تشاور,احترام, ملاطفة .. أسس السعادة الزوجية محيط إيمان الخشاب من حكم الله سبحانه وتعالى أن شرع الزواج بغرض تحقيق العديد من المصالح الدنيوية منها حفظ النوع البشري وإعمارهذا الكون وتنظيم العلاقات بين الجنسين الذكر والأنثى، فالزواج ضرورة اجتماعية لبناء الحياة، وتكوين الأسر والبيوت واستقامة الحال وهدوء البال وراحة الضمير، كما أنه أمر تقتضيه الفطرة قبل أن تحث عليه الشريعة وتتطلبه الطباع السليمة، فهو حصانة وابتهاج وبه تتعارف القبائل وتقوى الأواصر ،يقول تعالى فى كتابه :{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }. وقد وضع الإسلام حقوقاً على الزوجين وهذه الحقوق منها ما هو مشترك بين الزوجين، ومنها ما هو حق للزوج على زوجته ومنها ما هو حق للزوجة على زوجها وعلى أساس هذه الحقوق تقوم الحياة الزوجية وأي نقص في أي حق من الحقوق الزوجية سواء كان حقاً مشتركاً أو خاصاً يسبب شرخاً عظيماً في بناء الأسرة المسلمة لايعود على الزوج والزوجة فقط بل يمتد للأبناء أيضاً . وعن حق الزوجة على زوجها تحدثنا الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر وتقول: أهم الحقوق الواجبة على الزوج تجاه زوجته هو الانفاق عليها وهذه النفقة تتناول نفقة الطعام والكسوة والعلاج والسكن لقوله تعالى : "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" ، وعليه تعليمها دينها وأمرها بالصلاة وإذا كان لا يستطيع تعليم زوجته فلييسر لها أسباب التعليم، ومعرفة ما أوجب الله عليها ومعرفة ما نهاها الله عنه. لكن المصيبة إذا كان الزوج نفسه واقع في الحرام فالرجل قدوة أهل بيته، والقدوة من أخطر وسائل التربية، عن فضيل بن عياض قال: رأى مالك بن دينار رجلاً يسيء صلاته، فقال: ما أرحمني بعياله، فقيل له: يا أبا يحيى يسيء هذا صلاته وترحم عياله؟ قال: إنه كبيرهم ومنه يتعلمون. ومن حق الزوجة أيضاً أن يغار عليها زوجها في دينها وعرضها، إن الغيرة أخص صفات الرجل الشهم الكريم، وإن تمكنها منه يدل دلالة فعلية على رسوخه في مقام الرجولة الحقة والشريفة ، وليست الغيرة تعني سوء الظن بالمرأة والتفتيش عنها وراء كل فعل ،يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من الغيرة غيره يبغضها الله وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة". وتضيف دكتورة سعاد: وعلى الزوج أن يحترم رأي زوجته ، وأن يعتذر عند الخطأ وهذا الأمر لا يقلل منك أبداً بل يزيدك مكانة ومحبة عندها ، ويجب استشارتها في أمور البيت ، وأن يمازحها ويلاطفها، وأن يكون وجهه بشوشاً، وإذا رآها متزينة له لابسة لباساً جديداً أن يمدحها ويبين لها إعجابه فيها. وتقول الدكتورة آمنة نصير أستاذ الفلسفة الإسلامية والعقيدة بجامعة الأزهر الشريف: هناك حقوق وواجبات لا تنجح الحياة الزوجية الا اذا توافرت ، وهذه الحقوق والواجبات على الرجل والمرأة على حد سواء لا فرق بينهما تأتى فى مقدمتها ضرورة التناصح بين الزوجين والذى له دور كبير في الارتقاء بمستوى الأسرة، ولكن كثير من الأزواج يرى من غيرالطبيعي أن تؤدي المرأة دورها في نصيحة زوجها، وأن من السائغ والمعتاد أن تكون من جانبه فقط ، ويرى أن قيامها بالنصيحة نوع من التطاول والعجرفة،وخدش لكرامته وهذا خطأ فادح وهدم لعش الزوجية وسعادة الأسرة. ونتيجة لذلك تفقد الأسرة مبدأ هام وهو التشاور فيما بينهم وتداول الرأي فيما يتعلق بشئون البيت فليس من الحكمة في شيء أن يستبد الرجل برأيه ولا يلتفت إلى مشورة امرأته، فكم من امرأة أدلت برأي صار له أكبر الأثر في استقامة أمور وصلاح الأحوال، وخير من يقتدىبه في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم أن دخل على أم سلمة غاضبا مما فعل أصحابه يوم الحديبية حيث أمرهم بالحلق والتحلل فتباطؤوا، فأشارت عليه أم سلمة أن يحلق هو حتى يحلقوا، فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بمشورتها فما كان إلا أن بادروا إلى امتثال أمره عليه الصلاة والسلام. وتضيف دكتورة آمنة :وهناك أمر آخر بجانب المشورة يعد أمراً هاماً لا تتم السعادة الزوجية إلا به، وهو دوام المحبة بين الطرفين ، فتحبب كل من الزوجين إلى صاحبه وإظهار صدق المودة والتنادى بالكلمات الحنونة، فإن ذلك أحسن ما تستقيم به أحوال الزوجين، وأفضل ما تبنى عليه حياتهما، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك مع أزواجه رضي الله عنهن ولسنا بخير منه حتى نستنكف عما فعله، فالحياة الزوجية التي يفقد من قاموسها الكلمات الطيبة الجميلة، والعبارات الدافئة حياة قد لا تجد السعادة فيها. الحياة الزوجية أخذ وعطاء فعلى الزوج أن يعطى زوجته الكثير من نفقة واحترام ومودة وعلى الزوجة ان تعطيه أيضاً طاعة بالمعروف فيما يأمرها به في حدود استطاعتها وهذه الطاعة أمر طبيعي تقتضيه الحياة المشتركة بين الزوج والزوجة وهذه الطاعة تحفظ كيان الأسرة من التصدع والانهيار وتزيد محبة الزوج لزوجته عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صلّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة، شئت) .ولتعلم المرأة المسلمة أن الإصرار على مخالفة الزوج يجرح كرامته، ويسيء إلى قوامته فالزوجة الصالحة إذا أغضبت زوجها يوماً من الأيام فإنها سرعان ما تبادر إلى إرضائه وتطييب خاطره والاعتذار إليه مما صدر منها هذا من تعاليم ديننا الحنيف .