رغم ما أثارته التشكيلة الجديدة للحكومة الصومالية من انتقادات واسعة، إلا أن البرلمان الصومالي منح الثقة لتلك الحكومة بأغلبية في جلسته اليوم الثلاثاء بالعاصمة مقديشيو. وحضر في جلسة البرلمان اليوم 225 نائبا، بالإضافة إلى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء عبدي فارح شردون وحكومته المكونة من 10 وزراء.
وبدأت عملية التصويت في ختام الجلسة حيث صوت 119 عضوا في البرلمان على منح الثقة للحكومة الجديدة، بينما رفض ثلاثة أعضاء في حين سكت ثلاثة أعضاء من عملية التصويت.
سيدتان بالحكومة
وكان رئيس الوزراء الصومالي أعلن عن حكومته الجديدة المكونة من 10 وزراء في الرابع من الشهر الجاري، وتضم هذه الحكومة التي نالت اليوم ثقة البرلمان سيدتين إحداهما فوزية يوسف حاج آدم نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية، كما عينت السيدة مريم قاسم وزيرة تنمية الخدمات الاجتماعية.
وأكد رئيس الوزراء في بداية جلسة اليوم أن حكومته تعطي اهتماما خاصا للقضية الأمنية، منوها بأنهم يعملون للقضاء على حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، ومكافحة أعمال القرصنة المنتشرة في شواطئ الصومال، كما صرح أن حكومته ستحرص على تنمية البلاد بشكل عام.
وتُعد هذه الحكومة الأولى بعد انتهاء الفترة الانتقالية في الصومال في اغسطس الماضي ، وتضم عشرة وزراء بينهم امرأتان والكثير منهم من الوجوه الجديدة في الحياة السياسية.
ويبدو أن اختيار رئيس الوزراء الصومالي ، فوزية يوسف حاجى عدن وزيرة للخارجية ضمن التشكيلة الحكومية الجديدة ، لتكون أول امرأة تتولى هذا المنصب فى تاريخ الصومال، سيعزز مكانة المرأة الصومالية في المجال السياسي .
من جانبه وصف الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود الطريقة التي اتبعت لاختيار أعضاء المجلس الوزاري الجديد بالصعبة، وأضاف أن "الأعضاء الذين وقع الاختيار عليهم في الحكومة ليسوا أفضل ولا أكثر علما من الصوماليين الآخرين، لكن نحن أعطيناهم الفرصة ليكون ذلك تحديا لهم وسنرى كيف يؤدون مهامهم".
كما دعا الرئيس العشائر التي فقدت موطئ قدم في الحكومة الجديدة إلى التحلي بالصبر، قائلا إن "العشائر التي لم تحصل على منصب في الحكومة ليس معنى ذلك أننا تجاهلنا أمرها، والذي أسندنا إليه منصبا ليس معناه أننا نحابيه، ونطلب من جميع العشائر أن تقتنع بهذه الحكومة التي نراها مناسبة لهذا الوقت".
تأجيل التصويت وكان البرلمان قد قرر تأجيل التصويت، الذي كان من المقرر إجراؤه السبت الماضي ، للتصديق على المجلس الوزاري الجديد، الذي اقترحه رئيس الوزراء عبدي فارح شيدرون.
وقال رئيس البرلمان الصومالي محمد عثمان جواري حينها إن "التصويت قد تأجل دون تحديد سبب التأجيل أو تحديد موعد جديد لعقد الجلسة المقبلة للموافقة على المجلس الوزاري"، لكن أعضاء بالبرلمان قالوا إن التصويت تأجل لأسباب فنية.
وكان رئيس الوزراء الصومالي عن تشكيلة حكومته الجديدة، والتي اختيرت بعد أسابيع من المشاورات المكثفة مع الرئيس الصومالي ورئيس البرلمان.
انتقادات
وكانت التشكيلة الحكومية الجديدة قد أثارت انتقادات واسعة في الأوساط السياسية بالصومال بعد الإعلان عنها، وذلك لاختلافها عن التشكيلات الوزارية السابقة بفترة الحكومات الانتقالية.
وتُعتبر التشكيلة الجديدة أصغر حكومة صومالية بتاريخ البلاد، حيث تتألف من عشرة وزراء بعد أن كانت الحكومات الصومالية السابقة تتألف من 18، وهي خطوة سياسية تعد الأولى من نوعها وفق المتابعين.
ويرى المراقبون أن تشكيل حكومة مصغرة بعد الخروج من المرحلة الانتقالية تحمل بطياتها دلالات سياسية عميقة، وتبعث رسالة سياسية مفادها أن المرحلة الجديدة التي دخلتها البلاد تتطلب تغييراً جذريا يمس حتى التشكيلة الحكومية.
اختبار صعب
ويقول النائب بالبرلمان ووزير الخارجية سابقاً عبد الله الشيخ إسماعيل :"إن تقليل عدد الوزراء بالحكومة الجديدة سيزيد من أعباء الحكومة الحالية، ويلقي على كاهل الوزراء الجدد مسئوليات جسيمة تفوق قدراتهم ولا يستطيعون تنفيذ مهامها المطلوبة".
وأضاف عبد الله الشيخ إسماعيل: الوزراء الجدد أمامهم اختبار سياسي صعب للغاية، ويعتمد نجاح الحكومة المقبلة بمدى تجاوب الوزراء مع مطالب الكيانات السياسية المختلفة
وتابع :"إن الأطراف السياسية سوف تبدي تذمرها من التشكيلة المصغرة، وذلك لغياب تمثيل قوي لبعض الكيانات التي تتمتع بالثقل السياسي، وهو ما قد يؤدي لعدم الرضا من قبل تلك الكيانات السياسية".
وتوقع إسماعيل أن تكون المرحلة القادمة سياسية ساخنة، وأكد أن الوزراء الجدد أمامهم اختبار سياسي صعب للغاية، ويعتمد نجاح الحكومة المقبلة على مدى تجاوب الوزراء مع مطالب الكيانات السياسية المختلفة بالبلاد.
وعن منح البرلمان الثقة للتشكيلة الجديدة، أفاد إسماعيل أن البرلمان سوف يجتهد لتمرير الحكومة تفادياً لحدوث فراغ دستوري بالبلاد، لكنه رأى أن شردون سيتحمل مسؤولية فشل الحكومة.
حكومة تكنوقراط
أما مدير مركز أفريقيا للدراسات والبحوث عمر الفاروق الشيخ عبد العزيز فقال :"إن التشكيلة الوزارية الجديدة سترضي جميع الأطراف السياسية".
وأكد أن تلك التشكيلة تضم ألوان الطيف السياسي والقبلي، وأشار إلى أن شردون أجرى لقاءات مكثفة مع جميع التيارات السياسية قبل إعلان تشكيلته بهدف إقناع الجميع وضمان تمثيل المكونات السياسية المختلفة بالحكومة.
وأضاف "الحكومة الجديدة هي حكومة تكنوقراط يتولى ملفها السياسي مثقفون صوماليون قادرون على إخراج البلد من دوامة العنف والتيه، والاتهامات الموجهة للتشكيلة الجديدة مجرد كلام سياسي الهدف منه النيل من الحكومة". مواد متعلقة: 1. الأممالمتحدة ترحب بتعيين رئيس وزراء صومالي جديد 2. الصومال يعلن حكومته الجديدة المؤلفة من 10 وزراء 3. المرأة الصومالية .. من الصراعات القبلية إلى الحياة السياسية