مناوشات ومناقشات، اختلافات واتفاقات، أطروحات اكتملت، ومصير لم يعرف بعد، وسياسة لم يعتادها الناس من قبل، جعلت جنرالات مصر الذين ظن الشعب أنهم لن يحالوا ولن ينكسروا، يعيشون يترقبون مصيرهم بليل أو نهار، لا يعلمون ماذا تُخفي لهم الأقدار، فالمحاكمات العسكرية تطارد شخصيات عسكرية كبيرة، أحيلت إلى التقاعد مؤخراً، وعلى رأسهم المشير طنطاوي والفريق سامي عنان،واللواء مراد موافي، مدير المخابرات السابق، وعدد من أعضاء المجلس العسكري وقادة الجيوش، في ظل وجود عدد من البلاغات المقدمة ضد هؤلاء.
وفي هذا السياق تقدم المحامي « سمير صبري»، ببلاغين أحدهما ضد « مراد موافي»، مدير المخابرات العامة السابق، بالتسبب في أحداث رفح بعد أن حصل على معلومات عن تلك العملية ولم يتحرك التحرك الكافي والآخر ضد « سامي عنان»، يتهمه فيه بالحصول على أراضي بالمخالفة للقانون، وطالب البلاغ بمنع « سامي عنان» بعدم السفر خارج البلاد لحين التحقيق معه.
وفي نفس السياق تلقى المستشار عبد المجيد محمود بلاغين الأول تقدم به شريف إدريس المنسق العام لحركة كفاية يتهم فيه « طنطاوي»، بالمسؤولية الكاملة في أحداث رفح وشارع محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو.
وتواكبت تلك البلاغات مع تصريحات أدلى بها المستشار أحمد مكي، وزير العدل، ود. عصام العريان، رئيس حزب الحرية العدالة، بأن منح الأوسمة والنياشين للعسكريين السابقين لا يعفهم من المساءلة.
فالحقوقيون لهم رأي في ذلك، فيقول المحامى الحقوقي والناشط في حملة «حاكموهم»، أحمد راغب: «غير صحيح أن حصولهما على قلادة النيل وقلادة الجمهورية يحميهما من المحاكمة، بدليل أنها لم تحم مبارك»، مضيفاً، «المشكلة ليست في القلادة لكن في الإرادة السياسية، هل سيكون لدى مرسى الشجاعة والجرأة في أن يمارس صلاحياته ويحاكم المجلس العسكري أم لا؟»، مشددا على ضرورة اتخاذ تلك الخطوة، «لابد أن يحاكم المجلس العسكري والنظام على جرائم 30 سنة». ويضيف راغب، « إننا سنبدأ في حملة ضغط على مرسى باعتباره الرئيس ونحاسبه إذا لم يقم بعدة إجراءات، ومنها إلغاء المادة 8 مكرر (أ) من قانون القضاء العسكري التي تحمي كل العسكريين الذين خرجوا من الخدمة من المحاكمة، ولو تم يكون أمام القضاء العسكري فقط، وهي المادة التي وافق عليها حزب الحرية والعدالة الذي ينتمي له مرسي، وسنرى هل سيغيرون موقفهم بعد التطورات الأخيرة؟»، وأبدى راغب ثقته في المستشار محمود مكي، الذي اختير نائبا للرئيس، مؤكدا أنه سواء محمود أو أحمد مكي، وزير العدل، فكلاهما من رموز القضاء، وهو على ثقة بأنهما سيعملان على استقلالية القضاء، وتنقيته من الشوائب.
كما يقول،الحقوقي البارز، مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، ناصر أمين، أنه لا حصانات للحاصلين على «قلادة النيل»، وأنه وفقا لأحكام القانون الدولي « أي من ارتكب جرائم ذات خطورة لا حصانة فيها، سواء حصانة موضوعية أو إجرائية، إلا إذا كان هناك عفو، لكن هذا أيضا يكون بعد محاكمة، فلا توجد حصانة ضد المحاكمات»، ويُضيف أمين، « أن العفو يجب ألا يحدث بشكل أو بآخر».
وأيد القانونيون هذه التصريحات، وفي هذا السياق أكد الدكتور ماجد الحلو أستاذ القانون الدستوري بجامعة الإسكندرية، « إن التقاعد من الخدمة العسكرية أو الحصول على أنواط ونياشين ليس له علاقة بتطبيق القانون فالمسؤولية قائمة سواء كان الشخص في الخدمة أو خارجها طالما ارتكب جرما أو سلوكا يستحق عنه المساءلة»، موضحاً، « أننا يجب أن نتناول القضية بمنظور عقلاني فعلى الرغم من اتفاقنا على أنه لا أحد فوق القانون إلا إننا في نفس الوقت يجب ألا نثير القضية ونحركها إلا إذا كانت هناك وقائع حقيقية خطيرة، أما إذا كانت أخطاء « هينة وبسيطة»، أو لا وجود لها من الأساس فيجب ألا نثيرها حتى لا نفتح الباب للانقسامات والبلبلة، فنحن في اشد الحاجة إلى وحدة الصف وليس إلى المزيد من الانشقاقات الخطيرة فظروفنا لا تتحمل هذه الرفاهية.
وفي تحليل قانوني، يقول الفقيه الدستوري، الدكتور ثروت بدوي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، إنه مما لا شك فيه أن مرتكب الجريمة وقواعد التقاضي يستوي فيها العسكري والمدني فلا يوجد فارق بينهما إزاء ارتكاب المخالفات والجرائم المنصوص عليها في القوانين، وفي حالة ثبوت أي أدلة على اتهامهم في أي بلاغ مقدم ضدهم على الفور لابد من إحالتهم للمحاكمة، ويضيف بدوي، أن هذا الأمر ينطبق على المشير وأعضاء المجلس العسكري المحالين للتقاعد فهم لا يتمتعون بأي حصانة قانونية حتى لو كانوا حاصلين على أعلى الأوسمة، ومن ثم فأي دعوة ترفع ضد العسكريين حتى بعد التقاعد ينظرها القضاء العسكري، مشيراً إلى أن حق التقاضي مكفول لكل مواطن ومن أصابه الضرر عليه أن يتقدم بأدلة وبلاغات ومستندات ليتم التحقيق ومحاسبة المخطئ مهما كانت رتبته أو موقعه».
وفي تصريحات للمحامين، دفاع المتهمين أمام ساحة القضاء، يقول الأستاذ، محمد الدماطي، رئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين، « إن لجنة الحريات بالنقابة تقوم حاليا بإعداد مجموعة كبيرة من البلاغات بشأن الجرائم التي ارتكبها المجلس الأعلى السباق للقوات المسلحة باعتباره كان مسئولا عن إدارة المرحلة الانتقالية، ويضيف، الشارع المصري يعيش حالة لغط كبيرة حول عدم مثول القادة العسكريين أمام القضاء، فكيف يحالون إلى التقاعد ولا يحاكمون، ويحصلون على التكريم، معتقدين أن التكريم يمنعهم المحاكمة، وهذا غير حقيقي لأن التكريم أو الإحالة للتقاعد لا يمنعان المساءلة، فالمساءلة أمرا قانونياً، ولكن الخلاف حول الجهة التي يحاكمون أمامها سواء كانت قضاء مدنيا أو عسكريا.
وعلى جانب آخر من الموضوع، أكدت مصادر مقربة من المشير «طنطاوي»، أنه لا يزال متأثرا بقرار إقالته، ويشعر أن التنازلات التي قدمها لمرسي قد شجعته على قرار إقالته وأن الأمر ليس متعلق بأحداث سيناء».
وعلى صعيد آخر، أكدت مصادر عسكرية أن الفريق أول، عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، اعد قائمة بأعضاء المجلس العسكري الجديد تمهيدا لعرضها على رئيس الجمهورية.
وفي تصريحات لقادة عسكريين، « أن السيسي لم يستقر حتى الآن على تسمية مدير المخابرات الحربية ليتولي المنصب خلفا له، وقالت المصادر إن السيسي أجرى تغييرات جذرية بالقوات المسلحة واستغنى عن عدد كبير من اللواءات وصل عددهم إلى 70 لواء من بينهم « أعضاء بالمجلس العسكري»، أبرزهم ممدوح عبد الحق وإسماعيل عثمان ومحسن الفنجري وسامي دياب وعادل عمارة ومختار الملا.
وجاء في تصريحات صحفية، « أن المشير حسين طنطاوي استدعي، قبل ثورة 25 يناير، عددا كبيرا من اللواءات الذين خرجوا إلى المعاش للخدمة مرة أخرى ومن بينهم مختار الملا، ممدوح شاهين، والعصار، والفنجري، وإسماعيل عثمان، وممدوح عبد الحق، ومحمود نصر الدين، للعمل في وظائف مساعدة لوزير الدفاع، وأوضحت المصادر أن الاستدعاء صيغة يستطيع استخدامها وزير الدفاع للاستعانة بالخبرات التي يراها مناسبة وفقا لقانون القوات المسلحة ما يبرر سبب تخطي عدد من مساعدي وزير الدفاع للسن القانونية بنحو عشر سنوات. مواد متعلقة: 1. «6 ابريل » بالبحر الأحمر تطالب بمحاكمة طنطاوي وعنان 2. الحركات الثورية تطالب بمحاكمة طنطاوي وعنان بعد احالتهم للتقاعد 3. محامي يتهم طنطاوي رسميا بقتل المتظاهرين