كان شيئا مدهشا جدا أنه لا يعرف الكروان، قلت له : ألا يوجد في لبنان كروان؟ قال: لا أعرف، قلت : هل قرأت رواية (دعاء الكروان)، قال : لا، قلت : هل شاهدت الفيلم السينمائي، قال:لا .. خفت أن اسأله وهل تعرف طه حسين، حتي لا أقع مغشيا علي، لو صمت ! لم استطرد طويلا في الحوار، حقيقي أن الشاعر اللبناني الكبير والجميل جدا وديع سعادة، يعيش في استراليا منذ أكثر من 30 سنه، وحقيقي أن ثقافته تتخطي حدود المكان والزمان، خارج البيئه والتاريخ، كتابة ربما تؤسس للغياب وللنسيان،لكن أيضا الكتابة باللغة العربية (وليس لغة أخري) تفرض ارتباطا ثقافيا وتاريخيا لا أعرف كيف انفلت منه! عموما ما شغلني كثيرا هو الكروان، هل هو طائر مصري فقط؟ ام أنه موجود بأسماء متعددة في بلدان مختلفة؟ وهل صحيح ما يردده المصريون عن صوته، الذي يسبح في السماء ( الملك لك لك يا مالك الملك)؟ لكن ماذا يقول الكروان في بلدان لا تعرف العربية؟ ابدي العقاد دهشته من استخدام طه حسين للكروان بدلا من البلبل في عنوان الرواية، معتبرا أن أستخدام الكروان غير دال !! وبعيدا عن العداء التاريخي الذي يكنه العقاد لطه حسين،فأن استخدام الكروان شديد الدلالة والجمال، ليس فقط في قدرة الصوت علي اثارة الشجن، ولكن طبيعة طائر الكروان نفسه، فهو طائر صغير، يحلق علي مستويات منخفضة، ورغم طبيعته الحذرة، فمن السهل صيده، فهو اشبه بالفراشة، التي تنجذب في اتجاه الضوء دائما، ولهذا يتم صيده بالكشافات.. الكروان سهل صيده، وفكرة (الصيد) فكرة جوهرية في (دعاء الكروان).