يعيش التونسيون الآن لحظات أشبه بالزلزال السياسي، لا يعلمون ما يصدقون وما سيؤول إليه مصير البلاد، بعد التأويلات الأخيرة بحدوث انقلاب عسكري، الأمر الذي أثار الخوف والتوتر بالبلاد. وتزامنت هذه الأحداث والتأويلات مع ذكرى أول انتخابات تونسية بعد الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس المخلوع زين العابدين ، والتي توافق 23 أكتوبر من العام ذات، كما انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي إلى الخروج في تظاهرات اليوم الثلاثاء، لإسقاط الحكومة التي تقودها حركة النهضة.
وشهدت تونس خلال الأربع والعشرون ساعة الماضية، حالة من الفوضى، حيث انتشرت التظاهرات في كافة أنحاء البلاد، كما غلب العنف السياسي ومطالبات باستقالة الحكومة على الساحة.
الشرعية الحكومية
فبمرور عام على أول انتخابات في تونس بعد الانتفاضة والذي يُصادف اليوم الثلاثاء، ووسط أجواء من الضجيج السياسي وتوتر بين الحكومة المؤقتة واحزاب المعارضة، تنظر أحزاب المعارضة إلى هذا اليوم على انه "نهاية للشرعية الإنتخابية التي تستند إليها الحكومة الحالية".
وتطالب المعارضة بتعويض "الشرعية الإنتخابية" أو دعمها ب"شرعية توافقية"، فيما يرفض الإئتلاف الحاكم الذي تقوده حركة النهضة الإسلامية هذا الطرح، ويؤكد على أن "الشرعية الإنتخابية" قائمة ولا تنتهي إلا بتنظيم إنتخابات أخرى، ولا تتردد في وصف أصحاب الرأي المخالف بأنهم "إنقلابيون".
فيعتبر المعارضون أن شرعية الحكومة تنتهي اليوم لأن 11 حزباً بينها حركة "النهضة"، تعهدت في وثيقة وقعتها في 15 أيلول/سبتمبر 2011، ألا تتجاوز مدة عمل المجلس التأسيسي سنة من تاريخ انتخابه.
ومع إحياء ذكرى الإنتخابات، فطالب البعض بتسليم الحكم إلى الجيش إلى حين تنظيم انتخابات عامة، ولم ينته المجلس التأسيسي بعد من صياغة الدستور الجديد، على وقع انتقادات للمعارضة.
العنف السياسي
ولما تشهده تونس من توترات، طالبت أحزاب "الترويكا المعارضة" في تونس وتشمل أساساً ثلاثة أحزاب هي "حركة نداء تونس" و"الحزب الجمهوري" و"حزب المسار" إضافة إلى حزب "الجبهة الشعبية"، بوقف حملات "العنف السياسي" التي تقودها ميليشيات مقربة من حركة "النهضة" الإسلامية.
كما طالبت باستقالة وزير الداخلية علي العريض، فيما تتعالى أصوات بتسليم السلطة إلى الجيش الذي دفع بتعزيزات إضافية إلى داخل البلاد، حيث شهدت مدينة "قابس" (جنوباً) مصادمات عنيفة بين الأمن ومتظاهرين.
وشاركت أحزاب الترويكا في مسيرة احتجاجية في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة للتنديد ب "العنف السياسي".
وردد الآلاف من المتظاهرين امس، شعارات مناهضة للعنف والائتلاف الحاكم ومطالبة بالحرية والتشغيل، فيما تواجد العشرات من أنصار حركة "النهضة الإسلامية" في شارع الحبيب بورقيبة ورددوا بدورهم شعارات مؤيدة للائتلاف الحاكم.
الجيش ينتشر
ورداً على هذه التظاهرات فقد عزز الجيش انتشاره في مواقع حساسة في البلاد تحسباً لوقوع أعمال اليوم الثلاثاء، تزامنا مع مرور عام كامل على إجراء انتخابات المجلس التأسيسي المكلف صياغة دستور جديد.
وقال العميد مختار بن نصر المتحدت باسم وزارة الدفاع: "تم منذ السبت نشر تعزيزات عسكرية بالعاصمة وداخل جهات الجمهورية، في إطار مخطط انتشار وقائي لطمأنة المواطن ومجابهة أي طارىء وذلك إلى غاية انتفاء الحاجة لذلك".
وقد أعاد هذه الانتشار إلى الأذهان الإنتشار الذي تم بعد الإعلان رسمياً عن سقوط نظام بن علي، حيث تمركزت الوحدات العسكرية المسلحة في الساحات العامة وأمام المؤسسات والمنشآت الحيوية التي أحيطت بالأسلاك الشائكة.
انقطاع البث
وكان الافت في هذه الأحداث، ما حدث مساء الاثنين، حيث تم انقطاع البث التلفزيوني الفضائي لأربع قنوات تلفزيونية تونسية، مما أثار حالة من الخوف والتوتر في البلاد وسط تأويلات متنوعة وصلت إلى حد الحديث عن انقلاب عسكري.
وبدأ هذا الانقطاع فجأة عند الساعة العاشرة ليلاً بالتوقيت المحلي، وشمل القناتين الوطنيتين الأولى والثانية، بالإضافية على قناتي "نسمة تي في" و"حنبعل"، حيث استمر لأكثر من ساعة وسط حالة من الاستغراب والتخوف، لم تُفلح التطمينات الرسمية التي صدرت على موجات الإذاعات المحلية في تبديدها.
وأوضحت السلطات الرسمية أن سبب انقطاع البث التلفزيوني يعود إلى خلل فني ناتج عن سوء الأحوال الجوية، ومع ذلك برزت على صفحات شبكات التواصل الإجتماعي أنباء عن انقلاب عسكري.
انقلاب وشيك
ولكن رغم النفي القاطع من جميع الجهات لحدوث انقلاب عسكري إلا أن البعض ذهب إلى حد القول: "إن المجلس العسكري الأعلى يستعد لإصدار البيان رقم 1 يُعلن فيه سيطرته على البلاد"، فيما قال البعض الآخر إن الرئيس السابق زين العابدين بن علي يستعد للعودة إلى تونس من منفاه في السعودية.
وربط البعض انقطاع البث التلفزيوني بالإنتشار العسكري الكثيف للقوات المسلحة التونسية وسط تونس العاصمة الذي بدأ منذ صباح أمس، وشمل غالبية المناطق الحيوية في العاصمة.
مواد متعلقة: 1. واشنطن تُُحذر رعاياها من السفر إلى تونس 2. المرزوقي: تونس دخلت "منطقة الزوابع" 3. تونس: انتشار للجيش وسط تصاعد الاحتجاجات