ما زالت العلاقات الثنائية بين الدولة العبرية ومصر، في عهد الرئيس محمد مرسي، تُشغل بال صناع القرار في تل أبيب، ومراكز الأبحاث الإسرائيلية والعديد من المعلقين، الذين أجمعوا على أن التغيير في مصر، في ما يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل، سيشهد تغيرا كبيرا، ولا يخفون خوفهم من إقدام النظام الجديد على تحدي الدولة العبرية في كل ما يتعلق باتفاق السلام والعلاقة مع حركة حماس. "سما" فعلى سبيل الذكر لا الحصر، رأى المعلق العسكري في صحيفة 'يديعوت أحرونوت'، أليكس فيشمان، أن العلاقات المصرية الإسرائيلية تمر بأخطر مراحلها، لافتا إلى أن تل أبيب تقوم بدراسة مرسي، ومرسي يقوم بدراسة إسرائيل، والجيش المصري يدرس النظام الجديد وكل واحد من اللاعبين يتفحص حدود قدرته، لافتا إلى أن المصريين ما عادوا يتحدثون بنفس اللغة التي تحدثوا بها خلال الثلاثين سنة الأخيرة، مؤكدا على أن الوضع يستدعي عدم تفاهم، واحتكاكا في وسائل الإعلام وأزمات، على حد قوله.
وتابع فيشمان، صاحب الباع الطويل في المنظومة الأمنية الإسرائيلية قائلا إنه ليس مهما إن كان المصريون فهموا بصورة غير صحيحة الإذن الإسرائيلي لإدخال دبابات إلى سيناء، وإنما المهم هل كانت الرسالة التي تلقوها من إسرائيل صارمة بقدرٍ كاف، مضيفا أنه إسرائيل تُريد إخراج الدبابات، لكنها لا تريد المس بكرامة الرئيس المصري ووزير دفاعه عبد الفتاح السيسي ورئيس هيئة الأركان صبحي الدسوقي الجديدين، ولكنه وجه تحذيرا، عندما قال إن المصريين قد يصابون بالبلبلة، لأن مصر اليوم لا تعمل من رأسها بل من الشارع الذي يحدد هامش حركة السياسيين.
علاوة على ذلك، دعا المحلل الإسرائيلي إلى أن تكون الرسالة الإسرائيلية واضحة وهي: أخرجوا الدبابات الآن، وأن على الجنرالات المصريين أن يفهموا بأن حياتهم المهنية لن تبنى على حساب اتفاق نزع السلاح من سيناء. ورأى فيشمان أن الموقف في إسرائيل يجب أن يكون موحدا وحادا وواضحا، وهو أنه لن تكون هناك أي حادثة عسكرية في سيناء بدون تنسيق مع إسرائيل، على حد قوله.
في السياق ذاته، رأى المحلل للشؤون العسكرية في موقع (YNET) العبري، رون بن يشاي، إن إسرائيل لا تستطيع العمل بحرية، وأنه على متخذي القرارات العمل بدبلوماسية هادئة ومكثفة في كل القنوات المتوفرة من أجل تحقيق هدف إستراتيجي واحد وهو تطوير والحفاظ على الحوار والتنسيق المباشر في المستويات السياسية والعسكرية العليا بين إسرائيل ومصر وعندها سيكون اتفاق السلام أقل هشاشة مما هو عليه الآن، مشيرا إلى أن الدبابات المصرية في سيناء لا تقلق إسرائيل بقدر ما تقلقها العلاقات الدبلوماسية شبه المعدومة مع القاهرة، وبقدر ما يقلقها نجاح الرئيس المصري محمد مرسي في تقليص التنسيق الأمني بين مصر وإسرائيل إلى الحد الأدنى.
ولفت إلى أن التنسيق الأمني بين ممثلي الجيشين الإسرائيلي والمصري، على المستوى الميداني، لا يزال قائما، وكذلك الحوار بين كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وبين كبار المسؤولين في الاستخبارات المصرية، مع ذلك، نقل عن مصادر رفيعة في تل أبيب قولها إن ما يُقلق صناع القرار في تل أبيب ليس ما يحصل في سيناء على الأرض، وإنما ما يحصل بين القاهرة وتل أبيب، أي محاولة الرئيس المصري الجديد تقليص التنسيق والحوار الأمني مع إسرائيل، وأن ذلك على ما يبدو بهدف إحداث تآكل فعال في اتفاقية السلام بين البلدين وجعله مجرد حبر على ورق، على حد وصفه.
وتابع بن يشاي قائلا إن توجه النظام الجديد يندرج في إطار إرغام إسرائيل على ما أسماه ابتلاع خطوات أحادية الجانب، مؤكدا على أن القاهرة قامت قبل عدة أشهر بإلغاء اتفاقية الغاز من جانب واحد، والآن قضية الدبابات. وأوضح أنه في ال33 عاما الماضية، منذ توقيع اتفاق السلام حصلت خروقات من هذا النوع، وربما أخطر، ولكن في كل الحالات كان يكفي تقديم شكوى سرية من إسرائيل إلى قيادة القوات الدولية في سيناء وإلى وزارة الخارجية الأمريكية من أجل إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه.
كان من الواضح أنه يوجد للنظام المصري مصلحة اقتصادية وأمنية وسياسية وإستراتيجية في الحفاظ على الاتفاق، وعلى دعم الولاياتالمتحدة النابع من ذلك، بالرغم من حقيقة أن كثيرين من كبار المسؤولين في النظام، مثل نسبة كبيرة من المثقفين والشعب المصري، كانوا ولا يزالون معادين شعوريا ودينيا لإسرائيل، موضحا أن هذين الاتجاهين المتصادمين أديا إلى سلام بارد ولكن مستقر، ولكنه يستدرك قائلا إن صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر زعزع هذه المعادلة بشكل خطير، بما يهدد اتفاقية السلام.
وقال أيضا إن جنرالات الجيش المصري يدركون جيدا أن إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل قد يؤدي لتصعيد يدمر الاقتصاد المصري تماما، وربما ينتهي بهزيمة عسكرية، مؤكدا على أن لهذا السبب يقوم مرسي، بإحداث تآكل تدريجي في اتفاقية السلام، ولكن حتى الآن يقوم بذلك بحذر وبخطوات صغيرة ومحسوبة.
ويشير في هذا السياق إلى أن الأخوان المسلمين ومنذ بدء الثورة يتصرفون بحذر وبطريقة محسوبة جدا، وعندما يشعرون أنه بإمكانهم قضم قطعة كبيرة من الكعكة السياسية أو العسكرية فهم يعملون بتصميم وبدون تردد خلافا لتصريحاتهم السابقة، وهذا ما يحصل، على ما يبدو، بشأن اتفاقية السلام مع إسرائيل.
ويخلص بن يشاي إلى القول إنه يتحتم على الدولة العبرية العمل فورا فورا وبشكل حازم بهدف وقف هذا التوجه في بدايته، حيث أن تجاهله ليس خيارا مطروحا، لأن التجربة مع مصر تدل على أن ما يبدو صغيرا وهامشيا في بدايته يتضخم بمقاييس كبيرة وخطيرة لاحقا، على حد تعبيره. مواد متعلقة: 1. نتنياهو يتنصل من مطالبة ليبرمان بإجراء انتخابات جديدة في السلطة الفلسطينية 2. موقع إسرائيلي: نتنياهو يتوسل للرئيس اوباما لكي يقنع الرئيس مرسي الرد علي مكالماته 3. موقع إسرائيلي: مرسي استطاع تحطيم غرور نتنياهو