أثار استمرار القتال لليوم الثاني بين السودان وجنوب السودان في المناطق الحدودية المتنازع عليها قلقا دوليا من أن يتحول الصراع إلى حرب شاملة. وأعرب الاتحاد الأفريقي حسبما ورد بهيئة الإذاعة البريطانية ال " بي بي سي" عن قلقه العميق من الاشتباكات التي وقعت بسبب حقول النفط ودعا الطرفين إلى ممارسة أكبر قدر من ضبط النفس.
ودعا الاتحاد البلدين في بيان إلى حل القضايا العالقة بينهما "بطريقة سلمية بما يتوافق مع المبادئ الأساسية لتأسيس دولتين قابلتين للحياة".
وتأتي الاشتباكات التي شهدها حقل "هجليج" النفطي بعد أيام من تعثر المفاوضات بين الخرطوموجوبا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وتعتبر هذه الجولة من الصراع الأعنف منذ انفصال جنوب السودان في يوليو/ تموز 2011.
وسيطرت قوات جنوب السودان على بلدة "هجليج" التي يعترف بها دوليا كأرض سودانية، لكن دولة جنوب السودان تجادل بهذا الشأن.
وتقدم السودان بشكوى إلى الأممالمتحدة بشأن "عدوان" جنوب السودان، بينما دعا البرلمان السوداني إلى "التعبئة واليقظة" في صفوف المواطنين.
وعقب تحدثه إلى رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إنه اقترح عقد قمة عاجلة بين البلدين لبناء الثقة والتأكيد على أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل المشكلة.
وفي هذه الاثناء دعا أعضاء مجلس الأمن الدولي والاتحاد الفريقي قوات جنوب السودان إلى الانسحاب الفوري من حقل هجليج النفطي.
كما أدانت الولاياتالمتحدة سيطرة جنوب السودان على هجليج ووصفته بأنه "تصرف يتعدى الدفاع عن النفس ويزيد التوتر بين السودان وجنوب السودان إلى مستويات خطيرة".
ويعتمد السودان على حقل هجليج الذي يساهم بمقدار كبير في ميزانية الدولة، حيث تعهدت الخرطوم باستخدام "كافة الوسائل الشرعية" لاستعادته، محذرة من إمكانية "تدمير" جنوب السودان.
وأقر وكيل وزارة الخارجية السودانية رحمة الله محمد عثمان بأن من المستحيل مواصلة ضخ النفط طالما ظل جنوب السودان مسيطرا على هجليج.
وأضاف عثمان أنه سيكون هناك أثر اقتصادي سالب على السودان جراء ذلك، لكن ليس من الضروري على المدى القصير.
وقال مراسلون: "إن السودان، الذي فقد غالبية انتاجه النفطي عقب انفصال الجنوب، لن يتسامح في فقان المزيد".
ويذكر أن العديد من القضايا بين السودان وجنوب السودان لا تزال عالقة على الرغم من مرور أكثر من تسعة أشهر على انفصال الجنوب، ومن بينها النقاط الحدودية ورسوم عبور النفط وتصديره عبر السودان وقضية الجنسية.
وكان من المقرر مناقشة هذه القضايا في قمة رئاسية تجمع ميارديت بنظيره السوداني عمر البشير في جوبا، لكنها أجلت إلى أجل غير مسمي بسبب تفجر العنف.
ويرى إبراهيم غندور العضو القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان أن إقدام جنوب السودان على السيطرة على هجليج يعني إسقاط خيار التفاوض.
وقال: "لا يمكن أن نتحدث عن السلام بينما هنالك عدوان، إذا كانوا يريدون السلام، عليهم أن يسحبوا قواتهم من الأراضي السودانية".
لكن المتحدث باسم جيش جنوب السودان العقيد فيليب أغوير قال: "إن قواته، ببساطة، في حالة دفاع عن النفس".
وقال أغوير بلهجة قاطعة: "هجليج جزء من جنوب السودان، الخرطوم كانت تحتل هجليج بقوة السلاح".
وأضاف "لقد لاحقناهم حتى هجليج، نحن نعتقد أن هذا من حقنا"، وتابع قائلا: "لم نعتد على أي شخص، لم نعبر على الإطلاق إلى أراضي جمهورية السودان"، كما اتهم أغوير القوات السودانية بشن غارات جوية على جنوب السودان.