دعت منظمة "هيومان رايتس ووتش" اليوم الاثنين، المجلس الوطني التأسيسي في تونس إلى الإسراع في معالجة العيوب الموجودة في مشروع قانون من شأنه السماح باستمرار التعدي على استقلال القضاء. وأصدرت المنظمة بياناً ذكرت فيه ان مشروع القانون سوف يُنشئ هيئة قضائية مؤقتة تُشرف على تعيين وترقية وفصل القضاة، مضيفة انه يمنح للسلطة التنفيذية دوراً أقل ولكن لا يزال كبيراً في تركيبة الهيئة، ولا يُقدم مبادئ توجيهية محددة خاصة بالخطوات المُتبعة لفصل القضاة. وإذ لفتت إلى ان مشروع القانون يُبقي على إمكانية فصل ونقل القضاة بشكل تعسفي، قال إريك غولدستين نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة: "إن مشروع القانون المتعلق بإحداث هيئة قضائية وقتية يفتقر إلى حماية القضاة من الفصل من العمل والنقل بشكل تعسفي". ورأى انه يتعين على المجلس الوطني التأسيسي معالجة هذه الثغرات قبل تمرير قانون يوصف بالمؤقت ولكن قد تكون له تداعيات طويلة الأمد. وكانت لجنة التشريع العام في المجلس التأسيسي بدأت منذ شباط/ فبراير دراسة مشاريع قوانين تتعلق بإحداث هيئة مؤقتة للقضاء العدلي، وفي 27 تموز/ يوليو الماضي، شرعت الهيئة العامة في مراجعة مشروع القانون الذي تقدمت به هذه اللجنة، وتنص القواعد الإجرائية على أن يعقد المجلس التأسيسي جلسة عامة لمناقشة مشروع القانون قبل التصويت عليه فصلاً فصلاً. ويشار إلى أنه خلال حُكم الرئيس زين العابدين بن علي، الذي خُلع في يناير/ كانون الثاني 2011، كانت توجد هيئة تُسمى المجلس الأعلى للقضاء تستعملها السلطة التنفيذية لضرب استقلال القضاء، حيث كان الرئيس يُعيِّن بشكل مباشر أو غير مباشر 13 من أصل 19 عضوًا في هذا المجلس. ولكن المجلس الوطني التأسيسي علّق عمل المجلس الأعلى للقضاء في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وينص مشروع القانون على أن تتكون الهيئة المؤقتة من ستة أعضاء منتخبين بشكل مباشر من طرف القضاة وخمسة أعضاء بحكم مناصبهم، وهم الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، ووكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب، ووكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية، والمفتش العام لوزارة العدل، ورئيس المحكمة العقارية. كما ينصّ المشروع على إحداث لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات. وقالت "هيومان رايتس": "إن هذا المُقترح يبقى ضعيفاً بالنظر إلى تمثيلية القضاة في موضوع التأديب، حيث لن يتجاوز عدد الأعضاء المنتخبين في المجلس الجديد قاضيين اثنين في كلّ رتبة من الرتب القضائية الثلاث". وأشارت المنظمة إلى ان مشروع القانون يمنح لرئيس الوزراء صلاحيات تقديرية لقبول أو رفض قرارات الهيئة المتعلقة بتعيين وترقية ونقل القضاة، وهو ما يعزز سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية. ولفتت إلى أن المشروع لا ينص من جهة أخرى على ضمانات لحماية عمل القضاة، وهي إحدى الركائز الأساسية لاستقلالية القضاء، كما لا يحدد بشكل جيّد المخالفات التي تستدعي إجراءات تأديبية، ويشير فقط إلى القوانين الجاري العمل بها. لكنها أقرت بوجود جانب إيجابي في مشروع القانون يتمثل في استرجاع حق القضاة في استئناف قرارات هيئة القضاء لدى المحكمة الإدارية، وقالت إن ذلك مطابق للمعايير الدولية. وختم جولدستين بالقول: "إن القضاء المستقل هو أحد الركائز الأساسية في الحكومات الديمقراطية، ويتعين على المجلس التأسيسي اتخاذ ضمانات قوية كفيلة بحماية استقلال القضاء".