سلطت بعض الصحف الأمريكية الضوء اليوم الخميس على عزم الإدارة الأمريكية إجراء تعديل كبير في قيادة المعارضة السورية، ولاسيما عقب تأكيد هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الليلة الماضية في تصريحات أدلت بها للصحفيين في العاصمة الكرواتية، لجعل المعارضة أفضل تمثيلا للضحايا الذين يقدمون حياتهم على أيدي نظام بشار الأسد. فمن جانبها، رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في عددها الصادر اليوم الخميس أن انغماس إدارة أوباما خلال الأشهر الماضية في عدد من المفاوضات الدبلوماسية السرية والتي تمخض عنها مثل هذا القرار، يعد الهدف الأساسي منه هو كسب تأييد الأقليات التي لا تزال تدعم الأسد.
وأشارت الصحيفة - في سياق تعليق أوردته على موقعها الإلكتروني- إلى أن هذه الإستراتيجية الجديدة، التي سيتم الكشف عنها في اجتماع المعارضة السورية الأسبوع المقبل في قطر، تترقى لتكون بمثابة "المحاولة الأخيرة" لمنع بزوغ نجم المتطرفين من خلال المعارضة، ووقف امتداد الأزمة السورية إلى منطقة الشرق الأوسط.
وتجسيدا لرؤية إدارة أوباما، فإن القيادة السورية الجديدة ستضم -حسبما أبرزت الصحيفة- ممثلين من المجالس الثورية والجماعات الأخرى غير المسلحة داخل البلاد.
ونقلت الصحيفة عن مسئولين أمريكيين، تحدثوا شريطة عدم ذكر هويتهم وفقا للقيود المفروضة من قبل الإدارة، توقعهم بأن يحضر اجتماع المعارضة السورية نحو 50 من ممثلي المعارضة، أغلبهم من داخل سوريا، وسيتم اختيار مجلس تنفيذي يتضمن من ثمانية إلى عشر أعضاء، في إشارة إلى أنه في حال سارت الامور كما هو مخطط لها، فإن الجامعة العربية ستوافق على هذه العملية في الاجتماع القادم في القاهرة.
ولفتت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في معرض تعليقها، إلى أن المسئولين الأمريكيين رفضوا الإشارة إلى أسماء الحضور السوري، بسبب وجود مخاوف أمنية لديهم، إلا أن السفير الأمريكي روبرت فورد الذي تم سحبه من دمشق لأسباب أمنية قبل عام يعتزم حضور الاجتماع.
ونسبت الصحيفة إلى خبراء في الشأن السوري قولهم "إن هذه الخطة على ما يبدو وضعت الأساس لوجود اعتراف دولي بحكومة المعارضة، ولكن اعتبر مسئولا أمريكيا رفيع المستوى اعتبر أن هذه الخطة لاتزال بعيدة عن تنفيذها على أرض الواقع.
ووصف المسئول وظيفة القيادة الجديدة بأنها ستكون وظيفة ذات "توعية سياسية"، لبناء "مصداقية أساسية" بين المعارضة السورية ومؤيدى النظام السوري،إضافة إلى أنها ستكون "وظيفة إدارية، بما في ذلك توفير خدمات مثل الكهرباء، وتنظيمها مع الولاياتالمتحدة وغيرها من المساعدة الخارجية.
وقال أندرو تابلر محلل للشأن السوري في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى "إن تعيين الإدارة لقادة المقاطعات والمجتمعات المحلية داخل المجلس الثوري في سوريا، إنما هى بمثابة خطوة كبيرة كان يتعين اتخاذها منذ وقت طويل، ولكنه وآخرون أعربوا عن شكوكهم في أن تلعب المعارضة السورية الممزقة دورا في الوحدة الوطنية الجديدة.
وتساءل تابلر بشأن ما إذا كانت فصائل المعارضة العسكرية والسياسية داخل سوريا قد اندمجت إلى درجة أنه لم يعد من الممكن فصلها لتتوافق مع احتياجات السياسة الأمريكية، ولاسيما وأن القادة العسكريين المتمردين لم يتم دعوتهم لحضور اجتماع الدوحة.
ومن زاوية أخرى،أوضحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في عددها الصادر اليوم، أن توقيت اجتماع قطر الذي يمكن أن يتمخض عنه مثل هذا التغيير هو "مثير للاهتمام"، إذ من المتوقع أن يتم الإعلان نتيجة هذا الاجتماع الأربعاء القادم، أي عقب يوم من انتخابات الرئاسة الأمريكية، وبالتالي فإن نتائج هذه المحاولة لن تصبح "قضية انتخابية" أخرى.
وأضافت الصحيفة الأمريكية في سياق تعليق أوردته على موقعها الإلكتروني أنه بالرغم من أنه من المتوقع عدم وجود أي تحول يذكر في السياسة الأمريكية تجاه ملف الأزمة السورية بغض النظر عن الفائز في الانتخابات الرئاسية، إلا أن بعض المحللين يتوقعون بأن الولاياتالمتحدة يمكن أن تصبح أكثر انخراطا من خلال توفير الأسلحة، بما فيها الأسلحة المضادة للطائرات إلى المعارضة، في إشارة إلى أنها وحتى الوقت الحالي أصرت على تقديم وتوفير المساعدات غير القاتلة فقط،ومع ذلك أرسلت الأسلحة إلى المجموعات التي تدعمها من خلال دول أخرى.
ونقلت الصحيفة عن عمرو العظم وهو أكاديمي سوري في واشنطن، والذي لطالما كان ناقدا للمجلس الوطني السوري، قوله"إنهم يأملون في ظهور قيادة جديدة يمكن التعاون معها، والاعتراف بها".. مضيفا "كما يمكنها أن تزيد من الضغط على النظام السوري".
ومشيرا إلى أنه "في اللحظة التي تسير الأمور بوتيرة بطيئة، فإن هناك حالة من الجمود على الجبهة السياسية وعلى جبهة القتال".
واختتمت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تعليقها بالإشارة إلى أنه على الرغم من أن الولاياتالمتحدة وشركاؤها يسعون لاستبعاد القادة العسكريين من اجتماع قطر، إلا أنه ليس هناك أي ضمان بأن تؤتي هذه الجهود الشاملة ثمارها،ولاسيما وأن المحاولات السابقة لتشكيل معارضة أكثر وحدة وتماسكا وأفضل تمثيلا لأهدافها باءت بالفشل الذريع. مواد متعلقة: 1. المعارضة السورية ترفض قرار الأسد ب"العفو العام" 2. المعارضة السورية تبحث في اسطنبول إدارة المرحلة الانتقالية 3. المعارضة السورية: 37 قتيلا الثلاثاء ومعارك عنيفة بحلب