أشاد النحات طارق الكومي الذي فاز بجائزة الدولة التشجيعية بأن تذهب جوائز الفنون هذا العام للمبدعين وبالأخص في مجال النحت، في ظل الظروف التي تم بها مصر حاليا. معتبرا تخصيص ثلاثة جوائز من جوائز الدولة للمبدعين من الفنانين التشكيليين رسالة قوية للمجتمع بأهمية الفنون التشكيلية. وقال الكومي في تصريح خاص ل"محيط" أن الفن التشكيلي هو ضمير الأمة، كما أن الفنانين التشكيليين عموما هم صناع الحضارة، ففي المجالات الأخرى كالسياسة على سبيل المثال ، يزول التاريخ السياسي للأفراد، وتبقى الأعمال الفنية خالدة، كالحقبات الفنية المختلفة التي تركها لنا القدماء المصريين، والتي لولاها لما عرفنا تاريخ الفراعنة، فالفنان كالمؤرخ يسجل التاريخ من وجهة نظره برؤية تشكيلية. وعن الجائزة قال الكومي أنها تعطي الفنان الإحساس بأنه يسير على الطريق الصحيح؛ لان جوائز الدولة لابد أن تمنح لمبدعين على قدر كبير من الثقافة والوعي والرؤي. وهي تجعل المبدع مهتما في مراحله اللاحقة بأن يحافظ على مكانته. فجوائز الدولة بشكل عام تعد دعم مادي ومعنوي للاستمرار. ويواصل النحات طارق الكومي عمله في الفترة المقبلة، فهو يتعامل مع النحت على إنه بحث علمي يمنحه متعة الإبداع. أما عن الأعمال التي تقدم بها للجائزة فهي عن المعالجات الحديثة للإنسان، عبارة عن إعادة صياغة الجسد الإنساني بشكل بسيط ومختزل، معتمد على صرحية البناء، واختزان الطاقة داخل الكتل النحتية، وهذا يتتطلب عند العمل وجود أكبر قدر من المعالجات. ويتعبر الكومي أن مقياس النجاح بالنسبة له في إبداع منحوتة بقدر ما يحذف أقل قدر ممكن من خامة الحجر، وهو أن يستطيع بأقل مجهود تحقيق الفكرة في الكتلة؛ لأن هذا يعتمد على المجهود الذهني أكثر من المجهود البدني. وكان الكومي قدم مجموعة أعمال تمثل المرحلة الأخيرة من أعماله للجائزة، من بينها تمثال تحت عنوان "الوطن"، يعبر عن الانتماء وارتباط الإنسان بالأرض، ويحمل فكر الوطن بأنه ليست مجرد كلمة بقدر من أنه إلتزام، وأن الإنسان يسعى دائما كي تكون بلده نظيفة وجميلة، وأن يتواجد حميمية بين الناس، هذا الأمر الذي افتقدناه في الفترة الأخيرة حتى في لغة الحوار والمخاطبة بين الناس، وهذا ما اعتبره الكومي نتيجة إهمال الفنون الجادة في الفترة الاخيرة؛ حيث تسويق الفن الهابط للناس، وبالتالي حدث هذا الهبوط في الذوق العام، ويجب محالكمة من افسدوا الذوق العام، سواء في مجال الفن التشكيلي أو في المجالات الفنية الأخرى كالسينما والمسرح وغيره. مؤكدا أن هناك ضوابط في العالم وحرية الإبداع في أن الفنان يمتلك الوعي الكامل بالثقافة، لكن ما يحدث في مصر أنه من يمتلك المال ينتج فنا وهذا خطأ، لكن الصواب برأي الكومي وجود جهة كالمجلس الأعلى للثقافة لتفصل بين الفن الجاد والهابط؛ فالفنون بدورها تشكل وجدان المجتمع وبالأخص الميديا، فالافلام الهابطة سرعان ما تصل للأطفال ليرددوا أغانيها الهابطة. وتمنى الكومي بأن يستوعب الشعب المصري الفترة القادمة أن الفن التشكيلي ليست مجرد تمثال ولوحة فقط، بل منهج واسلوب حياة؛ لأن من لم يتذوق الفن يكون عدوا للحياة وللنفس، وتكون احاسيسه متبلدة، ولديه غلظة في التعامل مع الناس، فالفن يصنع الاخلاق، وهو لا يتعارض مع الدين؛ لأن الاثنين يقوموا برسالة واحدة وهي السمو بالبشرية.