مع بدء العد التنازلي لانطلاق الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية ، تواصل المراكز والمؤسسات البحثية القيام باستطلاعات للرأي حول المرشح الأوفر حظا للفوز بمنصب أول رئيس للجمهورية الثانية بعد ثورة 25 يناير، الأمر الذي اعتبره البعض مثيرا للشكوك ويدعو للتساؤل حول الأهداف الكامنة خلف هذه الاستطلاعات. وفي البداية لا بد أن نعرف أن قياس الرأى العام ليس مهمة سهلة ولكنه بالقطع ضروري لمعرفة في من يفكر المواطن ومن سيختار ، مع الايمان الكامل بحقه فى المعرفة والاختيار.
وهناك عدد من الوسائل التى يمكن استخدامها فى التعرف على اتجاهات وميول المواطنين. إحدى هذه الوسائل المقابلات الشخصية التى يقوم من خلالها باحث ميدانى مدرب بإجراء مقابلة شخصية مع "المبحوث" بناء على استمارة مقننة للتعرف على اتجاهاته وميوله تجاه موضوع ما.
وهناك أسلوب المقابلة الهاتفية، حيث يقوم الباحث بإجراء المقابلة من خلال الهاتف الأرضى أو المحمول ، وهناك أسلوب آخر يعتمد على إرسال الاستمارة بالبريد لمجموعة من الأشخاص يقومون بإعادة إرسالها بعد الرد على الأسئلة المتضمنة فى الاستمارة، كما ظهر اتجاه آخر هو تبادل هذه الاستمارات من خلال البريد الإلكترونى أو إتاحتها على موقع إلكترونى .
وهنا يأتي السؤال ما هي الوسائل والمعايير والقواعد التي اتبعتها المراكز والمؤسسات البحثية في مصر عند اجراء استطلاعات الرأي بشأن الانتخابات الرئاسية؟ .
وفي المقابل ، لابد أن نعلم أن المراكز البحثية العالمية التى تتمتع بالشفافية تضع قواعد حاسمة وأسسا واضحة لإجراء مثل هذه الاستطلاعات، مع العلم أن الاستطلاعات الدقيقة هى التى تجرى بالتزامن مع إجراء الانتخابات، أو عقب خروج الناخبين من اللجان، وتكون شاملة لمعظم اللجان وبمختلف أرجاء البلد التى يجرى فيها الاقتراع. ويرى الكثير أن غياب الشفافية والوضوح وفقدان الثقة في كل ما كان موجود ايام النظام السابق ، جعلنا نشكك في نتائج تلك الاستطلاعات ، بل ذهب البعض للاعتقاد ان الرغبة في توجيه بوصلة الناخبين المصريين نحو مرشح بعينه قد تجعل جهات محددة تقف وراء هذه الاستطلاعات للوصول الي نتائج محددة .
وربما تكون هذة الجهات هي الأجهزة الأمنية من اجل تلميع مرشح بعينه في توجه عام لابراز ان هناك مرشحين مؤهلين للاعادة .
والمتابع لنتائج استطلاعات الرأي نجد ان معظمها يرجح كفة السيد عمرو موسى ويليه القيادي الإخواني السابق الدكتور عبدالمنعم ابو الفتوح والمحسوب على تيار الإسلام السياسي ، واتفقت معظم تلك الاستطلاعات أن مرشح الثورة المصرية حمدين صباحي ومرشح الإخوان الدكتور محمد مرسي ليس لهم حظوظ كبيرة في الانتخابات.
والأمر المثير للدهشة ان في الفترة الأخيرة صعد نجم الفريق أحمد شفيق والمحسوب على رموز النظام السابق والمعروفين باسم "الفلول" ، الأمر الذي اعتبره البعض تأكيدا للنظرية التي تقول أن جهات أمنية تقف خلف تلك الاستطلاعات.
ويشار الى أن كثيرا من المصريين لم يحسموا بعد أمرهم في اختيار رئيسهم ،هذه الحيرة دفعت المرشحين إلى تكثيف الجهود لاستقطاب أكبر عدد من شريحة هؤلاء المترددين ، فضلا عن استطلاعات الرأي التي سواء اتفقنا او اختلفنا حول دقة نتائجها، الا أنها قد تسهم في تكوين رأي لدى هؤلاء المترددين .
وفي النهاية لا يجب أن ننسى الدور الإيجابى الذى لعبته وتلعبه استطلاعات الرأى العام في الدول التي تمر بمرحلة التحول الديمقراطي والتي لا تختلف عن مصر فى مستوى التعليم.
ورغم كل ذلك وكل استطلاعات الرأي وبرامج "التوك شو" على الفضائيات للتعريف بالمرشحين وبرامجهم ، و"الهوجة الإعلامية" التي نعيشها ان صح التعبير في المارثون الرئاسي ، لا أحد يستطيع أن يتنبئ بمن هو رئيس مصر القادم؟.