واصلت الصحف السعودية في افتتاحياتها اليوم الخميس، التعليق على الأزمة العابرة التي تمر بها العلاقات السعودية المصرية، وردود الفعل الشعبية والرسمية التي أكدت أن ما يربط بين البلدين والشعبين من روابط الأخوة ووشائج القربى أعمق واكبر من أي فتنة، وأسمى من أي محاولة تضليل أو خداع. وتناولت صحيفة "اليوم" العلاقات السعودية المصرية، مؤكدة أن هذه العلاقات تبقى رغم كل التوترات أو المهاترات، إستراتيجية لكلا البلدين.
وقالت: "إذا كانت المؤثرات الأخيرة التي حدثت من قبل قلة مصرية أمام السفارة السعودية بالقاهرة، قد ألقت بظلالها، وحتمت موقفا كان لا بد منه، مثل سحب السفير للتشاور، إلا أن ذلك لا يمحو أبدا ما العلاقات بين القاهرة والرياض عبر عقود طويلة ، ولا يقطع إطلاقا ما بين الشعبين الشقيقين ، السعودي والمصري من روابط تاريخية تفوق كل السلبيات".
وأوضحت الصحيفة أنه ربما كان العتب السعودي على مصر كبيرا، ولكنه عتب بقدر الحب الكبير الذي نحمله لهذا البلد العربي الكبير، ولشعبه الشقيق، الذي أكدت الأيام أنه دائما عند حسن الظن، رغم ما يحاول بعض المأجورين فِعله من تسميم الأجواء الطيبة، ورغم محاولات الفتنة ما ظهر منها وما بطن، والتي نعرف جيدا محركيها والمتآمرين معها.
ولفتت الصحيفة إلى أن الوقفة المصرية، بالأمس، أمام السفارة السعودية على نيل القاهرة، والبسطاء العاديين الذين رفعوا صور خادم الحرمين الشريفين، وحملوا العلم السعودي، وأنشدوا الأغاني الوطنية السعودية والمصرية، أن ما بين شعبينا فوق أي فتنة، وأسمى من أي محاولة تضليل أو إيهام أو خداع.
ورأت أن تلك المواقف الشعبية الاصيلة أبلغ رد على أي محاولة للتشكيك في نبل الشعبين السعودي والمصري وأصالتهما وعمق تاريخهما.
وفي ذات الملف أبرزت صحيفة "الوطن" أن العقلاء في أرض الكنانة يدركون أهمية استقرار العلاقات بين المملكة ومصر، وأن الأفعال المشينة التي حدثت في محيط السفارة السعودية بالقاهرة، لا تمثل الشعب المصري، ولا تتسق مع صفات الشخصية المصرية المتسمة بالحرص على التثبت، والابتعاد عن الظن القائم على الإشاعات، وعدم التسرع في الأحكام، وبالتالي فإن الحدث لن يؤثر على العلاقات التاريخية بين بلدين عربيين لهما ثقلهما على المستويين الإقليمي والدولي، مادام العقلاء قادرين على احتواء الموقف، وإيقاف التجاوزات.
وأوضحت الصحيفة أن الأفعال والأقوال الهادفة إلى احتواء الموقف، لم تقف عند الموقف الرسمي، وإنما تجاوزته إلى فئات مصرية مختلفة، حين تم الكشف عن أن وفدا من الفنانين المصريين يبلغ نحو 50 فنانا، يرافقهم الدكتور أيمن نور رئيس حزب غد الثورة ، يعتزمون زيارة المملكة، بهدف تقديم الاعتذار الشخصي لخادم الحرمين الشريفين والشعب السعودي، مما ينم عن النوايا الحسنة، ويشي بالحرص على إفشال مخططات المغرضين الساعين إلى إفساد العلاقات بين البلدين.
وتابعت الصحيفة قائلة الموقف نفسه عبر عنه عدد كبير من المفكرين والأدباء والمثقفين المصريين الذين أكدوا على أن الخلاف مفتعل، بسبب الإعلام الاستفزازي، مما يحتم إعادة النظر في أساليب بعض وسائل الإعلام، وتوجيهها نحو إدراك مسئولية الكلمة، والالتزام بمعايير المصداقية، وإغلاق الأبواب أمام دعاة الفتنة، وعدم اللجوء إلى الإثارة للإثارة وحسب.
ورأت صحيفة "عكاظ" أن العلاقات السعودية المصرية أكبر من أن تتأثر بمجرد أزمة عابرة أثارها مجموعة من الغوغائيين لأجندة خاصة لا تخدم سوى أحزاب مسيسة لمصالح ضيقة وتدخلات إقليمية باتت مكشوفة للعالم أجمع.
ولفتت "عكاظ" إلى أنه يقع على عاتق الحكومة المصرية مسؤولية تاريخية كبيرة لا بد لها من أن تضطلع بها على الوجه الأكمل؛ لحماية هذا التاريخ العريق من العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمصير المشترك بين البلدين، مثلما أن الحكومة السعودية تحمي الإخوة المصريين المقيمين والزوار في المملكة، وتسعى لزيادة حجم الاستثمارات المصرية في بلادنا، ولا تسمح لأي عارض كان بأن يؤثر سلبا على هذه الاستثمارات.
وأبرزت الصحيفة أن حجم استثمارات السعوديين في البورصة المصرية بلغ 8ر1 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام الجاري، ووصلت مشترياتهم 170 ر1 مليار جنيه مقابل مبيعات سجلت 650 مليون جنيه، مستحوذين على ما نسبته 5ر8 في المائة من قيمة تعاملات العرب في البورصة المصرية خلال الربع الأول من هذا العام، وبلغ حجم الاستثمارات السعودية في مصر 16 مليار جنيه، تشمل مختلف الأنشطة الاقتصادية، خاصة المجالات الصناعية بنسبة 36 بالمائة من إجمالي حجم الاستثمارات والخدمات والتمويل بنسبة 28 بالمائة و16 في المائة لقطاع السياحة، وتحتل الاستثمارات السعودية المرتبة الثالثة حاليا في مصر بحجم استثمارات بلغ 16 مليار جنيه، تمثل المساهمة في 874 شركة استثمار داخلي، بالإضافة إلى 236 مليون دولار في 27 شركة في المناطق الحرة، وحجم التبادل التجاري بين مصر والسعودية 7ر2 مليار دولار العام الماضي.
ورأت صحيفة "الشرق" أنه يتعيين محاسبة بعض الإعلاميين الذين تركوا رسالتهم، وأخذوا يرسمون خطوط الإثارة والكراهية، بين الشعبين السعودي والمصري، وتسببوا في تفاقم الحدث، وحثهم على الاعتراف بما أخطأوا، وإبداء حسن نواياهم.
وقالت "الصحيفة": "نحتاج إلى الوقوف على هذه الأزمة ودراستها والتعلم منها للمحافظة على الروابط الوثيقة، بدلاً من الاندفاع وراء عواطف غير صحيحة تضللنا".
وأبرزت أن المصير السعودي المصري الإسلامي العربي مترابط وقوي، ولكن يوجد على الطرف الآخر من يتربص به من كل اتجاه، فالطامعون لتفكيك هذا البيت كثر، والحل هو توحيد الموقف.
وألمحت إلى أن حادثة السفارة السعودية بالقاهرة، لم تكن إلا مثالا بسيطا على ما يحدث في الأروقة العربية من انعدام توازن، قد يكلف الكثير.
وتابعت قائلة: "لو أردنا الأمثلة الأخرى على ذلك لوجدناها كثيرة، والحل واحد ومن السهل التعامل معه، فلنكن أكثر قرباً ونضوجاً في التعامل بيننا كأمة عربية واحدة وإن اختلفنا".