لا شك أن الشعب المصري بعد ثورة 25 يناير قد خرج من القمقم الذي قبع فيه سنوات طويلة على يد سجّانه المخلوع مبارك وأصبح يعبر عمّا يجيش في صدره بكل صراحة, ويستغل الغوغاء من الفلول هذه الأجواء من الحرية لابتزاز الرئيس المنتخب وإثارة القلاقل والهدف واضح هو إسقاطه بالتعاون مع الدولة العميقة التي يمثلها ويديرها المجلس العسكري وقيادات الداخلية وهذا ليس اجتهاداً ولا تحليلاً فذاً ولكنها الحقيقة الواضحة لكل ذي عينين ذلك أن الطرف الثالث الذي صدّعوا به رؤوسنا طيلة العام ونصف الماضية هو السلطة التي تمسك بزمام الأمور للحفاظ على مصالحها وليذهب الشعب إلى الجحيم. كنت ولا أزال مقتنعاً تمام الاقتناع أنه ما كان للرئيس محمد مرسى أن يقطع على نفسه وعوداً لا يستطيع أن ينفذها في وجود هذا التحالف الشيطاني للدولة العميقة التي يقودها المجلس العسكري ومعه مؤسسات دولة الفلول التي تعشش في كل قسم وإدارة داخل الجهاز الإداري الحكومي فضلاً عن مساندة إعلام الفتنة والضلال والإفساد في الأرض الذي يعد للرئيس يوماً بيوم ويرصد تحركاته وسكناته بكل خبث وتربص (والله يرحم أيام المخلوع الذي كان عندما يشير بأصبعه لأيٍّ منهم انتفض لاعقاً حذاءه إلا من رحم ربى), ومع تضافر هذه الجهود المضنية هل سيحقق الرئيس برنامج المائة يوم الأولى التي وعد بها الشعب في بداية فترة ولايته؟!.
وبينما يصارع المجلس العسكري على السلطة ويحاول مزاحمة الرئيس في صلاحياته بإعلاناته ال "لا دستورية" المكبلة والظهور دائماً في صدارة المشهد شريكاً أساسياً في الحكم, وإذ بعدوان آثم بالاعتداء على جنودنا على حدود سيناء مع رفح بعد أذان المغرب مباشرة الأحد 5أغسطس الماضي الموافق17 رمضان أودى بحياة ستة عشر شهيداً وسبعة مصابين من خيرة شبابنا دون مقاومة تذكر تنبي عن استرخاء إلى حد التواطؤ من قبل القيادات العسكرية التي تتصارع على مغانم السلطة وتركت حدودنا عارية.. كانت ذريعة لإقالة المشير شخصياً ورئيس أركانه المنشغلين بالافطارات الجماعية لكبار الضباط بينما حدودنا يتهددها العدو- أقل ما يمكن توصيفه للمشهد هو التقصير والإهمال المتعمد لاسيما بعد التصريحات المخزية لمدير مخابراتنا المقال اللواء مراد موافي بأن الجهاز كان على علم بصورة تفصيلية للعملية الإرهابية لكنه لم يكن يتوقع أن يقتل مسلم أخاه المسلم في رمضان, كانت ذريعة لإقالته وإحالته للمعاش بل ومحاكمته على هذا التصريح وحسناً فعل الرئيس بسلسلة التغييرات والإقالات للمخابرات والشرطة العسكرية وقائد الحرس الجمهوري ومدير أمن القاهرة ومحافظ شمال سيناء الذين كانوا يمثلون بلا شك أذرع الدولة العميقة, وينتظر الشعب المزيد من حملات التطهير والتنظيف لكافة مؤسسات الدولة قبل تنظيف الشوارع وأهمها الإعلام والصحافة التي تعانى من القمامة البشرية ذات الرائحة العفنة, فالهدف كان واضحاً من عملية الحدود تصوير الأخوة الأشقاء الفلسطينيين في غزة على أنهم هم العدو فاحذرهم بينما إسرائيل هي الشريك وبالتالي غلق معبر رفح وحصار غزة سيراً على خطى المخلوع بحجة أن حماس التي تحكم غزة امتداد للإخوان المسلمين الذي يحكمون مصر.
نداءٌ أخير إلى الرئيس الذي انتخبناه وتحذيرٌ أيضاً..أما النداء فلا تسمع للغوغاء والدهماء من الساقطين في بئر الخيانة ويا للعجب يسمون أنفسهم بالنخبة.. وأما التحذير إياك والحلم واللين مع مثيري الفوضى والتخريب من هؤلاء فلا وقت للحلم معهم فالحلم مع الضعيف والمظلوم وليس مع أراجوزات البيزنيس والتمويل الأجنبي والمال الحرام, ولك في مجلس الشعب العبرة والعظة حينما قطعوا حلقة الوصل بينه وبين الحكومة ونزعوا صلاحياته وقالوا للشعب هذا ماخترته (اشرب) لا نريدك دمية يا سيادة الرئيس يتلاعب بها العسكري ثم يحرقها لتكون نهاية للتيار الإسلامي كله وتكون الرسالة (ألاّ دين في السياسة ولا سياسة في الدين) وبالتالي تصوير الإسلام على أنه فشل في الحكم فيتم إجهاض التجربة الإسلامية في مهدها ليتصدر السلطة العلمانيين والليبراليين والناصريين والشيوعيين مرة أخرى..الخ ونعود إلى الوراء لعشرات السنين – انتزع صلاحياتك كاملة يا سيادة الرئيس واحتمى بشعبك وأعلن الحقائق كاملة أمامه لكشف مؤامرات المتآمرين المتأمركين وساعتها ستجده خلفك يؤيدك ويناصرك على الحق دائماً – وأقول كما قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه اللهم أنى أشكو إليك جلد الفاجر وضعف التقى. [email protected]