ذكرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية أن دولة جنوب السودان باتت على أعتاب حرب مع السودان قد تمتد آثارها لتشمل إقليم شرق أفريقيا وذلك بعد مرور أقل من عام على انفصالهما ، كما وصفت الأزمة بين البلدين بالصراع العنيف بين الأشقاء لتقسيم إرث الدولة الواحدة. وقالت الصحيفة -في تقرير أوردته اليوم الخميس على موقعها على شبكة الإنترنت إن استحواذ جوبا على حقول النفط في منطقة هجليج التي تدعي دولتا السودان وجنوب السودان أحقيتهما فيها ، دفع الرئيس السوداني عمر البشير إلى إعلان الحرب ليس لاسترداد هجليج فحسب بل وأيضا للزحف إلى جوبا نفسها.
وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من أن العلاقات بين البلدين بدت جيدة في بدايتها إلا أنها سرعان ما اتسمت بالعداء، ونشبت الخلافات بينهما حول تقسيم إيرادات النفط والذي أصبح معظمه في الوقت الحالي تابعا لجوبا ، غير أن توصيله للأسواق الأجنبية يتطلب نقله عبر خطوط الأنابيب التابعة للخرطوم.
ولفتت الصحيفة إلى أن الأزمة الأخيرة ترجع لأسباب تتعلق بالخلاف حول الحدود بين الدولتين أكثر من رجوعها للخلاف حول السيطرة على النفط ، حيث ترى جنوب السودان أن لها الحق في ضم إقليم أبيي وما يجاوره من حقول نفطية في منطقة هجليج، وقد استولت على هجليج بقوة السلاح على نحو أثار رد فعل عنيف من قبل الخرطوم.
وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى تصريحات البشير في زيارته اليوم الخميس لولاية جنوب كردفان؛ والتي قال فيها إن استعادة هجليج هي مجرد بداية للحرب ضد جنوب السودان، وأن قوات السودان عليها مواصلة الطريق إلى جوبا.
وقالت الصحيفة إن الصراع بين الخرطوموجوبا قد يمتد ليتحول إلى حرب إقليمية ، وأشارت في هذا الإطار إلى ما دأبت عليه جوبا من إقامة علاقات وصداقات وثيقة مع جيرانها الجنوبيين أوغندا وكينيا.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن جنوب السودان أقامت علاقات عسكرية وتجارية وثيقة مع الزعيم الأوغندي يوري موسيفيني ، كما أنه من المنتظر أن تقوم جوبا ببناء خط أنابيب يصل إلى البحر عبر ميناء لامو الكيني.
على صعيد الداخل السوداني.. تتردد الأنباء أن جوبا تقدم الدعم لحركة العدل والمساواة المتمردة في إقليم دارفور ، ولفتت الصحيفة في هذا الصدد إلى التقارير الإعلامية التي أفادت مؤخرا بوجود عناصر مقاتلة تابعة للحركة المتمردة إلى جانب قوات جنوب السودان في تحركها للسيطرة على منطقة هجليج.
في المقابل.. يعاني الرئيس السوداني عمر البشير من عزلة متزايدة ، فهو يواجه مذكرة اعتقال من قبل المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب وإبادة جماعية في تعامله مع متمردي دارفور.
وأضافت الصحيفة أن البشير يكافح حاليا لدفع مستحقات الحكومة المكتظة بالعاملين وكذا عناصر البنية الأمنية في الوقت الذي خسر فيه نحو 80% من إيرادات النفط التي كانت بحوزته عندما كانت جنوب السودان مجرد إقليم بدولة يترأسها.
وذكرت الصحيفة أيضا أنه كان من المتوقع للحظة أن يعترف البشير بالضعف المتزايد لموقفه في مساومته للجنوب ، وأن ينتج عن ذلك لجوئه للجلوس على طاولة المفاوضات مع جوبا سعيا لإيجاد حلول وسط ، لكن بالنظر إلى تلقي قواته لضربات موجعة في كل من جنوب كردفان وهجليج ، وبالنظر أيضا إلى مستقبله الغامض بوصفه متهما من قبل المحكمة الجنائية ، فلن يكون أمام البشير سوى أن يقرر خوض الحرب كخيار وحيد متبق أمامه.
وقالت إنه في حال اندلاع الحرب فإن السودان ستعتمد على كبار شركائها التجاريين ولا سيما الصين ، وتحدثت الصحيفة في هذا السياق عن تقارير إعلامية تفيد بأن خبراء بالأمم المتحدة قد وجدوا أدلة تثبت أن الذخائر الصينية تصل إلى الميليشيات المؤيدة للخرطوم في إقليم دارفور ، ورغم نفي مكتب الأمين العام للأمم المتحدة لهذه الأنباء إلا أن الخبراء قاموا بإرسال تقرير بها إلى مجلس الأمن الدولي.
واستنتجت الصحيفة مما سبق أن المجتمع الدولي أصبح يواجه احتمال نشوب حرب واسعة النطاق تجر إليها جنوب السودان حلفاءها الجنوبيين؛ أوغندا وكينيا بينما تقاتل فيها السودان بأيادي ميليشيات إسلامية تحمل أسلحة وعتاد صنع في الصين ، لافتة في نهاية تقريرها إلى أنه في حال نشوب هذه الحرب فإن عواقبها غير المحمودة ستمتد لتشمل نطاقا أوسع من حدود الدولتين.