تصدرت الاحتجاجات الليبية المتأججة ضد استمرار حمل الكتائب التي تشكلت للاطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي للسلاح، وسيطرة شباب وسكان مدينة بنغازى على مقرات للكتائب العسكرية وتسليمها للجيش الوطني صفحات كبريات الصحف الغربية الصادرة صباح اليوم الأحد. فقد ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن اندلاع تظاهرات شعبية واسعة النطاق في ليبيا للتنديد بوجود الميليشيات المسلحة في البلاد يؤكد في الحقيقة الفجوة الامنية الكبيرة التي تعاني منها ليبيا عقب سقوط النظام السابق.
وقالت الصحيفة - على موقعها الإلكتروني - إنه في الوقت الذي تعهد فيه المتظاهرون بالقيام ب"ثورة جديدة" من أجل تخليص أنفسهم من الميليشيات المسلحة والمتطرفين، حاولت السلطات الليبية تهدئة حدة الغضب الشعبي وأعلنت عن حاجتها لبعض هذه الميليشيات للحفاظ على الأمن في ضوء ضعف قوة الشرطة المحلية والجيش.
وأوضحت أن الهجمات التي شنها المتظاهرون ضد معاقل العديد من الميليشيات المسلحة في مدينة بنغازي، ومنها معقل جماعة "أنصار الشريعة" حيث أسقطوا أعلام الجماعة وطردوا مسلحيها، كانت أشبه بانفجار بركان غضب لم يسبق له مثيل للتأكيد على الاحباط الشعبي المتفاقم من جراء استمرار الميليشيات في حمل الاسلحة.
وكان عدد من المنتمين إلى الميليشيات المسلحة المنتشرة في ليبيا - حسبما أفادت الصحيفة - قد وجهوا أصابع الاتهام في اندلاع هذه التظاهرات إلى انصار القذافي" فيما أسهم العثور على ست جثث مكبلة الأيدي لجنود ليبيين على مشارف بنغازي في زيادة حدة التوترات الحالية.
كما ألقت الصحيفة الضوء على الحالة الأمنية في ليبيا ما بعد القذافي، التي حاول فيها سلسلة من القادة الانتقاليين استعادة النظام في دولة طالما عانت فيها الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة من حالة ضعف فاقمها تجريد المؤسسات الحكومية من سلطاتها.
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى ان أبرز معالم تدهور الحالة الأمنية في ليبيا ما بعد القذافي تمحور في تعاظم دور الميليشيات المسلحة، التي تولي في الحقيقة اهتماما متدنيا للسلطات المحلية ؛ فضلا عن تورطها في أعمال قتل واغتيال، إلا أن هذا الأمر لا ينفي احتياج الحكومة إليهم".
واستدلت الصحيفة الأمريكية على هذا الطرح بأن أعادت إلى الاذهان الدور الذي قامت به كتيبة راف الله السحاتي، التابعة لوزارة الدفاع الليبية، في حفط الامن في مدينة بنغازي أثناء الانتخابات البرلمانية التي جرت في وقت سابق من العام الجاري وقيامها بحراسة مجموعة كبيرة من الأسلحة المضبوطة بداخل معقلها.
من جانبها، رأت صحيفة "ديلي تليجراف" البريطانية أن سقوط اعداد قتلى ومصابين خلال الاشتباكات التي وقعت مؤخرا في مدينة بنغازي بين المتظاهرين ورجال الميليشيات المسلحة بجانب توعد قادة الميليشيا بالرد على الهجوم على معاقلهم وطردهم منها ينذر بقدوم المزيد من المشاكل إلى ليبيا.
ومع ذلك، أوضحت الصحيفة - على موقعها الإلكتروني - أن وحدات تابعة للجيش الليبي والشرطة المحلية هي التي تسيطر حتى هذه اللحظة على معاقل الميليشيات الخاوية..مشيرة إلى أن ظهور لافتات مؤيدة للولايات المتحدة خلال هذه التظاهرات يعد أمرا غير شائع في البلدان العربية.
وأضافت :"أن أغلب المتظاهرين أكدوا - بالرغم من ذلك - أن قدومهم جاء من أجل بنغازي وليس الولاياتالمتحدة، في حين رفع آخرون لافتات تحيي ذكرى السفير الأمريكي كريس ستيفنز، الذي قتل إثر هجوم شن على مقر القنصلية الأمريكية في بنغازي احتجاجا على بث الفيلم الأمريكي المسئ للنبي محمد (ص)".
واعتبرت الصحيفة البريطانية أن المخاوف الأولية الناجمة عن امكانية تجدد أعمال العنف بين المتظاهرين وأعضاء جماعة "أنصار الشريعة" أثبتت صحتها وخاصة في ظل زيادة أعداد الاسلاميين في ليبيا، مشيرة إلى أن المسئولين الأمريكيين تراجعوا عن روايتهم السابقة الخاصة بشأن تسبب التظاهرات التي اندلعت أمام مقر القنصلية الأمريكية في بنغازي إلى مقتل السفير ستيفنز وثلاثة آخرين من أفراد طاقمه مستندين على رواية أخرى أكد فيها شاهد عيان ليبي أنه لم تكن هناك تظاهرات أمام مقر القنصلية قبيل الهجوم.
وفي السياق ذاته، سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية الضوء على المزاج العام في مدينة بنغازي الليبية عقب الاحتجاجات العارمة التي اندلعت ضد الميليشيات المسلحة وتمخضت عن طردهم من معاقلهم، وقالت :"إنه أشبه بمزيج اختلطت فيه مشاعر الانتصار والحزن على من فقدوا أرواحهم جراءها".
وذكرت الصحيفة - على موقعها الإلكتروني - أن مستشفيات بنغازي استعدت في الحقيقة لاستقبال المزيد من المصابين من جراء امكانية تجدد أعمال العنف على خلفية قيام رجال كتيبة "راف الله السحاتي" بإعادة احتلال معاقلهم التي تم طردهم منها، حيث تجمع مئات من الاشخاص غير المسلحين بخارج المعقل واعربوا عن رفضهم لرجوع رجال الكتيبة مجددا. مواد متعلقة: 1. متظاهرون ليبيون يحاولون إخراج إسلاميين من مقر رئيسي لميليشيا أنصار الشريعة المتشددة 2. السيطرة على 7 مقرات للكتائب العسكرية للثوار الليبيين وتسليمها للجيش الليبي 3. متظاهرون يسلمون الجيش الليبي مقار تشكيلات مسلحة