الأناضول: إذا كان "حلم" الجزارين في مختلف أرجاء العالم الإسلامي، خلال عيد الأضحى المبارك، الفوز بأكبر قدر ممكن من المال، فإن كل ما يأمله جزاري قطاع "غزّة"، أن يعودوا سالمين لأولادهم. فغزة، هذه البقعة الساحلية الضيقة، تتميز دون غيرها من البلاد الإسلامية، بكون غالبية أضاحيها من فصيلة "البقر"، المعروفة بقوتها وشراستها؛ حيث ينفر الغزاويين من الأضاحي الوديعة، كالخراف والأغنام.
كما يرفض غالبية سكان القطاع ذبح هذه الأضاحي الكبيرة في "المسالخ" الكبيرة التابعة للبلديات، ويصرون على نحرها في منازلهم، رغم عدم أهليتها لذلك.
ومع اقتراب عيد "النحر"، يزداد شعور جزاري غزة، بالقلق، نظرا لحجم الإصابات الكبيرة التي تخلفها هذه المخلوقات الكبيرة والعنيفة، كل عام.
وفي هذا الصدد، كشف أشرف القدرة، الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، عن مقتل فلسطيني وإصابة نحو 150 آخرين في قطاع غزة، خلال اليومين الماضيين، نتيجة مهاجمة الأضاحي، للجزارين أو المواطنين.
وأوضح القدرة أن مواطنا يبلغ من العمر 52 عاما من سكان محافظة خانيونس، جنوب قطاع غزة، لقي حتفه، نتيجة نطحه من "عجل" كان يعتزم نحره خلال العيد.
وأشار إلى أن الإصابات تنتج عن "نطح" المواشي للجزارين أو المواطنين خلال عملية ذبحها أو مطاردتها بعد هربها، وتقدّر ما بين طفيفة ومتوسطة، وبعضها يكون عبارة عن "رضوض" أو كسور في الأطراف، أو قطع في "الأوتار" نتيجة الإصابة بالسكاكين خلال عمليات الذبح.
كما أن عمليات ذبح العجول، تتحول إلى ما يشبه "الاحتفالية"، حيث يحضرها المضحون لمنازلهم، فيما تتجمع أعداد كبيرة من السكان لمشاهدة عملية النحر, وكثيرا ما تشهد عملية الذبح، بعض الإشكاليات نتيجة قوة العجل، ومحاولاته للفرار، وقد يلحق ذلك إصابات خطرة بالجزار.
وروى شهود عيان قصص عديدة لحوادث مهاجمة "العجول" للمواطنين، خلال العيد, ومن هذه الحوادث، قصة الشاب طلال فروانة (36) عاما، والذي اتفق مع أشقائه على تقديم أضحية "عجل"، بالشراكة فيما بينهم.
وقد تحولت "احتفالية" إحضار "العجل"، للمنزل، الخميس الماضي، قبيل العيد، إلى ما يشبه الكابوس، حيث انفلت العجل من عقاله، لدى إنزاله من الشاحنة.
وأقدم العجل – وهو من نوع يطلق عليه محليا اسم (شراري) والمعروفة بشراستها - على نطح الشاب فروانة بقوة، فقذفه عدة أمتار للخلف، وأسقطه وسط كوم من حطب أشجار الليمون المليئة بالشوك.
ولم يكتف العجل بذلك، بل نطح كذلك شقيقه الثاني، بينما أفلت شقيقه الثالث بأعجوبة من رأس العجل "الثائر"، الذي أطلق قوائمه للريح، وراح يعدو في شوارع وأزقة مدينة خانيونس المكتظة بالسكان, وبصعوبة بالغة، تمكن الأهالي من السيطرة على العجل، وقاموا بنحره على الفور، في يوم وقفة عرفة، وقبل حلول العيد.
ولا تعد ظاهرة تقديم الأضاحي من الأبقار جديدة في غزة؛ حيث بدأ هذا الأمر منذ نحو 20 عاما، وقبل هذا الوقت كان الغزاويون يقدمون أضاحيهم من الخراف. ومن أسباب هذا التغير، بحسب ما كشف سكان من القطاع ل"الأناضول" هو "كمية اللحم الوفيرة التي تعطيها العجول، على خلاف الخراف، حيث يرغب السكان في إرضاء أكبر عدد ممكن من الأقارب والمعارف، نتيجة الطبيعة القبلية و(العائلات الممتدة) للمجتمع الغزي".
كما أن سكان القطاع لا يستسيغون كثيرا لحوم الخراف "الدسمة"، ويفضلون عنها لحوم الأبقار، التي تتميز أيضا بأن سعرها مناسب وأرخص من لحوم الأغنام.
وتناشد بلدية غزة، في كل عام، السكان بذبح أضاحيهم في "مسلخ" البلدية المؤهل لذبح المواشي الكبيرة كالعجول, لكن استجابة السكان لنداءات البلدية، ضعيفة؛ نظرا لرغبة المضحين وأسرهم في مشاهدة عملية "النحر"، التي قد تكون "صعبة"، في "المسلخ".
وكانت مسألة ذبح العجول المسمنة، التي لم تبلغ العامين من العمر، تثير جدا فقهيا, لكن مديرية أوقاف غزة، أفتت الأسبوع الماضي، بجواز ذبحها.
وقال مدير مديرية أوقاف, غزة أسامة سليم, في بيان صحفي: "أكد عدد من كبار العلماء في قطاع غزة في البيان الفقهي التوضيحي لهذه المسألة أنه إذا دعت الضرورة ورفعاً للحرج عن الأمة؛ فالأضحية بالعجول المسمنة وافرة اللحم التي لا تتميز عما بلغ السنتين من العجول غير المسمنة تجزئ عمن لم يجد ذات السن المنصوص عليها". مواد متعلقة: 1. أهالي «العدوة» يؤجلون نحر الأضاحي انتظارا ل«مرسي» 2. دمياط: «الأضاحي» تذبح بعيداً عن الرقابة 3. مرسي يصل مسقط رأسه لنحر الأضاحي