكرة العدالة العامة والمواطنة وحقوق الانسان فى الاصل هي من صميم التراث الاسلامى حيث انتقل بعد ذلك الى اوروبا وعرفت فى العصر الحديث بحقوق الانسان !
ظهر بعد الفيلم الاخير شعر بالالمانى على الفسبوك يساند المسلمين وهو مثل جيد لهذا الاتصال ، عندما تستعمل عباراتهم ومواضيعهم .
عندما يسب السود تسمونه عنصرية
عندما يسب اليهود تسمونه عدو للساميه
عندما يسب الجنسية المثلية تسمونه غير متسامح
عندما يسب بلدكم تسمونه خيانة
عندما يسب طائفة تسمونه كره
عندما يسب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم تسمونه حرية الرأى !
فهاذا الشعر يدل على القياس بمكيالين !
واصبح المسلمون هناك عددهم كبير واسسوا كليات اسلامية ونشروا ابحاث وتفسيرات جديدة ، والحوار والتعاون الاكاديمى مع الغربيين سيكون مثمراً ان شاء الله .
*الاستاذ بكلية اللغات والترجمة بجامعة الازهر والمسلمة الالمانية