أبدى الكاتب والأديب الجزائري الكبير واسيني الأعرج تخوفه من وصول الإسلاميين إلى السلطة بعد الثورات العربية، خاصة في مصر وتونس، قائلاً أنه رغم وصولهم إلى الحكم عبر الديمقراطية وصناديق الاقتراع إلا أنه يخشى أن يعيدوا إنتاج النظام المستبد باسم تلك الديمقراطية. وقال الأعرج في تصريحات خاصة ل"محيط" على هامش مشاركته في احتفال بيت السناري بمرور 50 عام على الثورة الجزائرية أن له رأيا خاصا في الثورات العربية، فبرغم إيمانه بأنها ثورات مشروعة وحقيقية وهناك ما يبرر قيامها بسبب غياب الديمقراطيات العربية، وإقصاء الأنظمة المستبدة للشعب وعدم مشاركته في الحكم، لكن المشكلة برأي الأعرج هي أن ما حدث في مصر وتونس وليبيا وسيحدث قريبا في سوريا، أنه تم إسقاط رأس النظام فقط دون طرح بدائل، متسائلاً هل الذين نزلوا إلى ميدان التحرير وشاركوا بالثورة كانوا يفكرون في البدائل، هل كانوا يريدون أن يحكم الإسلاميون؟، فرغم وصولهم إلى سدة الحكم عن طريق الديمقراطية وصندوق الاقتراع، هل سيتحلون بالذكاء بحيث يستغلون هذا الانجذاب الجماهيري نحو اطروحاتهم ويشركون الشعب في الديمقراطية، أم أنهم سيستولون على السلطة ويعيدون إنتاج نفس المنظومة السابقة. والخيار الثاني هو ما أخشاه على حد تعبير الروائي الجزائري، رغم أن إشراك كل الطوائف في حكم مصر سيريح التيار الإسلامي وسيخفف من عبئه في تحمل مسئولية مشاكل مصر وحده، لكنهم لا يدركون ذلك.
أمر آخر يراه الأعرج في غير صالح الثورات، وهو التربص الخارجي بها، فهل سيترك الغرب العرب ليسيّروا ديمقراطيتهم بعد كل هذه السنوات من العبودية، ويسمحوا لهم بتقرير المصير، أم سيفعل مثلما فعل في ليبيا التي قامت ثورتها على أكتاف "الناتو"، مؤكداً أن الثورات العربية رغم أنها جاءت نتيجة ردة فعل جماهيرية حقيقية إلا أنها وضعتنا في مأزق، فنحن لا نعرف ما هو القادم، إما التحرك نحو المسارات الديمقراطية أو الدخول في سياقات أخرى أشبه باتفاقية سايكس بيكو لكنها ليست جغرافية لكنها عرقية وإثنية ولغوية وغيره.
ولفت الأعرج إلى ضرورة ألا نسقط في خيار أحادي إما مع الثورة أو ضدها، قائلا : أنا مع الثورة لكني أنظر بعين الاعتبار إلى الخيار الإسلامي لأن أطروحاته السابقة مزعجة، فهل من الممكن أن يشمل الخطاب الإسلامي المسيحيين، هل يدركون أن هذا التجاهل سيدفع مصر إلى تمزقات، ونصح الإسلاميين أن يتصرفوا بشكل أكثر هدوءا وأن يدخلوا في حوار مع باقي المجتمع وأطيافه، وأن يحاولوا جذب الشارع في صفهم؟ ، وما هي الحلول التي يحملها التيار الإسلامي لحل المشكلات اليومية مثل البطالة والأمن والنظافة، وعدم الانشغال بالمشكلات الثانوية مثل تغيير المادة الثانية من الدستور، لأنها معارك لا طائل من ورائها.
وأكد الروائي الكبير أن الدول العربية كرهت الثورات لأن شئون المواطن العادي تتعطل، وأعرب الأعرج عن استبعاده أن تندلع الثورة في الجزائر، مؤكداً أن عبدالعزيز بوتفليقة مثل باقي الأنظمة العربية تقضي على البدلاء، ليصبح لا خيار مطروح بعد الزعيم، لافتاً إلى أن الجزائر عانت لمدة عشر سنوات من تقتيل الإسلاميين للشعب، ثم الجهات العسكرية حسمت الأمر.
وعن الاحتفالات بمرور 50 سنة على الثورة الجزائرية أكد الروائي الكبير أن الثقافة هي الفاعل الحقيقي بين مصر والجزائر في غياب السياسيات القومية الفاعلة، فالثقافة هي وسيلة من وسائل التقارب، لأن ما يجمع الجزائري بالمصري هو ذلك التاريخ المشترك.
وتابع قائلاً: أنتمي إلى جيل كان يمكن أن يكون فرانكوفيا لولا المساندة المصرية، فقد تعلمنا على يد جيل الستينات، ولا يمكن للأزمات الطارئة مثل أزمة كرة القدم بين مصر والجزائر أن تؤثر على العلاقات بين البلدين، لأن الباقي هو العلاقة التي ربطت البلدين، هذا القاسم المشترك ومثل هذه النشاطات تدخل في هذا السياق، وأعرب الأعرج عن سعادته لحصول الشعب الجزائرى على استقلاليه مشيراً إلى أنه من جيل عاش طفولته فى الثورة الجزائرية خاصة أن والده من شهدائها، لذا فهى جزء من تاريخه الشخصى والعام والوطني. مواد متعلقة: 1. واسيني الأعرج يشيد بمبادرة المثقفين المصريين 2. واسيني الأعرج يتوج بوسام الإستحقاق الجزائري 3. واسيني الأعرج: لا مغامرة روائية من دون اختراق المحرمات