وضع الهجوم الذي استهدف مركزا عسكريا مصرياً جنوب مدينة رفح مساء أول من أمس، الحكومة المصرية الجديدة وجهاً لوجه أمام تحدي استعادة الأمن في شبه جزيرة سيناء ونشاط «الجهاديين» فيها، كما يتوقع أن يُشكل اختباراً للعلاقة بينها وبين حكومة «حماس»، خصوصاً بعد اتهام الجيش المصري «عناصر من قطاع غزة بالمعاونة وقصف معبر كرم أبو سالم بالهاون» بالتزامن مع الهجوم الذي لاقى تنديداً فلسطينياً واسعاً. وزار الرئيس محمد مرسي، يرافقه وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي ورئيس الاستخبارات اللواء مراد موافي ووزير الداخلية اللواء احمد جمال الدين موقع الهجوم, حيث أعلن إن هذا العمل «لن يمر من دون عقاب ومحاسبة».
وأضاف مرسي الذي كان أعلن الحداد في مصر 3 أيام أنه «لن يهدأ حتى يتم القضاء على هؤلاء (المهاجمين) تماماً، وسنقطع أصابع كل من يعتدي على أحد من منكم أو من أبناء مصر».
وبحسب الرواية المصرية للهجوم، كما وردت في بيان للمجلس العسكري، فإن «مجموعة إرهابية تضم 35 فرداً هاجمت إحدى نقاط تمركز قوات حرس الحدود جنوب رفح، ما أسفر عن استشهاد 16 فرداً وإصابة 7 منهم 3 حالتهم حرجة».
وعُلم أن إسرائيل بدأت في إجراءات لتسليم مصر جثامين 6 من المهاجمين. وأحاطت قوات أمنية من الجيش والشرطة مستشفى العريش العام حيث من المقرر أن يتم إيداع الجاثمين الستة.
وأوضح البيان أن «المجموعة الإرهابية استولت على مركبة مدرعة واستخدمتها في اختراق الحدود المصرية - الإسرائيلية من خلال معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة حيث تعاملت معها القوات الإسرائيلية ودمرتها», وأضاف: «تزامن مع هذا الهجوم قيام عناصر من قطاع غزة بالمعاونة من خلال أعمال قصف بنيران مدافع الهاون على منطقة معبر كرم أبو سالم».
ورغم تأكيد مدير امن شمال سيناء اللواء احمد بكر انه لم تتم معرفة هوية المهاجمين بعد، وجه وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك أصابع الاتهام إلى «خلية تابعة للجهاد العالمي»، معتبرا أن الهجوم «جرس إنذار لمصر كي تحكم سيطرتها الأمنية على شمال سيناء بشكل صارم». واتفق معلقون عسكريون في إسرائيل على أن الهجوم يشير إلى «مشكلة خطيرة ستواجهها إسرائيل قريبا، سواء على الحدود مع مصر أو سورية بعد سقوط نظامها» تتمثل أساسا في نشاط «الجهاد العالمي» ضدها على حدودها الجنوبية والشمالية.
في هذه الأثناء، لاقى هجوم رفح تنديداً فلسطينياً واسعاً، رسمياً وشعبياً، بموازاة اتصالات بين حكومتي «حماس» ومصر ترافقت مع تعاون ميداني كامل واستنفار أمني مكثف على الحدود, وركز الإجماع الفلسطيني على اعتبار الهجوم «جريمة بشعة»، والتأكيد أن «أمن مصر من أمننا»، واتهام إسرائيل بمحاولة توتير العلاقة الفلسطينية مع النظام المصري الجديد وخلط الأوراق للإبقاء على حصار غزة.
واللافت أن إحدى التداعيات الفعلية للهجوم كانت عودة قطاع غزة إلى وضع الحصار الذي كان عليه قبل سنوات، خصوصا بعد إعلان قوات الأمن في غزة بعد الهجوم فوراً إغلاق أنفاق التهريب مع مصر منعاً لتسلل المهاجمين، ثم إعلان مصر إغلاق معبر رفح إلى اجل غير مسمى، وإغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي معبر كرم أبو سلام التجاري الوحيد في القطاع، وذلك بالتزامن مع عودة التيار الكهربائي إلى الانقطاع، واختفاء بعض السلع الضرورية مثل الوقود.
وكانت للهجوم تداعيات مباشرة على الجانب المصري، اذ تحولت سيناء إلى منطقة معزولة تماماً، فأغلقت كل مداخلها وحاصرت قوات الجيش مدينة رفح بعد أن أرسلت أرتالاً عسكرية إليها، ما ينذر ببدء مواجهة مع الجماعات المسلحة قد تطول.
ورغم تعهد مرسي والمجلس العسكري ملاحقة منفذي الهجوم إلا أن الأزمة أظهرت تباين أولويات الطرفين. ففي حين بدا أن أجهزة أمنية تدفع باتجاه إعادة النظر في التقارب مع «حماس»، بعد اتهام المجلس العسكري رسمياً عناصر من قطاع غزة ب «المعاونة» في تنفيذ الاعتداء، سعت جماعة «الإخوان المسلمين» إلى احتواء الضرر عبر ترجيح تورط جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الخارجي «موساد»، وهو أمر نفاه الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ايغال بالمور.