"عليّ وعلى أعدائي" ..يبدو أن تلك هي المقولة التي يطبقها نظام الأسد في سوريا منذ بدء ثورة شعبية ، عجز عن اخمادها ، فلم يجد أمامه سوى تطبيق سياسة "الأرض المحروقة" مستغلا سلاح الطيران والدبابات والمدافع للخلاص من شعبه. فتبث وسائل الاعلام مشاهد ولقطات مصورة كل لحظة تظهر حجم الدمار الذي لحق بالمدن والأحياء السورية ، فضلا عن مئات الشهداء الذين يسقطون كل يوم بنيران ما اصطلح على تسميته الجيش النظامي .
وذهب البعض للاعتقاد أن النظام السوري اتخذ قرارا فِعليا بتحويل كل مدن سوريا إلى حماه أخرى، التي عمد الرئيس السابق حافظ الأسد، إلى تسوية العديد من أحيائها بالأرض عام 1982 وقتل فيها ما يتراوح بين 20 إلى 30 ألف شخص ، الأمر نفسه حدث مع تجربة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي الذي دمر بلاده لحماية سلطانه وسلطته.
زلزال قوي
وفي هذا السياق ، ذكرت تقارير اخبارية أن الهجمات التي تشنها قوات الأسد ، دمرت مناطق واسعة من سوريا وكأن زلزالا قويا قد هزّ أركانها.
وحسب إحصائيات منظمة حقوق الإنسان السورية فإن 2.8 مليون مبنى قد تدمر منذ اندلاع الأزمة السورية حتى الآن ، وتأتي حمص في مقدمة المدن السورية التي شهدت تدميرا إذا أن حوالي 800 ألف مبنى تدمر ، بينها شقق ومدارس وكنائس ومساجد ومستشفيات، أما مدينة ادلب فتأتي في المركز الثاني حيث شهدت تدمير حوالي 500 ألف مبني بينما دمرت قوات الأسد حوالي 425 ألف مبنى بدمشق.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل كشفت منظمة حقوق الإنسان السورية أن إعادة بناء تلك المباني المدمرة سيتكلف 35 مليار دولار أمريكي ، وسيحتاج إلى 3 سنوات لإتمامه.
نداءات استغاثة
ولم يعد خفيا علينا أن المنظمات الدولية تطلق بين الحين والآخر نداءات استغاثة محذرة من أوضاع انسانية متدهورة في سوريا ، بل ذهبت الى اعلان مناطق بعينها "منكوبة" ، حيث حذر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من عواقب اتساع الدمار في سوريا على أوضاع السكان المدنيين، مشيرا الى أن الوضع الإنساني مستوى مخيفاً.
وقال فيليبو جراندي في اجتماع مع نواب أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي ، في وقت سابق هذا الشهر إن "وتيرة الدمار تسارعت في سوريا حيث تثير الفزع"، لأن المواطن، لاجئا كان أم سوريا، أصبح لا يعلم مصيره في كل لحظة يغادر فيها البيت".
وقال جراندي "إذا غادر المواطن عتبة بيته فلا يعلم أي خطر سيقابله في ركن الشارع جراء مناخ الفوضى وانعدام الأمن". وتشمل المأساة السوريين واللاجئين الفلسطينيين على حد سواء.
وتذكر تقديرات أن عدد اللاجئين السوريين الذين فروا إلى الدول المجاورة بلغ 170 ألفاً، وأن نحو مليون شردوا داخل البلاد، وأن ما لا يقل عن 2.5 مليون في حاجة إلى المساعدة الإنسانية.
ولم يختلف كلام جراندي عن تصريحات بيتر ماورر رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر، التي اعرب فيها عن صدمته من الدمار الهائل الذى اصاب البنى التحتية والمنازل فى العديد من المناطق السورية التى قام بزيارتها مثل المعضمية والقابون وحرستا .
وقال ماوررفى مؤتمر صحفى عقده فى جنيف ، هذا الشهر ، انه تأثر بشدة من قصص الاطفال المذهولين من وقع فقدان ابائهم اثناء القتال والذين يعيشون مشاعر أليمة .
واضاف انه قام بزيارة عدد من المراكز الطبية فى ريف دمشق وانه شعر بخطورة الوضع هناك حيث يواجه العاملون صعوبات هائلة فى اداء مهامهم و يموت كل يوم عدد كبير من الرجال والنساء والاطفال لانهم لم يتمكنوا من الحصول على الرعاية الطبية و كان من الممكن انقاذهم.
ونتساءل ، ماذا بعد كل هذا الدمار ؟ ماذا بعد كل هذة الأعداد من القتلى والمصابين؟ ماذا بعد تشريد الآلاف من اللاجئين السوريين ؟ والإجابة واضحة ، أن المجتمع الدولي ينتظر أن يتحرك بعد مقتل آخر مواطن سوري .