تتجه الحرب الأهلية في سوريا إلى مواجهة طائفية دموية بين قوات النظام التي يهيمن عليها الشيعة العلويين والأغلبية السنية المسلمة, وامتد نطاق هذه التوترات الطائفية عبر الحدود لتحتدم مواجهة بين الأقلية العلوية في تركيا والأغلبية السنية المسلمة. في هذا السياق، أشارت صحيفة ال"نيويورك تايمز" إلى أن العلويين في تركيا يمثلون أكبر الأقليات هناك حيث يقدر عددهم بنحو 15 إلى 20 مليون شخص، ويبدو أنهم يدعمون الرئيس السوري بشار الأسد في الوقت الذي تدعم فيه الحكومة التركية وكثير من السنة الأتراك الثوار السوريين.
وأضافت الصحيفة أن الكثير من العلويين أعربوا عن خوفهم من امتداد العنف الطائفي عبر الحدود، معتبرة أن معظم مخيمات اللاجئين على طول الحدود تتأجج بمشاعر مضادة للعلويين.
والكثير من العلويين في تركيا، وخاصة في شرق البلاد يتحدثون اللغة العربية ويرتبطون ارتباطاً وثيقاً بالعلويين في سوريا, ويقود الحكومة التركية الآن حزب ذو جذور إسلامية يحاول ممارسة الحكم بالمزيد من مبادئ الإسلام السني في المجال العام، ويتجنب عمداً عقوداً من الحكم العلماني.
وأشار العلويون إلى أن تدفق الجهاديين الأجانب إلى تركيا يعد وسيلة لخوض حرب مقدسة في ميادين القتال السورية حيث يسعى الجهاديون لتحويل سوريا من دولة علمانية إلى دولة إسلامية خالصة .
ومن ناحية أخرى، كشف مسئولون أميركيون مؤخراً أن مجموعة من عملاء وكالة المخابرات المركزية "سي آي ايه " كانوا يعملون على طول الحدود التركية -السورية مع نظرائهم الأتراك، لضمان انتقال الأسلحة إلى جهات معينة، ما يؤكد مخاوف المسئولين الأميركيين من تحويل سوريا إلى نقطة جذب للجهاديين.
وعلى الرغم من ذلك، يعتقد مسئولون في الولاياتالمتحدة أن المقاتلين الأجانب لا يزالوا يشكلون شريحة صغيرة من المقاومة السورية, ويخشى العلويون من العنف الطائفي الممتد عبر الحدود، لا سيما وأن مخيمات اللاجئين، المكتظة بالسكان على طول الحدود، تتحول بسرعة إلى مراجل تغلي بمشاعر الرفض والكراهية تجاه العلويين.
وقال محمد عزيز (28 عاماً) وهو لاجئ سوري في أحد مخيمات تركيا: "إذا حاولوا المجيء إلى هنا (العلويون)، فسنكون في طريقنا لقتلهم"، مشيراً إلى أنه وأصدقائه على استعداد تام للانتقام من العلويين.
ويتخوف العلويون من موجة الجهاديين الأجانب التي تتدفق إلى تركيا، في طريقها لخوض حرب مقدسة في ميادين القتال في سوريا.
ويقول رفيق اريلماز، وهو عضو في الطائفة العلوية في البرلمان التركي: "هل تعتقد حقاً أن هؤلاء الرجال يريدون بناء دولة ديمقراطية؟" , مضيفاً أن الولاياتالمتحدة ترتكب خطاً كبيراً بمساعدة تركيا ضد الأسد "لأن ذلك لن ينتج سوى طالبان ثانية".
وقال علي كاركوغلو، وهو أستاذ في العلاقات الدولية بجامعة كوك في اسطنبول، إن الحكومة التركية تستخدم الخطاب الطائفي بشكل متزايد وتحاول أن تلعب دور "الأخ الأكبر السني" في المنطقة.
والعديد من العلويين في تركيا لا يذهبون إلى المسجد، بل يميلون ممارسة شعائرهم الدينية في المنزل أو في المساجد العلوية التي حرمت من الدعم الحكومي الذي تحصل عليه المساجد السنية.
وأوضح تورهان سبت، وهو مواطن علوي-تركي يعمل في محطة وقود في بريدجبورت، كونيتيكت، وكان في عطلة في تركيا: "نحن جميعاً مع الأسد. ونحن أكثر اعتدالاً".
وأشارت ال "نيويورك تايمز" إلى أن الثوار في سوريا يخفون شعور الكراهية الطائفية، لكن ذلك يرشح من ممارساتهم. ونقلت عن خلدون رجب، وهو ضابط في الجيش السوري الحرة، قوله إنه شاهد اثنين من الطائفة العلوية يتجولان في سيارة سلكت منعطفاً خطاً فانتهى بهما الأمر في حمص ذات الأكثرية السنية. وأضاف: "بالطبع تم إلقاء القبض عليهما وقتلا على أيدي الثوار".
واستبعدت الصحيفة أن يندلع الجنون الطائفي في تركيا في أي وقت قريب، لأن البلاد تخضع لسيطرة محكمة وتمنع أي شكل من أشكال الطائفية العنيفة، في معظم أرجائها, ونفى مسئولون في الحكومة التركية أي تحيز ضد العلويين، وقالوا أنهم بذلوا جهوداً إضافية ليكونوا "يقظين ومتعاطفين" مع مخاوف العلويين.