بينالي القاهرة الدولي .. إهدار المال العام وتراجع الفن الجيد! وزير الثقافة يفتتح بينالي القاهرة محيط – رهام محمود القاهرة : أعلن الأسبوع الماضي عن إنطلاق "بينالي القاهرة الدولي للفنون" في دورته الثانية عشر والذي ينظمه قطاع الفنون التابع لوزارة الثقافة المصرية . وعادة ما يرشح الفنانون المشاركون للبينالي حول العالم من قبل وزارة الثقافة للدولة المضيفة أو باقتراح من الدول المشاركة ذاتها، ويقام كل عامين، وتتنوع الفنون المقدمة بين الرسم والتصوير والنحت والفيديو والجرافيك والأعمال المركبة. بينالي القاهرة التشكيلي في جولتنا هذا العام بالمعرض الذي تشهده قاعات مركز محمود مختار الثقافي وقصر الفنون ومتحف الفن، لاحظنا غياب الجودة عن معظم الأعمال المشاركة بما في ذلك أعمال ضيف الشرف لهذا العام "اليابان" ، وهو الأمر الذي تكرر في الدورة السابقة. وترددت هذا العام أيضا اعتراضات على الأعمال الفائزة بجوائز البينالي وكلها توجهت باللوم للقومسير إيهاب اللبان، مشرف الدورتين السابقة والحالية للبينالي. وذهبت معظم الجوائز البينالي لأعمال ذات توجهات جديدة منها الفيديو آرت والانستليشن والميديا، وفازت بالجائزة الكبرى وقدرها 100 ألف جنيه آمال قناوي ، يليها نتالي ديوربيرج من السويد، منير فاطمي من المغرب، انابيل ضو من أمريكا وكود زاني شيوراي من مطبخ آمال قناوي زيمبابواي "مناصفة" بجائزة "البينالي" وقيمتها خمسون ألف جنيه. وعن الأعمال الفائزة، فقد صممت آمال قناوي مطبخا به أغراضه في جانب من القاعة ووضعت مقاعد خشبية ومنضدة فوقها مزهرية، ومشاهد أخرى من البيوت المصرية البسيطة. كما تعرض قناوي عملين فيديو إحداها يصور رجل عاجز يجلس على كرسٍ متحرك، أما الفيديو الآخر فبه مشاجرة بين الفنانة ومجموعة من المصريين الذين يبدون بمظهر "الهمج"ثم تصورهم يسيرون على كفوفهم وأقدامهم كالحيوانات ، وهو العمل الفائز بجائزة البينالي الكبرى !! تخلف عام علق الفنان والناقد يوسف ليمود على البينالي قائلا أنه "يعكس التخلف العام والفساد المنتشر في كل المؤسسات الحكومية المصرية" ، وأوضح أن بيناليات العالم تعتمد في تنظيمها على مجموعة "منسقين" وليس شخصا واحدا مثل بينالي القاهرة، والذي لا نعرف على أي أساس أيضا تم اختياره، وكيف يترك له حرية وضع السياسة العامة للبينالي وفق تصورات ومزاج شخصي بحت، وأن يختار من الفنانين المصريين من يشاء للمشاركة، فنجد النتيجة اختيارات اعتباطية تفتقد للذوق والرؤية، ووفق "حسابات ومصالح شخصية" وليست فنية في معظمها برأيي. يضيف ليمود : كما أن القوميسير تخصص له ميزانية كبيرة ليتجول حول العالم لاختيار المشاركين، هذه الأموال ملك لشعب يقف في الطوابير ليحصل على رغيف يومه ! وقد شاهدته بنفسي في مدينة بازل لوحة لحلمي التوني من مصر بسويسرا حيث أقيم وهو يختار المشاركين للبينالي السابق. ولاحظت أنه ليست لديه دراية كافية لدرجة الخلط بين أعمال أنتجت منذ عشرين عاما ، متصورا أنها من نتاج اليوم ، منها لوحة للفنان فيكتور فازاريللي رائد الفن البصري، وحديث القومسير المصري عنها كأنها أنتجت اليوم ، وغيرها من المفارقات المؤسفة في طريقة حديثه عن الامور التنظيمية للمعرض واتفاقاته مع الفنانين حول العالم . اهتمام بالميديا يقول الفنان د. رضا عبد السلام أستاذ التصوير بكلية الفنون : معظم الجوائز هذا العام ذهبت لفناني الفيديو آرت من دول مختلفة، ومن حيث الجودة هناك أعمال أرى أنها لا بأس بها ، والعمل الفائز من مصر لآمال قناوي به فكرة ولكنه لا يرقى لمستوى الجائزة الكبرى، ولكن كان ينبغي ألا يؤدي الإهتمام بالفيديو على حساب مجالات الرسم والتصوير والنحت ، وكأنها من الأعمال الآثرية "الأنتيك" . رضا عبدالسلام يتابع : لست ضد وجود اتجاهات فنية معاصرة في البينالي، ولكني ألاحظ أن الجوائز معظمها تذهب له، وليس للتصوير مثلا ، ولهذا أقترح تخصيص جناح للفيديو آرت وتخصيص جوائز له ، لا أن تختلط المجالات ويتكرر ذلك في كل دورة من البينالي ، أو أن تكون جوائز الفيديو شهادات ودروع وليس شرطا أن تكون مادية . ويلاحظ أن الفنان الياباني ضيف الشرف لهذا العام مهتم بالإنيميشن "الرسوم المتحركة"، وقدم رسوما في هذا المجال، وهذا مختلف عن المستوى الذي حرص عليه الفنان الراحل أحمد فؤاد سليم حينما كان قومسيرا للبينالي، فكان يختار أكبر الأسماء بين فناني العالم كضيوف شرف وخاصة في مجالات النحت والتصوير. الفنان المصري خالد حافظ ويقترح الفنان رضا ألا ترشح وزارة الثقافة المصرية أي من الفنانين المشاركين، وتترك لقوميسيرات البلدان المشاركة تحديد الأسماء المناسبة، كما كان متبع في الدورات السابقة، كما أنه لم يكن هناك إلتزام بتيمة المعرض التي أعلنها القومسير وهي "؟" علامة استفهام، فكانت الأعمال غير معبرة عن الفكرة . وقال : إذا استمر الحال على الإهتمام بفنون الفيديو فقط لن نقدم بينالي قوي في مصر، كما أنه لابد من مراعاة جودة الأعمال الفائزة، والأعمال المشاركة وخاصة أنني وجدت أعمال الفيديو أشبه بالأفلام الوثائقية وتترات المسلسلات التليفزيونية . الجودة .. استثناء مجدي الكفراوي يقول الناقد مجدي الكفراوي: تنظيم القاعات كان سيئا جدا وخاصة في قصر الفنون، وكانت هناك مساحات جدران غير مستغلة، ولكن أعجبني تراجع فنون الميديا على حساب الأعمال الكلاسيكية وتواجد اللوحة وهذا يرجع برأيي لمحدودية قدرة الميديا على توصيل الفكرة مقارنة باللوحة التي ستظل سيدة الموقف في الفن . وكانت هناك أعمال لفنانين لا تليق لعرضها حتى في صالون الشباب، فكيف وصلت للبينالي لا نعلم، ولكن في المقابل كانت هناك أعمال متميزة مثل ما قدمه الفنان الإيطالي فاليريا كورفينو الذي قدم تمثالا رومانيا بشكل كلاسيكي، وكذا لوحات الفنان المصري حلمي التوني التي أعادتنا لموروثنا الشرقي، ولوحة تجريدية لفنان جزائري قدم دورة مياه من السيراميك ادريس ودامي من الجزائر بخطوط حادة ، ولوحات خالد حافظ المتميزة. أما عمل الجائزة الكبرى لآمال قناوي، يواصل الكفراوي، فقد جمعت فيه تجاربها في التعامل مع الميديا وهذا هو الجديد برأيي، ولكن إجمالي الأعمال المشاركة لا تليق بمستوى بينالي القاهرة الذي بدأ يحتضر، ولا يزال "صالون الشباب" أقوى بكثير من هذا البينالي الذي كان في مجده زمن الفنان أحمد فؤاد الذي أسسه وأعطى له مكانة عالمية حينما كان قوميسيرا له . أعمال فائزة يعرض الفنان كود زاني شيوراي صورا فوتوغرافية لأشخاص من زيمبابواي، بالإضافة إلى مجموعة من اللوحات التي رصت فوق بعضها وكأنها في مخزن. أما انابيل ضو فتعرض عملا أشبه بالخريطة مليئة بكلمات متناهية الصغر ويمتد الورق ليصل إلى السقف وفي أماكن أخرى متفرقة وقليلة من الحائط. عمل للياباني ضيف الشرف يوشيتومو نارا ناتالي ديوربيرج تعرض حركات استعراضية لعرائس بها تعبيرات مختلفة. كما يعرض منير فاطمي عملا مركبا يحوي فيديو وتصوير فوتوغرافي، ولوحات زيتية ورسم يعرض خلاله امرأة تلتف حول عينيها منيدلا يحجب رؤيتها، ومن فوقها صورة مقص والمرأة ترفع أصبعها الوسطى لتشير به لأعلى. أما عن ضيف شرف البينالي هذا العام فهو الفنان الياباني يوشيتو مونارا الذي يعرض لوحات لرسوم الأطفال، وعملين نحتيين لوجه كلاب، وكانت اليابان ضيف الشرف قد عرضت سابقا في قاعة "أفق واحد" التي يديرها قوميسير البينالي "إيهاب اللبان"، وهو ما تكرر مع أسبانيا في الدورة السابقة التي عرضت أعمالها بنفس القاعة وكانت ضيف شرف البينالي. من الأعمال المشاركة عمل لجوزفين تورالبان من الفلبين عمل لادريس ودامي من الجزائر الفنان إلياندرو كامبنيس من كوبا من اللوحات المشاركة من اللوحات المشاركة الفنانة نيللي رايس كادالسي من كوبا الفنان هاني بالوسو من فندلندا الفنان المصري كريم القيطي الفنان الإيطالي باتريزيو ترافاجللي ألمانيا الفنانة جوستين أوتو