أكد عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) مفوض العلاقات الخارجية بالحركة الدكتور نبيل شعث أن مصر هي العمود الفقري للأمة العربية، والركن الحصين سياسيا وعسكريا وثقافيا، وتعمل على أن تكون هناك "فلسطين واحدة" على حدودها الشرقية نظرا لأنها الوسيط الوحيد في المصالحة الوطنية لإنهاء الانقسام الفلسطيني. وتحدث شعث، في حوار خاص مع وكالة أنباء الشرق الأوسط، عن العديد من الموضوعات من بينها الذهاب إلى الأممالمتحدة لنيل العضوية غير الكاملة لدولة فلسطين، وذكرياته مع أجمل مدن العالم في رأيه وهى مدينة الإسكندرية حيث نشأ وتعلم وتزوج فيها.
وقال مفوض العلاقات الخارجية بحركة فتح إن الذهاب إلى الأممالمتحدة مهمة قديمة متجددة ، فقد سعى الفلسطينيون طوال عامي 2010 و2011 من أجل الحصول على عضوية كاملة لدولة فلسطين في الأممالمتحدة لكنهم اصطدموا بعائق أن مجلس الأمن هو الجهة الوحيدة المخولة لمنح عضوية كاملة ، ومن ثم لم يتمكنوا من الحصول على التسعة أصوات اللازمة للأغلبية حتى بدون الفيتو الأمريكي ،. وكانت هناك دول صديقة معترفة بدولة فلسطين ، مثل البوسنة والهرسك ، لكنها تعرضت لضغوط أمريكية كبيرة بهدف عدم التصويت لصالحها.
وأضاف "عدنا مرة أخرى حيث توالت الضغوط من أجل خوض التجربة مجددا، وجرت المفاوضات تحت إشراف اللجنة الرباعية الدولية والأردن ، إلا أنها لم تسفر عن شيء كما أن الإسرائيليين أغلقوا كل الطرق أمام أي تقدم بل عمقوا الاستيطان وزادوا من صعوبة القيود المفروضة على الشعب الفلسطيني وأحكموا الحصار على قطاع غزة، فالأمور كانت صعبة للغاية وكان لابد من العودة مرة أخرى إلى الحراك الدولي لأنه ضروري ومهم، ولهذا قررنا الذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على اعترافها بنا كدولة وإن كانت ليست كاملة العضوية".
وأوضح شعث "هناك 135 دولة تعترف بفلسطين، ولكننا نسعى إلى الحصول على اعتراف 180 دولة، ونحن لسنا بحاجة إلى تأييد أكثر من 96 دولة فى حال حضور جميع أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ويتطلب الأمر أن لا يزيد عدد الدول المعارضة عن النصف.
وأتوقع أن لا يقل عدد الدول المؤيدة للطلب الفلسطيني عن 150 دولة، وأتذكر هنا حينما أرسلني الرئيس الراحل ياسر عرفات، وكنت بمفردي، عام 1974 للحصول على قرار من الأممالمتحدة بالاعتراف بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وحصلت وقتها على 105 أصوات من أصل 134 دولة عضو في الأممالمتحدة إلا أن المسألة استغرقت شهرا كاملا ويومين، ولذلك قد يستغرق الطلب الفلسطيني وقتا طويلا بعد أن يلقى الرئيس عباس خطابه غدا الخميس".
وعن الأزمة الاقتصادية الحالية التي تشهدها السلطة الفلسطينية واحتمالات إلغاء اتفاقية باريس الاقتصادية التي وقعتها مع إسرائيل في 29 أبريل 1994، قال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" الدكتور نبيل شعث إنه من المفترض أن اتفاقية باريس مؤقتة ويجب إعادة النظر في شروطها سنويا، ولكن الفلسطينيين يعيشون تحت احتلال إسرائيلي كامل وعند التفاوض اليوم سوف يضع الإسرائيليون شروطا أسوأ مما سبق.
وقال " إن المشكلة لا تكمن في اتفاقية باريس ولكن في الحكم الإسرائيلي العسكري،وأنه ليس بالإمكان استيراد تفاحة أو برتقالة واحدة بدون إذن إسرائيل، فهي التي تقرر كل ما يتعلق بحياة الفلسطينيين الاقتصادية، ومن ثم المطلوب هنا هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وليس إنهاء اتفاقية باريس".
وأوضح أن التفاوض على اتفاقية باريس تم على اعتبار أنها مؤقتة بهدف مساعدة الجانب الفلسطيني على استعادة الضرائب والجمارك المستقطعة، وأن تدر العمالة الفلسطينية دخلا خلال الفترة الانتقالية ، إلا أن الجانب الإسرائيلي ألغى هذه العمالة وأية تسهيلات أخرى كما أنه ألغى شرطا في الاتفاقية ينص على حرية التصدير إلى إسرائيل والتصدير بين الضفة الغربية وإسرائيل دون أي قيود بعد الثلاثة أشهر الأولى من توقيعها وهو ما لم يحدث على الإطلاق، فهم يخالفون أغلب شروطها.
في سياق يتعلق بالتطورات التي تشهدها المنطقة العربية ومنها فلسطين، قال شعث " إن مشاكل الربيع العربي في فلسطين سببها الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى الانقسام الفلسطيني، وهو ما عبرت عنه بمنتهى الصدق حركة "شباب 15 آذار" في مارس 2011 تحت شعار "الشعب يريد إنهاء الاحتلال" و"الشعب يريد إنهاء الانقسام" ، مشيرا إلى وجود حصار اقتصادي محكم يعمل على تفاقم الوضع.
غير أنه قال "أعتقد أن الأشقاء العرب سوف يقدمون مساعداتهم عندما تنفذ الولاياتالمتحدة وإسرائيل تهديداتهما، فعندما اندلعت الانتفاضة الثانية وتوقفتا عن دفع أموال السلطة، طالب العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز- وكان وقتها وليا للعهد- أمام مؤتمر القمة العربية في القاهرة عام 2000 بتقديم مساعدات بقيمة مليار دولار تم دفعها على عامين وتكفلت السعودية وحدها بدفع نصف المبلغ فيما دفعت النصف الأخر كل من الكويت والإمارت وقطر والجزائر".
وأشار كذلك إلى "شبكة الأمان" التي اقترحها الملك عبد الله بن عبد العزيز والتي مكنت الشعب الفلسطيني بالفعل من مواجهة الأعباء والضغوط التي فرضتها عليه إسرائيل عقب الانتفاضة الثانية، معربا عن ثقته التامة بأن الأمة العربية لن تتخل عن الفلسطينيين ما إذا أوقف الأمريكيون والإسرائيليون الأموال نتيجة التوجه الفلسطيني إلى الأممالمتحدة، ولاسيما الدور المصري والسعودي حيث تشكل السعودية سندا سياسيا واقتصاديا وماليا مهما للقضية الفلسطينية.
وفى حواره مع مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط في رام ، تذكر الدكتور نبيل شعث واقعة توضح مكانة مصر وريادتها قائلا "أتذكر حينما طرح ولى العهد السعودي (العاهل السعودي حاليا) الأمير عبد الله بن عبد العزيز مبادرة السلام العربية في قمة بيروت 2002، خاطبه أحد الحاضرين بأنه زعيم العرب لكن الأمير عبد الله قاطعه ، قائلا "إن مصر هي زعيمة العرب" . وقال شعث "نرى نحن الفلسطينيون أن مصر والسعودية حليفان عربيان إستراتيجيان أساسيان لا غنى عنهما".
وردا على سؤال حول ترشح أسماء من حركة فتح لخلافة الرئيس محمود عباس الذى أعلن رفضه خوض الانتخابات الرئاسية، أجاب شعث "لا توجد أسماء مرشحة لخلافة الرئيس عباس، وأنا أقدر غضبه وأقدر الموقف السياسي والنفسي حينما يجد نفسه أمام طريق مسدود نظرا لأن كل من وقع معه على اتفاقيات لم يلتزم بها أو ينفذها".
وبشأن تصريحاته الأسبوع الماضي للصحف السعودية حول استقواء حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بوصول "الإخوان المسلمين" إلى الحكم فى مصر، أجاب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح "إن تصريحاتي لصحيفتي "الوطن" و"عكاظ" السعوديتين كانت واضحة، فقد قلت إن هذا تصور حماس وأعتقد أن تصورهم خاطيء لأن مصر لا تفكر في ذلك، وهناك فرق بين أن تقول عندي أمل أن يأتي الربيع العربي بقوى إسلامية تدعم موقفي وبين أن تعلن القوى الإسلامية ذلك".
وأشار شعث في هذا الصدد إلى أنه تقابل خلال زيارته الأخيرة إلى مصر مع موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي أبلغه أن الحركة تسخر من هذا الكلام وهو كلام غير صحيح.
ويرى أن من مصلحة أى نظام فى مصر أن تكون هناك "فلسطين واحدة" على حدودها الشرقية، مشيرا إلى الرد الواضح لوزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو بأن هناك شرعية فلسطينية واحدة، وأن مصر تستقبل حركة حماس كفصيل فلسطيني. وأضاف شعث أن السلطة الفلسطينية لم تعترض مطلقا على ذلك لأن دور مصر فى الوساطة دور وحيد، وأنه طلب توضيح الموقف المصري فقط بهدف الرد على من يشككون فى وساطة مصر.
وأشار كذلك إلى تصريحات الرئيس محمد مرسى قبل سفره إلى الأممالمتحدة التي حمل فيها الأمريكيين المسئولية لأن واشنطن لم تقم بالتأكد من تنفيذ الاتفاقات التي رعتها، وقال "أعتقد أن الموقف المصري واضح تماما بين تصريحي وزير الخارجية والرئيس مرسى ، والذي يعتبر فلسطين ركنا رئيسيا فى سياسة مصر الخارجية والداخلية على السواء، وأن مصر تتعامل مع طرف فلسطيني واحد شرعي هو الرئيس عباس باعتباره الرئيس المنتخب ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ولكنها تتحدث بطلب من الفلسطينيين جميعا مع كل الأطراف بما يحقق وحدتهم وينهى انقسامهم".
وفى سياق حديثه عن الدور المصري في تحقيق المصالحة الفلسطينية ، قال " هناك البعض في حماس -وليس جميعهم - يعتقد أنه طالما هناك نظام ينتمي إلى التيار الإسلامي في مصر، فإنه يتعين أن يتغير موقفه لصالحهم ، إلا أنهم واهمون وللأسف يدفع الفلسطينيون جميعهم ثمن هذا الوهم الذي يعطل جهود المصالحة" ، مؤكدا أن مصر ستظل حليفا قويا لكل فلسطين وليس لجزء منها.
كما أكد أنه لا يوجد مصري واحد يقبل أن يموت أهل غزة جوعا أو عطشا أو أن يعيشوا بدون كهرباء ولا تدفئة ولا أدوية، بينما كان الحل حتى هذه اللحظة هو الأنفاق ، إلا أنها تثير المشاكل وكان لابد من التوصل إلى حل فوق الأرض وليس تحتها، ولكن مع السلطة الفلسطينية، فالمصلحة تقتضى أن يكون أهل غزة في أفضل حال حتى تتحقق الوحد الكاملة.
وأشار أيضا إلى ضرورة أن تكون العلاقة بين غزة ومصر علاقة اقتصادية تقوم على مصلحة مشتركة وليس على تقديم المعونة ، ومن ثم يتعين إيجاد حل ولكن من خلال الشرعية الفلسطينية وليس مع جزء من فلسطين.
وفيما يتعلق بالاجتماع الذي عقدته الأممالمتحدة الجمعة الماضية بشأن "اللاجئين اليهود من الدول العربية"، قال إن الإسرائيليين اضطروا للتخلي عن هذه الفكرة خلال مفاوضات كامب ديفيد في يوليو 2000، وأيضا فى مفاوضات طابا في يناير 2001، وهم يسعون إلى ذلك من أجل ممارسة الضغط بدلا من مواجهة المشكلة الرئيسية وحلها ويتجهون نحو افتعال مشاكل أخرى. وأضاف "أن البلاد العربية لم تهجر هؤلاء اليهود، بل إن التنظيم الصهيوني العالمي هو من فعل ذلك ودبر تفجيرات في دول عربية كثيرة لتهجير اليهود منها"، متسائلا: يطالب الفلسطينيون بحق العودة، فهل هم (اليهود) مستعدون أيضا للرحيل عن إسرائيل والعودة إلى الدول العربية التي هجروها؟!.
وتحدث أيضا عن الانسحاب أحادى الجانب من الضفة الغربية الذي أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك عنه أمس الأول الاثنين، حيث يرى أن باراك ومن قبله رئيس الوزراء الأسبق أرئيل شارون، من أنصار حل الدولة ذات الحدود المؤقتة، إذ يقول إن الإسرائيليين على استعداد للانسحاب من بعض المستوطنات المعزولة والنائية وإن من أراد البقاء من المستوطنين اليهود يظل تحت حكم السلطة الفلسطينية، أي أنه يفرض على الفلسطينيين قبولهم. ولكنه يريد في الوقت ذاته القدس وبيت لحم وكل ما يحيط بهما ومنطقة الأغوار والبحر الميت، وعشرة كيلومترات من حدود الضفة الغربية باتجاه إسرائيل، وكل الكتل الاستيطانية فضلا عن وجود عسكري دائم وسيطرة تامة على الأجواء والمياه.
ولذلك يرى نبيل شعث أن هذا الطرح "كارثة" بالمعنى الحقيقي للكلمة لأنه سيكرس الهيمنة والاحتلال الإسرائيلي إلى الأبد، ويهدف أيضا إلى إسقاط مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة من الدولة الفلسطينية، فمشروع باراك لا يتحدث مطلقا عن غزة لأنه شطبها من المعادلة الديموغرافية وعاد إلى نظرية رابين القديمة القائلة "يا ليت غزة تغرق في البحر هي ومن عليها"، والمهم في نظره هو التخلص قانونيا من غزة، وأن غزة ليست أرضا محتلة وبالتالي هي وكل من عليها خارج إطار القضية الفلسطينية نهائيا. مواد متعلقة: 1. شعث: الطلب الفلسطيني سيحظى بدعم كبير في الأممالمتحدة 2. "شعث" يتوقف بالقاهرة في طريقه إلى جنوب أفريقيا 3. شعث: الاحتلال يتعامل مع الاراضي الفلسطينية وكأنها أرضه