تستهدف زيارة كوفى أنان مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية إلى دمشق فى وقت لاحق اليوم ولقائه بالرئيس السوري بشار الأسد ومعارضين سوريين ، الوقوف إلى ما تم تنفيذه من الخطة التى وافقت عليها سوريا فى ابريل الماضى للخروج من هذه الأزمة التي دخلت شهرها الرابع عشر، ووقف الجرائم وعمليات القتل المستمرة لأبناء الشعب السوري . وتمثل المجازر المستمرة في مدن سوريا انتهاكا صارخا للقانون الدولي وانتهاكا لالتزامات الحكومة السورية بوقف استخدامها السلاح الثقيل فى المدن ووقف العنف ،في وقت يمثل استهداف المدنيين رمزا مأساويا لفشل الجهود عربيا ودوليا لإيقاف هذاالعنف.
فقوات النظام طبقا لأرقام الهيئة العامة للثورة السورية وبياناتها تتحدث عن عمليات إعدام جماعية ومجازر فى مناطق متعددة آخرها مجزرة الحولة التى راح ضحيتهاأكثر من 116 قتيلا و600 مصاب على الاقل وهذا يشير فى رأى المحللين إلى وجود توجهاستراتيجى يسير فى اطار التراجع عن تنفيذ خطة أنان متمثلا فى استمرار قوات النظام فى قصف تجمعات المدنين والتوقف عن سحب آليته واللجوء إلى عمليات تصفية بشعة عززتهذا التوجه بل وتفريغ خطة أنان من مضمونها مما حذا بقوى المعارضة والثوارالسوريين يقولون إن خطة أنان تتعاطى مع مظاهر وتداعيات الأزمة وتجاهلت بيت الداءالمتمثل فى بقاء النظام وغض الطرف عما يحدث فى حق الشعب.
وإزاء هذا الوضع المأساوي فى سوريا يرى المحللون أن إمكانية نجاح خطة المبعوث الاممي تتمثل في استخدام الدبلوماسية مع نشطاء الداخل وليس مع النظام فقط لعدم تعميق الجرح المفتوح النازف وذلك بزيادة تواصله وتنسيقه مع النشطاء فى الداخلالسوري والتأكيد لهم بتوفير الحماية في القريب العاجل . فالتأخر في التطبيق الكامل والفوري والنزيه لخطة أنان سيكون من شأنه استمرار وتصاعد عمليات القتل والعنف ضد المدنيين وله عواقب كارثية أيضا على سوريا وعلى الاستقرار في المنطقة بأسرها .
ويطالب المحللون بوقف نزيف الدم في سوريا الذي بلغ مداه وتقديم رؤية دولية يكون مصحوبا بضمانات ومحفزات ومساندة دولية لمتابعة القضية من خلال إحداث تغيير جذري في المعادلة الداخلية والتحول إلى نظام جديد منزوع القمع والوحشية مدعوما اقليميا ودوليا دون حدوث فوضى أو دفع الأمور لحالة عدم الاستقرار الذي يمهد لمصير مجهول والانتقال إلى مرحلة سياسية جديدة تحقق مطالب الشعب السوري . ويعد ما تشهده سوريا حاليا ما هو الا حملة تطهير جماعية للتنكيل بالشعب السوري وفرض سيطرة الدولة عليه دون اعتبارات انسانية أو اخلاقية أو دينية . فتزايد أعداد القتلى من المدنيين السوريين تجاوزت كل التصورات ومن هنا جاءت مطالبة المعارضة السورية بضرورة تسليحها باعتبارها الطريق الوحيد المتاح أمامهم بمعنى ازدياد قوة وشوكة المعارضة المسلحة الأمر الذي يشجع قوى وأطرافا عديدة داخل الجيش النظامي السوري على الانشقاق عنه والانضمام لصفوف المعارضة بما يزيد من احتمالات سرعة سقوط النظام الدموى الباطش . ويضيف هؤلاء المحللين بضرورة فرض المزيد من العقوبات المفروضة على سوريا منذ اندلاع الثورة فى 15 مارس من العام الماضي بما يتيح بوقف هذه المذابح . ووصفت منظمات دولية الوضع في سوريا بأنه حرب أهلية حيث أن جهود الأممالمتحدة المتمثلة في خطة أنان لم تنفذ حتى الآن على الارض مما يستوجب على العالم بألا يقفمتفرجا ويعمل على وقف نزيف الشعب السورى. وهناك عدة توجهات متوقعة من قبل واشنطن أو باريس للتحرك تجاه ما يحدث وتوسيع رقعة العقوبات أوالعمل عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة لتصعيد الضغوط الأمر الذي يعني أيضا فشل خطة كوفي أنان . وفي هذا الصدد جاءت تأكيدات تشير إلى أن فشل خطة أنان قد يعيد واشنطن لصدارة المشهد الشرق أوسطى مجددا.. ويتوقع الخبراء من أن السعي الأمريكي لاسقاط نظام دموي في دمشق قد يرفع أسهم الرئيس أوباما وتعيد صورة واشنطن في المنطقة . وكشفت صحيفة " نيويورك تايمز " الأمريكية عن أن مسئولي الادارة الأمريكية يرغبون في أن تدعم موسكو مقترحا سيقدم للمجتمع الدولي على غرار التسوية في اليمن التي أدت إلى تنحى الرئيس اليمني السابق على عبدالله صالح . وفى نفس السياق .. فإن التوجه الذي تمثله تركيا وورائها الولاياتالمتحدة ودول أوربية كبرى يهدف إلى وقف آلة القتل من قبل تصعيد الضغوط سياسيا ودعائيا واقتصاديا على النظام من أجل الاستجابة للمطالب الشعبية ثم البدء في حوار حقيقى لفرض الاصلاح المؤسسي والسياسى والأمنى واتخاذ قرارات صعبة من النظام ذاته . وهناك توجه آخر تمثلة منظمات غير حكومية عربية ودولية يميل إلى تأييد المعارضة باعتبارها حقا مشروعا للنظام حال سقوطه ولم تصل من التأييد سوى التعبير عنه إعلاميا. وكل المؤشرات تقول إن تصعيد العنف وعمليات القتل والتخريب المستمرة التى تسند من قبل النظام إلى تنظيم القاعدة سيكون مكلفا على السوريين وكلما تأخر وقف هذا النزيف فالجميع يدفع ثمنه باهظا ، لأن التوجه الأخير في رأي المحللين المتمثل في العمل العسكري لايسقط النظام فقط بل يقود الى شرزمة الدولة السورية وتداعيات ذلك كما حدث في ليبيا .
والمعروف أن خطة كوفى أنان تنص على وقف جميع أطراف النزاع لأعمال العنف المسلحة بكل أشكالها تحت مراقبة الأممالمتحدة لحماية المواطنين وعلى جميع أطراف النزاع أن تؤمن منافذ لايصال المساعدات الانسانية الى جميع المناطق المتضررة من الصدامات المسلحة في البلد والامتثال الى الهدنة الانسانية لمدة ساعتين يوميا . كما تنص الخطة أيضا على أن تطلق السلطات السورية سراح جميع المعتقلين الذين شاركوا فى الحملات الاحتجاجية فورا وأن تحترم حرية التجمعات والحق في إجراء التظاهرات السلمية وتطبيق هذه النقاط قبل الوصول الى النقطة الأخيرة وهى التي تدعو الى قيام حوار سياسي بين جميع الأطراف كما تنص عليه خطة أنان .