آثار الاعلان عن مشروع إقامة اتحاد بين السعودية والبحرين لمواجهة النفوذ الإيراني في منطقة الخليج العربي ، غضب طهران التي رأت ان ذلك يؤدي الى تفاقم الأزمة بدلا من حلها. وفي أحدث ردورد الفعل ، قامت وزارة خارجية البحرين الثلاثاء باستدعاء القائم بأعمال السفارة الإيرانية لديها احتجاجاً على تصريحات إيرانية تتعلق بمشروع الاتحاد مع السعودية ، معتبرة ذلك تدخلاً سافراً في شؤونها .
وقالت وكالة الأنباء البحرينية اليوم الاربعاء أن الخارجية أدانت بشدة تصريحات رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني والنائب حسين علي شهرياري حول البحرين، معتبرة ان ذلك تدخل سافر ومساساً صارخاً باستقلالها وسيادتها، الأمر الذي ترفضه المملكة جملة وتفصيلاً.
وطالبت وزارة خارجية البحرين في بيان لها طهران الى وقف الادلاء بمثل هذه التصريحات والكف عنها لأنها تسيء إلى علاقات الجوار ولا تعبر عن حسن النوايا ولا تسهم في تطوير العلاقات بين بلدين جارين وتؤثر على مصلحة الأمن والاستقرار في المنطقة. تفاقم الأزمة وفي المقابل، كررت ايران الثلاثاء تصريحاتها معتبرة ان مشروع الرياض اقامة اتحاد مع المنامة قد يفاقم الازمة في البحرين، مستخفة بذلك بتحذيرات السعودية التي طلبت منها عدم التدخل في علاقاتها مع هذه المملكة الصغيرة في الخليج.
واعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهنبرست في بيان نشرته وسائل اعلام ايرانية ان "اي نوع من التدخل الاجنبي من دون احترام صوت الشعب لن يؤدي الا الى تعميق الجروح الموجودة".
ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، حيث دعت صحيفة "كيهان" الإيرانية، التي يشرف عليها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي إلى ضم مملكة البحرين إلى إيران. وفي تقرير نشرته الصحيفة الأصولية المحافظة أمس الثلاثاء حول اجتماع قادة دول مجلس التعاون الخليجي العربية في الرياض، وصفت البحرين ب"بضعة" من إيران، وطالبت بالعمل بقوة على ضمها، إلا أنها لم تكشف عن الخطوات العملية التي يجب اتخاذها بهذا الشأن. وكانت مختلف الصحف الإيرانية تناولت المفاوضات بين قادة دول الخليج حول التحول من مجلس التعاون إلى صيغة اتحادية، ووصفتها بأنها محاولات للتغطية على وحدة عربية خليجية موجهة ضد إيران. كما أنه يوم الاثنين أصدر 190 نائباً في البرلمان الإيراني بياناً تهجموا فيه بشدة على المساعي المبذولة لإعلان الاتحاد بين المملكة العربية السعودية والبحرين من جهة وسائر الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي من جهة أخرى. تجدر الإشارة إلى أن أصواتاً لضم البحرين إلى إيران أثيرت منذ سنوات، وأشهر من أثار هذا الموضوع هو حجة الإسلام ناطق نوري، الرئيس الأسبق للبرلمان الإيراني ورئيس سابق للجنة التفتيش العامة التابعة لمكتب المرشد علي خامنئي. وزعمت صحيفة "كيهان" في تقريرها أن الاتحاد بين السعودية والبحرين يعد "مؤامرة خطيرة"، تهدف إلى "توتير الوضع الراهن في الشرق الأوسط" .
ويشار الي ان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل قد دعا ايران الاثنين الى عدم التدخل في العلاقات بين السعودية والبحرين اللتين تناقشان مشروعا للوحدة بينهما. وقال الفيصل في ختام قمة لمجلس التعاون الخليجي تمحورت حول مشروع لاقامة اتحاد بين دول المجلس الست انه "ليس لايران لا من قريب او بعيد اي دخل في ما يدور بين البلدين - السعودية والبحرين - من اجراءات، حتى لو وصلت الى الوحدة". يذكر ان العلاقات بين ايران والسعودية قد توترت بشكل كبير منذ نشر قوات سعودية في 2011 في البحرين للدفاع عن الحكم بقيادة سلالة آل خليفة السنية الحاكمة في البحرين في مواجهة حركة احتجاج تقودها الغالبية الشيعية في البلاد وتدعمها طهران. علاقة إيران بالبحرين وكانت البحرين العربية تاريخياً وديموغرافياً حصلت على استقلالها في أغسطس/آب 1971 من الاستعمار البريطاني، وحينها طالب محمد رضا بهلوي آخر ملوك إيران بهذه الجزيرة الاستراتيجية في الخليج العربي إلا أن طهران توقفت عن هذه المطالبة إثر تصويت البحرينيين على الاستقلال بالأغلبية الساحقة تحت إشراف الأممالمتحدة.
وكانت المطالبة بالبحرين تجددت بعد الثورة التي أطاحت بمحمد رضا بهلوي في عام 1979 وتكرر هذا الأمر مراراً على لسان كبار الشخصيات الإيرانية الرسمية وشبه الرسمية. وفي مارس/آذار من عام 1999 أصبح الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أميراً على البحرين، التي شهدت اتخاذ خطوات إيجابية تمثلت في عودة الحياة البرلمانية التي كانت توقفت في سنة 1975، وحصلت المرأة على حق التصويت، وفي إطار التصالح الوطني أطلقت السلطات سراح السجناء السياسيين، الأمر الذي دفع بمنظمة العفو الدولية إلى الإشادة بهذه الخطوات.