نعى الكاتب الصحفى " لويس جريس " وفاة المفكر القبطى " ميلاد حنا " متمنيا من الله أن يتقبل عطائه لوطنه . و تحدث عن ميلاد قائلا أنه مهندس معمارى من الطراز الأول ، و حمل على عاتقه لواء تعليم طلابه ، و كان مهتما بهموم الوطن و المواطن ، و كان مهتما بأمن مصر المائى و قضية الإسكان . وصرح جريس ل"محيط" أنه تعرف على الكاتب القبطي حين نشر كتابه " أريد مسكنا " بروزا اليوسف ، وأكد أن صديقيه المقربين كانا الأديبين عبد الرحمن الشرقاوى و موسى صبرى .
ورغم أن جريس اعترف بأنه لا يؤمن بكثير من آراء حنا السياسية، لكنه يعتقد بأنه أكاديمي وعالم خسرته مصر كثيرا ، كما كان يتمتع بصفات إنسانية رائعة .
وقد رحل المفكر القبطي ميلاد حنا عن عمر يناهز 88 عاما، بعد أزمة مرضية ، وتوفي في مستشفى السلام الليلة الماضية، وستشيع الجنازة من البطريركية المرقسية بالعباسية بعد غد الخميس.
ميلاد حنا كان زوجا و أبا مرتبطا بعائلته ارتباطا قويا حيث كتب فى إهداء كتابه" الأعمدة السبعة للشخصية المصرية " عن إلهام زوجته الصحفية " إيفلين رياض " التي أدخلته عالم الكتابة خارج عمله الهندسى و التى تشكل معها خبراته عن العلاقات الإنسانية بين البشر و التى شجعته بحبها و ما وفرته له من راحة البال تكريس وقت أكبر للعمل العام ، كما أهداه لابنه الذى شجع فيه حبه للبقاء فى الوطن و عدم تفضيله للهجرة كغيره من الشباب .
ولد حنا في القاهرة عام 1924، وحصل على بكالوريوس الهندسة ، ونال درجة دكتوراه من اسكتلندا عام 1950، و عمل مساعد مدير أعمال مصلحة الطرق والكباري والمشرف على إنشاء كوبري سوهاج أخميم على النيل ، ثم عمل أستاذ للإنشاءات بكلية الهندسة بجامعة عين شمس. وأخيرا أستاذا متفرغا بهندسة عين شمس عام 1984. وكان الدكتور حنا عضوا في عدد من بعض الهيئات العلمية والثقافية منها الجمعية الدولية في سويسرا و أسبانيا، و أمريكا، والمجلس الأعلى للثقافة في مصر، وعمل الدكتور حنا رئيسا للجنة الإسكان بمجلس الشعب 1984 - 1987، كما كان كاتبا متفرغا بجريدة الأهرام.
المفكر ميلاد الذى حاز على العديد من الجوائز الدولية من أهمها : " وسام النجم القطبى الذى لا يخبو " من ملك السويد ، و جائزة " سيمون بوليفار " من اليونسكو ، و جائزة الدولة التقديرية لإسهاماته العلمية و الثقافية منها "أريد مسكنا ، نعم أقباط لكن مصريون، دراسات وأوراق عمل حول قضايا الإسكان في مصر صادر عن مجلس الشعب عام 1985 ، وذكريات سبتمبرية، والأعمدة السبعة للشخصية المصرية ، وحاجة الإنسان العربي للإسكان، وصراع الحضارات والبديل الإنساني، ساسة ورهبان وراء القضبان ، وقبول الآخر".
و كان حنا مشغولا بقضايا الوطن و المواطن و تحدث دائما أنه سيظل لآخر حياته يعمل من أجل الوحدة الوطنية ، فكان يقول دوما : تعايشت المسيحية مع الإسلام 14 قرنا من الزمان ومن ثم تكونت المودة الطبيعية بين الأقباط والمسلمين ، والعلاقات بين المسلمين والمسيحيين جيدة إلي ابعد الحدود وهذا أمر اعمل له ووجدت قبولا لدي المصريين في إيجاد هذه الصلة الوطيدة بين الأقباط والمسلمين .
وتأزمت العلاقة بينه وبين الكنيسة في عهد البابا الراحل شنودة الثالث في بعض الأوقات، نتيجة أرائه فيما يتعلق بقضية الزواج الثاني للأقباط.
وكانت تجربة اعتقاله فى سبتمبر 1981 هى ما حولته من الهندسة للصحافة و الإهتمام بالإصلاح السياسى و الإجتماعى و الدينى ، و جعلت منه شخصية عامة يقدرها الكثيرون . و قال عن نفسه : لم اختار طريق محدد لي كمفكر ، وإنما تركت مسيرة الحياة في خط متعرج وأمضيت سنوات طويلة في تدريس الهندسة وسنوات أخري في ممارسة الهندسة ، ثم دخلت الصحافة وصرت كاتبا في صحيفة الأهرام ووجدت نفسي شخصية عامة ولي أحاديث صحفية كثيرة عبر رحلة العمر
و عن آرائه فى قضايا الوطن فكان له أكثر من حوار تحدث فيهم قائلا :
ان جماعة الإخوان المسلمين اقوي حزب سياسي في مصر . و عن تولى قبطى حكم مصر قال أن الحديث عن ذلك خرافة ، وانه لن يتولي " قبطي " حكم مصر قبل مرور قرن من الزمن .
و عن الإعتصامات والإضرابات رأى أنها ظاهرة صحية ، ومعناها إننا لدينا حرية وليبرالية في التعبير .
و عن تطبيق الشريعة قال : أرفض تطبيقها في مصر ، وهو أمر ليس له علاقة بالأقباط ولكن له علاقة بكوني رجل علماني وثقافتي علمانية وحضارتي و أيدلوجيتي يسارية ومن ثم أنا لا أري ان يكون للدين أي تأثير علي السياسة في مصر .
وقال ميلاد : أحب مصر وسوف أظل فيها حتى أموت ولكني قلت من قبل أنا لا أريد لمصر أن تنتقل إلي حكم ديني ، وهذا رأي سياسي لأنني عندما أتحول من مواطن درجة أولي إلي مواطن درجة ثانية كوني قبطي "يبقي هقعد ليه اسيبها" أحسن وابحث عن مكان آخر .
و عن سؤاله عن رأيه إن تكون الكنيسة دولة للإقباط داخل مصر ، فعلق أنه رافض لهذا و الكنيسة ما هى إلا مؤسسة دينية يذهب إليها الأقباط للصلاة ، و ان الشعب القبطى هو شعب مصرى و وطنى منتمى لمصر100 % .