القاهرة: نشرت صحيفة "القدس العربي" اللندنية قصائد من ديوان "ملكوت عبد الله" آخر تجارب الشاعر الراحل محمد عفيفي مطر، ومنها يقول : * منادمة الكروان كان عبد الله محموما برعب الليل إذْ يهبط من مغْزله العالي ويلتف نديفا من سوادِ المخمل اللين والصمتِ البهيم رعدة ترفض فيِ أعضائه بالبرد والوقْدة والطل الخفيف وشظايا نيزك فرْفر من عمق السديم تتلوى، تمزع الظلمة بالدهشة.. عبد الله بين الوعد والميعاد: كانت شظْية من مارجِ الصوتِ وحصباء الصدى تهويِ من المجهول: لكْ لكْ.. لك الملك. ومجهول الفلكْ دائر مغزله من برجه العالي، وعبدالله من رعب وطين مشرئب السمع واللهفة.. هذيِ الفتنة القاسية الإيقاع تذرو زغب النوم من الأعشاش والغفوة من ناعسة الطير على مجْثمها بين الغصون كان عبدالله يساءل: وحش كاسر لكْ لك في هذا العماء ناشرا سطوته؟! أم ملعب هذا الفضاء يتلهى فيه بالحيرة؟! صيد لا يصادْ؟! أم شهيق أفلتتْ نبرته الأولى قبيل النفخ في مزمار إسرافيل: أم نزع وطلْق في رميمي يستعاد؟! (ملك منْ يا كروان! نحن أقعينا على مفترق الصرخة والأصداء، لم نملك سوى الحسرة والزفرة والجوع المهان بدد نحن وإرث للمماليك، وهمْ في ملعب القتل رماد ودمي يبْتاعها من باعها). أم بشير لكْ لك البشري وترتيل النداء كي يرد الهالكون الملك للمالك أبهى ما يكون مثلما اسْتوْدعهم إياه من غمْر الحلكْ طافيا منجدل الدهشة من كاف ونون!! * سلطانة الأطلال بيني وبين خرائب الأهل القدامى - بعد أن غالتهمو غول الفجاءة بالرحيل وتقادمتْ خطواتهم في ليل ذاكرتي وذاكرة المكان - شرْخ بشباك وشق في جداري مائل، وأنا أحدق عبر صمت معتم علي أرى آثار عرس أو بقايا مأتم أو صندلا لصبية قد أعْجلتْها الغول عنه أو انفراط الأحرف الأولى بأقلام الطباشير الملون خطها طفل صغير هي قفزة أعلو بها فوق الجدار وخطوة.. فأكون أول من يرى النسيان رأي العين: آنية تكسر طينها حرقا من العطش استنامتْ فيِ نسيج العنكبوت ومراقد الحيوان والإنسان ربْقة ماعزي بليتْ وفضْل حصيرة شرب التراب ترابها تتأكل الجدران تحت نضائح الملح المرقدِ، والمهجات العميقة والشنشْنات التي اكتحلتْ بدخان المصابيح القديمة حفها جير من الذرْق المنمش. هذه الأعشاش خالية.. نداء الشمس والريح الطليقة بعثرا أسرابها عيثت في ظلم المهجات ارتعدت بنقرتي وبخمش أظفاري وريشي مرتعبْ من مكْمن البوم اسْتللت البومة الكبرى، لويت جناحها بجناحها، انتفضتْ وحاولت الهربْ ورجعتْ وهي أسيرة الفخين: كفي والعش في الضوء، وجه في مهابته كوجه الأولياء الملهمين حفتْ به من هالة الأسفار في الظلمات شيْبته حريرا في نديفي من زغبْ عينان واسعتان شهْلا وان كالبحر المصفى في زجاج كهوفه، لا تنظران وليستا تريان شيئا من غثاء الصبح، منقار به كِبر الملوك وكبرياء الفهم. -: أنتِ وريثة الأهل القدامى الراحلين وحفيظة الدمنِ البواليِ والعليمة بالسرائر كيف كانت تغْتليِ بالعشق والشعر المجنح بالجنون وهواجسِ الأهوالِ من غلي وجوع واحْتراب وانكسار. أطلقْتها بعد انحدار الشمس، -: روحي.. واشهدي في ظلمة الملكوت هوْل الذاكرة..