التصعيد السياسي بين المعارضة اللبنانية وحكومة نجيب ميقاتي منذ الانفجار الارهابي الذي مر عليه 12 يوماً بحي "الأشرفية" والذي راح ضحيته رئيس فرع المعلومات اللواء وسام الحسن ، أبرز رموز السنة بلبنان والظهر الحامي لقوى "14 آذار"، مازال مستمرا . والجميع يتساءل وينتظر في ظل هذا التشاحن بين المعارضة والحكومة عن الفائز، وهل ستتحدى الحكومة إصرار المعارضة على اقالتها ؟ أم المعارضة ستحقق أهم مطالبها في هذه الفترة بإبعاد ميقاتي وحكومته؟.
والآن وبعد صراع لم ينته بعد، لبنان تواجه مصيراً أقرب إلى الفتنة والانهيار، فبعض الأطراف اللبنانية تلقي باللوم في تلك الأحداث المؤسفة على الآخر، ولكن ما يسعى إليه البعض ويرفضه الآخر هو التكاتف، الذي يجب أن تتحلى به البلاد في هذه الفترة للنهوض مرة أخرى، وللوصول إلى القائم الحقيقي بهذا العمل الارهابي المؤسف، حتى تستطيع لبنان معاقبته أمام العالم كله.
المعارضة تقرر
ولكن رغم ذلك إلا أن المعارضة اللبنانية لها رؤية مختلفة حول تلك الأحداث، في محاولة لاثبات ذاتها على الساحة السياسية.
وقد حسمت قوى "14 آذار" اللبنانية، الذراع الأقوى للمعارضة، مواقفها وأعلنت عصيانها فى وجه حكومة نجيب ميقاتي وتبنت لاءات ثلاث فى تحديها للحكومة: "لا عودة، ولا حوار، ولا تعامل بعد اليوم فى ظل الحكومة الميقاتية حتى تقدم استقالتها والاعتراف بالأخطاء الجسمية التى إرتكبتها فى حق الشعب اللبناني منذ تشكيلها فى منتصف العام الماضى الى الآن".
وفي مقابل ذلك الموقف، مضت قوى "8 آذار" فى دربها غير مكترثة بعصيان المعارضة بل تسعى إلى تمتين نفسها باللقاءات الثنائية التى تعقدها مع أركان الحكومة برعاية الرئيس اللبناني ميشيل سليمان الحريص على استكمال مشاوراته لاستئناف جلسات الحوار بين الفرقاء.
لا تحاور مع القتلة
فمن جانبه، رأى خضر حبيب عضو كتلة المستقبل المعارض أيضاً، أن اجتماع الامس في بيت الوسط توج جملة لقاءات، لافتا إلى أن أهمية البيان الذي صدر هو ان الوثيقة شاملة وتتطرق لكل الامور والتحديات التي تواجه البلد.
وأكد أن الوثيقة ترسم خريطة طريق لمواجهة سياسية مع الحكومة ومع من يرعى الحكومة داخليا وخارجيا، مشيرا الى ان الحكومة تغطي الاغتيالات التي حصلت وهي مشاركة بطريقة ما ولذلك لا يمكن التحاور مع من يشارك بالقتل.
ونقلت وكالة انباء الشرق الأوسط عن حبيب قوله نحن نلتزم باعلان بعبدا وسنكمل بكل الطرق السلمية التي يتيحها الدستور حتى اسقاط الحكومة وقد نصل في نهاية المطاف للعصيان المدني، والمطلوب التجاوب مع دعوة الوثيقة بتشكيل حكومة انقاذية حيادية تلتزم باعلان بعبدا وتشرف على الانتخابات النيابية.
واتفق عضو "المستقبل" النائب احمد فتفت مع زميله حبيب على انه لا مكان لاي حوار في ظل وجود هذه الحكومة، معتبرا ان ما صدر بالامس عن اجتماع بيت الوسط هو وثيقة استراتيجية اكثر منه موقف سياسي، لافتا الى ان "14 اذار" مع الحوار، ولكن بعد رحيل الحكومة.
وأضاف ان الحوار هو طاولة التكاذب الوطني، وكل ما تم الاتفاق عليه تم التراجع عنه، واوضح ان الاعتصام الذي تقيمه قوى 14 اذار ليس في الشارع، ولا يؤثر على حركة العمل، وهو مستمر بالتأكيد.
المقاطعة السياسية
ومن جانبه، أصر النائب سمير الجسر عضو "المستقبل"، على مواقف المعارضة وجدد الدعوة لتسليم المتهمين الأربعة فى قضية اغتيال رفيق الحريرى وتسليم أى مطلوب للعدالة أينما كان، إضافة إلى تحويل الجرائم السياسية إلى المحكمة الدولية وتعزيز الأجهزة الأمنية.
واعتبر أن المقاطعة السياسية لا تشل البلد، بل هي نوع من العمل الديمقراطي المعترف به عالميا، أما إسقاط الحكومة في الشارع، فغير مطروح اليوم وهو بالتالي آخر ما يمكن التطرق إليه.
ولفت إلى أن فريقه لا يطالب باستلام الحكومة، بل يدعو إلى تشكيل حكومة محايدة قبل الإنتخابات، وشكك أيضا في بقاء الحكومة حتى الإنتخابات.
الحكومة تواجه
ومع إعلان المعارضة عصيانها، كان للحكومة اللبنانية المدعومة من عدة جهات سواء داخل البلاد أو خاجها، موقفاً قوياً صلباً ينذر بقدرتها على تخطي تلك المصاعب التي تمر بها لبنان.
فالحكومة حتى الآن لم ولن تتوانى عن أداء واجبها، حيث يجتمع مجلس الوزراء اللبناني فى القصر الجمهورى برئاسة العماد ميشال سليمان للتأكيد على بقاء الحكومة أمام إعتراضات قوى "14 أذار" المطالبة بقوة إسقاط الحكومة بكل الوسائل ومنها الشارع وهو الامر الذى أصبح من الماضى بعد أن لمس ميقاتي الدعم الدولى لحكومته خاصة من الخمسة الكبار المساندين للاستقرار والرافضين للفراغ الذى سيؤدى إلى الفتنة والتهلكة والعواقب غير المتوقعة محليا وإقليميا ودوليا طالما أن الأزمة السورية باقية على أشدها دون ظهور بارقة أمل فى التخفيف من حدتها فى الافق القريب.
ورفض فادي عبود وزير السياحة الطريقة المعتمدة لاسقاط الحكومة من جانب المعارضة، وقال: "إن إقالة الحكومة قد تفتح بابا جديدا في السياسة اللبنانية وهو إسقاط الحكومات في الشارع وهذا سيكون له تداعياته".
وأعرب عن أمله في أن هناك وعي لدى جميع الاطراف للوصول لشاطئ الأمان والتوصل إلى قانون انتخاب، معتقدا أنه إذا لم يتم التوصل لقانون جديد فكل الامور ستكون مفتوحة وتمنى معالجة الامور بحكمة وليس عبر الشارع.
واعتبر عبود أن كل سعى للخروج من الوضع الذي نحن فيه هو سعي مبارك ونحن معه ولكن بالواقع تم قفل الابواب وهذا قد يفتح المجال لعدة تفسيرات، وتساءل هل قوى "14 اذار" تريد الانتخابات النيابية وهل المطلوب أن نصل إلى تعطيل كى نبقى على قانون الستين أم ماذا؟.
وبدوره ، أشار أمين سر العام لحزب "التقدمي الاشتراكي" ظافر ناصر الى ان تواصل رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط طبيعي مع رئيسي الجمهورية والحكومة، مؤكدا أن الحكومة ليست هي القضية، بل الهدوء وعدم التوتر، وعندما يحصل توافق وطني على حكومة بديلة عن الحكومة الحالية سنمشي بها، أما القول ان اسقاط الحكومة دون افق او بديل فهذا يعني الذهاب الى المجهول.
ولفت ناصر إلى أن شكل الحكومة وتسمية الحكومة ليس مهما بقدر أهمية التوافق الوطني حول الحكومة، متسائلا عن الحياد الموجود في البلد في ظل الانقسام الحاصل في البلد.
"14 آذار" ومخاطرها
واعتبر جبران عريجي الرئيس السابق للحزب السوري القومي الاجتماعي أن فريق "14 آذار" استهلك كل الشعارات والقضايا لإعادة تموضعه في جمهوره عبر السلطة بأي ثمن كان والمؤسف أن نظرية حب الحياة والاستقرار والوئام الوطني والاجتماعي التي حاول المعارضة اتهام "8 اذار" فيها، تبين أنه مستعد أن يعرض الامور للتأزيم.
وأشار إلى ان "14 آذار" تتحدث عن مخاطر محدقة بالبلاد ولكن طريقتها هي بحد ذاتها تعرض البلاد للمخاطر والأزمات، لافتا إلى أن تركيبة لبنان لا تحتمل هكذا خطابات وبيانات وليس له بيئة لبنانية أو حضور لبناني لان طبيعة التركيب الطائفي في لبنان لا تسمح بالسياسة الالغائية بهذا الشكل.
وقال: "إن فريق 14 آذار لا يريد حكومة ولا جيش ولا برلمان ولا يريد المشاركة في البرلمان، وتساءل "ماذا يفعل فريق 14 اذار بهذه المواقف غير دفع لبنان الى المخاطر؟"، معتبرا أنه لا يمكن ان ندخل الى الفراغ وثم التفتيش على حكومة وحدة وطنية.
ومن ناحيته أكد النائب فادي الاعور أن الفريق الحاكم ليس مستعدا لتشكيل حكومة جديدة، لا سيما في ظل المواقف التصعيدية التي يطلقها فريق الرابع عشر من آذار، والتي لا تخدم أي تفاهمات جديدة.
وعن التصور العام للمرحلة المقبلة، لفت الاعور وهذا ما يؤيده الكثير الاطراف اللبنانية إلى أن المرحلة ضبابية نتيجة المواقف التي تعيشه البلاد اليوم، على أمل الوصول إلى قانون انتخابات جديد يخرج الناس من نيران الاقطاع، يؤمن الوصول الى دولة المؤسسات.
توترات وتجاذبات
وأخيراً وليس آخراً، يتطلع اللبنانيون وجميع من يهتم بالشأن اللبناني داخلياً وخارجياً، الى وضع حد ونهاية لتلك التوترات والتجاذبات والخلافات القائمة بين القوى السياسية.
ويأمل الجميع تسليط الضوء أكثر على مصالح واستحقاقات المواطنين بدلا من مصالح الكيانات المستقلة سواء من جانب المعارضة أو الحكومة أو الأطراف الأخرى التي تشاهد ولم تقرر موقفها بعد.
فاللبنانيون يتخبطون والضباب يعم البلاد، وينتظرون عودة الصفاء مرة أخرى. مواد متعلقة: 1. قوى «14 آذار»: لبنان في خطر كبير 2. المعارضة اللبنانية تقاطع حكومة ميقاتي 3. حزب الله يؤكد على الاستقرار السياسي لحماية لبنان