أ ش أ - يستضيف الأردن بعد غد الثلاثاء، المؤتمر السنوي الأول تحت عنوان "استراتيجيات التعليم العالي وتخطيط الموارد البشرية" تحت رعاية المنظمة العربية للتنمية الإدارية بالتعاون مع اتحاد الجامعات العربية وجامعة القاهرة والجامعة الهاشمية. ويهدف المؤتمر إلي تسليط الضوء علي مشكلة بطالة الخريجين كماً ونوعاً؛ تقييم استراتيجيات وسياسات التعليم العالي العربية ومدي استجابتها لمتطلبات السوق من المهارات المهنية ؛ كذلك تقييم استراتيجيات وسياسات سوق العمل العربية ومدى قدرتها على استيعاب مخرجات التعليم العالي.
ومن المعروف أن البطالة تصيب فئات السن الشابة والداخلين جداول سوق العمل من دون خبرات سابقة، ولكن بطالة حملة الشهادات التي تتزايد في العديد من دول العالم وفي عدد من البلاد العربية على وجه الخصوص تدفع إلى التفكير بالمدى الذي تتم فيه الاستفادة من المورد البشري المهم ومن الاستثمارات الممتدة في التعليم ومدى ملاءمة ذلك التعليم بالنظر إلى بروز ظواهر عديدة تمثل هدراً للموارد البشرية والموارد المالية على السواء مثل: ظاهرة فرط التعليم حيث أخذ أرباب العمل في القطاعين العام والخاص يطلبون شهادات أعلى لملء مناصب العمل التي كانت تعزى إلى حملة مؤهلات أقل ويعود ذلك إلى فائض العرض المتزايد من حملة الشهادات.
والظاهرة الثانية هي بطالة المتعلمين المقنعة وبخاصة في الحكومة والقطاع العام حيث كانت هذه الجهات تكلف تشغيل حملة الشهادات لأسباب سياسية اجتماعية أكثر من كونها لأغراض اقتصادية مرتبطة بتوصيف مناصب العمل وتحديد المؤهلات والكفاءات اللازمة فعلاً لتلبية مهامها. أما الظاهرة الثالثة فهي بطالة المتعلمين الصريحة.
وفي مختلف الحالات فإن مشكلة الصلة بين التعليم وسوق العمل من حيث الكم والمحتوى تطرح بشكل حاد وينبني على عدم إيجاد الحلول الملائمة لها تراجع في الإنتاجية وارتفاع تكلفة العمل ومن ثم خسارة في القدرة التنافسية للمنتجات و تدهور في معدلات النمو وعدم استدامتها. وقد شهد مطلع الالفية الثالثة أزمة حقيقية في عملية التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية عموماً، ورأس المال الفكري والمهني والمعرفي تحديداً، حيث استشرت البطالة بين الفئات المتعلمة لترتفع إلى ضعف المعدل العالمي بين المتعلمين، فضلا عن أنها بلغت عشرة إضعاف غير المتعلمين في بعض البلدان العربية .
وتجدر هنا الإشارة إلى إنحسار نسبة العمالة العربية المستوردة لتصبح 23\% من قوة العمل المستوردة للعمل في البلدان العربية.
ويجد المتتبع لتنامي هذه الظاهرة أن غالبية الاستنتاجات البحثية في مجال المفاضلة بين العمالة الوافدة والعمالة الوطنية تعزيها إلى مشكلة تدني مستوى تأهيل مخرجات التعليم بمراحله المختلفة دون المعايير المقررة في منظومة جودة التعليم والتدريب العالمية.
لذا يسعى أرباب العمل في القطاعات المختلفة إلى استقطاب الموارد البشرية الأجنبية وفقا لما تطلبه معايير العمل. وفي هذا السياق أصبح مطلب المواءمة بين حاجة سوق العمل للمعارف والمهارات والقدرات وبين مخرجات التعلم التي يجب أن تحققها البرامج التعليمية في مراحل التعليم المختلفة، مطلباً استراتيجياً، لذا فأن تجاهل هذا المطلب يقود إلى تضاءل فرص تشغيل العمالة الوطنية من حيث قدرتها التنافسية للحصول على فرص عمل تتيحها أسواق العمل، والتي تقدر بنحو 5،2 مليون فرصة عمل في الدول العربية.
وتشير تقارير المعهد العربي للتخطيط ومقرة دولة الكويت ، إلي أن زيادة مستوى التعليم في العالم العربي أدت إلى إرتفاع نسبة البطالة بدلاً من أن تساهم في انخفاضه..ا، وقال المدير العام للمعهد الدكتور بدر مال الله أن بطالة المتعلمين في العالم العربي تشير إلى وجود خلل هيكلي في علاقة أنظمة التعليم وسوق العمل، يتمثل في عدم التوافق بين المهارات والكفايات التي تخرج من أنظمة التعليم، والمهارات والكفايات المطلوبة في سوق العمل، واضاف أن النمو الاقتصادي لم يكن له تأثير مباشر على معدلات البطالة بل بالعكس، اذ زادت معدلات البطالة مع زيادة النمو الاقتصادي، لذلك لم تكن السياسات الاقتصادية المالية والنقدية فاعلة في الحد من البطالة ، كما شدد مدير المعهد علي أن بطالة المتعلمين هي من التحديات المهمة والكبيرة التي تواجه الدول العربية، إذ أن زيادة مستوى التعليم يفترض في المبدأ أن تؤدي إلى الاقلال من احتمال التعطل، وبالتالي فإن معدل البطالة بين المتعلمين يفترض أن يكون قليلاً، وكذلك نسبة المتعلمين بين العاطلين من العمل، لكن الوضع في المنطقة العربية ليس على هذا النحو .
وأشار التقرير الى أن التعليم في العالم العربي شهد منذ منتصف القرن الماضي ، وشهد التعليم العالي نمواً كبيراً وملحوظاً فوصل عدد الجامعات الأعضاء في اتحاد الجامعات العربية إلى 225 جامعة بالإضافة إلى ما يقارب هذا العدد من الجامعات الأجنبية التي فتحت فروعاً في العالم العربي .
وبالإضافة إلى ذلك قدمت هذه الجامعات الكوادر البشرية المؤهلة والمتعلمة للتنمية، فخرجت أعداداً كبيرة من الأشخاص الذين دخلوا سوق العمل بمستويات مختلفة من التعليم والمهارة فزاد رأس المال البشري في الدول العربية وأثرت هذه الزيادة بالإيجاب على القيمة المضافة والدخل والنمو الاقتصادي وفرص العمل، إلا أن هذه العمالة الجديدة والمتعلمة أدت إلى زيادة المنافسة على التوظيف وأثرت على الأجور.