ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في معرض تعليقها على اقتراب موعد المحادثات الإيرانية مع دول مجموعة (الخمسة زائد واحد)، أن إيران تجد نفسها بين شقي الرحى, إما بالخروج بنتائج إيجابية من المحادثات المزمع انعقادها في العاصمة الروسية موسكو، أو مواجهة عقوبات صارمة جديدة من جانب القوى الغربية. وقالت الصحيفة في تعليقها الذي أوردته على موقعها على الشبكة الإلكترونية: "إن إيران حاليا تواجه احتمالات بخسارة كبيرة، حال عدم الخروج بنتائج إيجابية من المحادثات المزمعة في موسكو الأسبوع المقبل، قد يتمخض أهمها بعد فرض حظر نفطي أوروبي يصيب قطاعها النفطي بالشلل فضلا عن التعرض لعقوبات تفرضها أمريكا على قطاعاتها البنكية.
ولفتت الصحيفة إلى أن التساؤل الذي يطرح نفسه على الساحة حاليا هو، "هل سيسفر تضييق الخناق على صادرات إيران النفطية مصدر الدخل الرئيسي لإيران عن إقناع طهران بقبول أتفاق يكبح جماح طموحاتها النووية أم لا؟!! ، غير أن التنبؤ بالإجابة المحتملة لهذا التساؤل أصاب الكثيرين في الإدارة الأمريكية وخبراء من دول أخرى, بالاشمئزاز والتعب تزامنا مع فشل المحادثات السابقة بين الجانبين في كل من اسطنبول وبغداد.
ونسبت الصحيفة إلى كليف كوبتشان (محلل كبير في شئون الشرق الأوسط ) ، قوله: " في واقع الأمر إيران باتت حاليا على حافة الاختيار ما بين امتلاك برامج نووية بما يثير الغرب ضدها أو الحفاظ على اقتصادها والحيلولة دون فرض عقوبات جديدة عليها"، مضيفا " ليس هناك شيء أفضل من امتلاكك للمال لكي تلبى احتياجاتك وشعبك". وتابعت الصحيفة: "أن هناك الكثيرين من الخبراء ممن تعتريهم الشكوك باحتمال وقوع تقدم مفاجئ في محادثات موسكو المزمعة الأسبوع المقبل، مشيرين إلى أنه حتى وإن أظهرت إيران جاهزيتها لقبول التوصل لاتفاق مؤقت ، فمن المحتمل أن تكون الولاياتالمتحدة وبعض الدول الأخرى غير مستعدين حتى الآن لقبول الشروط الإيرانية. ونوهت الصحيفة إلى أن الدول الكبرى (5+1), من غير المحتمل أن تقبل بتأخير فرض العقوبات على إيران، إضافة إلى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما من غير المحتمل أن يقبل هو الآخر أيضا بحق إيران في زيادة تخصيب اليورانيوم ، وهو أحد أهم الأهداف التي تستعذ بها القيادة الإيرانية.
وأوضحت الصحيفة: "أن قبول الرئيس الأمريكي بحق إيران في تخصيب اليورانيوم, سيضعه في وضع لا يحسد عليه، لاسيما في ظل العام الانتخابي الرئاسي الجاري في بلاده، وسيفتح عليه أبواب المعارضة من جانب منافسه الجمهوري، ميت رومنى، والذي أعلن اتخاذه موقفا متشددا تجاه القضية النووية الإيرانية. وتوقعت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية, قيام دول مجموعة (5+1), الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، أمريكا وبريطانيا وروسيا والصين وفرنسا إضافة إلى ألمانيا, بتغيير قائمة مطالبها من طهران بتخفيض عمليات تخصيب اليورانيوم إلى 20 %، والتخلص من مخزون اليورانيوم التي تستخدمه في عمليات التخصيب ووقف عمليات التخصيب بمنشأة فوردو النووية، وهى منشأة تقع تحت الجبال القريبة من مدينة قم الإيرانية، كي تكون حصينة من أي ضربات جوية قد تقوم إسرائيل بشنها على إيران.
ونقلت الصحيفة عن كولين كاهل، مسئول سابق بوزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» والمحاضر بجامعة جورج تاون الأمريكية ، قوله: " إن كلا الجانبين لديهما توقعات خاطئة بشأن ما بذله كل منهما لدفع الطرف الآخر للتحرك ، والسؤال الذي يطرح نفسه حاليا على محادثات موسكو القادم, وهو, هل كلا الجانبين قام بإعادة حساباته والاستعداد لما قد يطرح خلال النقاش؟ ".
وأضافت الصحيفة: "أن ما يميز هذه الاجتماعات المقبلة بعيدا عن التوقيت، هو موقع انعقادها، فهي النقاشات الأولى من نوعها المتعلقة بالشأن النووي التي تعقد في روسيا، وتتزامن مع ما تواجهه روسيا من ازدراء دولي بسبب علاقاتها مع النظام السوري الدموي برئاسة بشار الأسد، و التي قد تستغل في نهاية الأمر وصولا إلى تحقيق انتصار دبلوماسي بشأن قضية البرامج النووية الإيرانية".
ولفت مسئولون حسب الصحيفة, إلى أنه رغم جميع التوترات في العلاقات بين واشنطنوموسكو بشأن القضية السورية, والتي تضخمت الأسبوع الماضي بتصريحات هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية التي اتهمت فيها موسكو بإرسال مروحيات قتالية إلى سوريا، إلا أنهما يتحدان وبقوة عندما يتعلق الأمر بإيران. وأوضح المسئولون أنه رغم تصريحات كلينتون اللاذعة بشأن ما تقوم به روسيا للنظام السوري إلا أنها أعربت عن توقعاتها بأن تلعب روسيا دورا إيجابيا خاصة تجاه القضية الإيرانية.
ونسبت الصحيفة إلى محللين إشارتهم, إلى أن هناك محفزات سياسية داخلية في موسكو تدفع بالرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين إلى القيام بدور سياسي خارجي بل وتحقيق إنجازات كبيرة خاصة لإزاحة غمار المعارضة السياسية التي تشهدها روسيا عقب تولى بوتين منصب الرئاسة هناك . ونقلت الصحيفة عن رجب سافروف ، مدير مركز دراسات إيران الحديث ، قوله: "إن إيجاد حل للقضية الإيرانية، أو السعي لحلها، ربما يظهر بشكل واضح السياسة الجديدة التي تتبعها روسيا بقيادة بوتين.
لكن بعض المحللين الروس قللوا من احتمال قيام بوتين بتخصيص مزيد من الوقت للقضية الإيرانية إذا لم يستشف إمكانية حل هذه القضية بين جميع الأطراف، كما أن لديه علاقات هشة مع الرئيس الإيراني محمود أحمدى نجاد، خاصة بعد الزيارة التي قام بها إلى إيران عام 2007 والتي لم تلقى إعجابا من بوتين.