هل تتعارض مفاهيم حرية التعبير مع قداسة الأديان السماوية والأنبياء والرسل ؟ وإذا كانت الإساءة إلي الأديان لم تعد وقفا علي أتباع دين أو زمان أو مكان وتتكرر بين حين وآخر, فهل نكتفي مع كل مرة بردة الفعل الانفعالية والتنديد والشجب والاستنكار؟! وما دور العلماء والمفكرين والمنظمات والهيئات الدولية في البحث عن إستراتيجية موحدة وصياغة قوانين دولية لمواجهة الإساءة إلي الأديان؟! تلك التساؤلات كانت عنوانا لمؤتمر دولي نظمه مركز البحوث والدراسات الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة بالتعاون مع الهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلي الله عليه وسلم ونصرته, التابعة لرابطة العالم الإسلامي بحضور عدد من المفكرين والخبراء وعلماء الدين الإسلامي والمسيحي من مصر والدول العربية والإسلامية, وممثلين عن وزارة الخارجية المصرية. وناقش المؤتمر علي مدي عدة جلسات الصورة الذهنية الغربية حول الرسول صلي الله عليه وسلم ودورها في حملات الإساءة المعاصرة, وصورة نبي الإسلام في الفكر الغربي بين الواقع والأساطير, والإسلاموفوبيا.. أسبابها ووصفها, وضوابط التعامل مع الإساءة للرسل الكرام, وموقف الأقباط من الإساءة للرسول محمد, الإساءة إلي الأنبياء بين حضارتين, والتجارب المصرية والعربية المعاصرة في التعريف بالنبي صلي الله عليه وسلم وأخيرا سبل صناعة الإستراتيجية الدعوية والإعلامية الموحدة في التعريف والمواجهة. الإعلام وحرية التعبير في البداية أكدت السفيرة الدكتورة ماهي حسن عبد اللطيف, ممثل وزارة الخارجية المصرية بالمؤتمر أن الخلاف الدائر الآن حول مفهوم ازدراء الأديان وهل يتعارض مع حرية التعبير أم لا ليس له ما يبرره, وتقول: الغرب ينظر لهذه المسألة علي أنها لا تدخل في مفهوم حقوق الإنسان, وتتعلل الدول الغربية دائما بضعف مواقفها وأن هذه المسألة تدخل في حرية الرأي والتعبير, وهنا يجب مقارنة هذه المواقف بمثيلاتها فيما نشر عن معاداة السامية, في ظل عدم وجود قانون دولي يلزم الدول بعدم الإساءة للأديان, لكن هناك عهود دولية مثل العهد الدولي لحقوق الإنسان. وهو ما دفع وزارة الخارجية المصرية لمطالبة المجتمع الدولي بالتحرك والدفاع عن المعالم الدينية والعربية, وتسليط الضوء علي موضوع الإسلاموفوبيا, وتقدمت مصر بمشروع قرار حول ازدراء الأديان, وأدان القرار استخدام وسائل الإعلام لازدراء الدين الإسلامي خصوصا, وهناك قرار آخر تقدمت به مصر حول مناهضة التعصب, كما بادر القرار المصري بالإعراب عن إدانته لأي دعاية تحض علي الكراهية الدينية والتعصب, ووجوب النص علي المسئولية الالتزامية لوسائل الإعلام. تجديد وسائل النصرة أما الدكتور عادل الشدي الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي فيطالب بتجديد وسائل نصرة الأنبياء, والسعي بأن تكون من خلال أعمال مؤسسية كبيرة, وأن يكون لدينا عمل جماعي ومخطط إستراتيجي, كما طالب الدكتور الشدي, باستصدار قانون دولي ملزم يجرم الإساءة للأنبياء الكرام, فهذا الأمر أكثر أهمية من أي وقت مضي. حملة سوء الأخلاق من جانبها تري المفكرة الألمانية الدكتورة كريستيانا باولس أستاذة الدراسات الإسلامية باللغة الألمانية بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر, أن الحملة المسيئة ضد الرسول الكريم دلالة علي سوء الأخلاق والضعف فصاحب الرأي الضعيف لا يعرف كيف يناقش بطريقة ثقافية; فيلجأ لاستعمال الصوت القبيح والعنف للوصول إلي هدفه ومصلحته. مفهوم ازدراء الأديان وإذا كان الدكتور عبد الراضي عبد المحسن مدير مركز البحوث والدراسات الإسلامية بدار العلوم, يري أن الصراع الحضاري بين الإسلام والغرب هو سبب تلك الهجمة الشرسة علي النبي محمد صلي الله عليه وسلم, فإن الدكتور عبد الحميد مدكور أستاذ الفلسفة الإسلامية وعضو مجمع اللغة العربية يطالب المسلمين في الغرب, بأن يتصدوا لمثل هذه الافتراءات والإساءات بإصدار الكتب التي تخاطب الناس بلغاتهم, وكذلك شراء صفحات في الجرائد والمجلات للدفاع عن الإسلام ونبيه الكريم, وعمل قنوات فضائية بلغات أجنبية للدفاع عن الإسلام ومناقشة ما يثار من شبهات حوله وعرض الصورة المثلي لهذا الدين الحنيف. وفي ختام أعمال المؤتمر, طالب علماء الدين والمفكرون بضرورة وجود تنسيق بين الهيئات والحكومات العربية والإسلامية حول جهود التعريف بالرسول صلي الله عليه وسلم في الغرب, ودعم الهيئات والمؤسسات والمراكز الإسلامية العاملة في الغرب بالإمكانات والكوادر التي تمكنها من القيام بواجب التعريف بالنبي صلي الله عليه وسلم باللغات الأوربية المتعددة. كما أوصت الندوة في ختام أعمالها بإقامة الدورات المتخصصة لإعداد الدعاة المؤهلين للقيام بواجب التعريف برسول الإسلام في الغرب بواسطة البرامج المتخصصة في فنون الاتصال ومقارنة الأديان.