واصل نواب الأغلبية في الكويت إحكام سيطرتهم على مفاصل مجلس الأمة "البرلمان"، بفرض جدول أولوياتهم التي اتفقوا عليها قبل يومين في ديوانية النائب الصيفي مبارك الصيفي، على الرغم من تأجيل البت في لجان التحقيق البرلمانية في ملفي "الإيداعات المليونية" و"التحويلات الخارجية" اللذين كانا سبباً في استقالة حكومة الشيخ ناصر المحمد وحل البرلمان، لمدة أسبوعين بناء على طلب الحكومة، فيما حاول نواب "الموالاة" السير في طريق المعارضة السابق بالتهديد بالاستجوابات لتحقيق أي مكاسب على الأرض. وأعلن النائب صالح عاشور استجوابه لرئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك "قريبا جدا" حول موضوع الإيداعات المليونية، لكن الرد جاء سريعا وحاسما من الأغلبية التي أعلنت تحصينها للحكومة من تداعيات أي استجوابات لمدة 6 شهور لتشرع في تنفيذ برنامج عملها قبل فتح باب المسائلة.
وفي خطوة ذات دلالة، زكّى البرلمان في جلسته أمس، النائب مسلم البراك الناطق الرسمي باسم كتلة العمل الشعبي التي يترأسها رئيس البرلمان أحمد السعدون لرئاسة لجنة التحقيق في قضية "التحويلات الخارجية" التي كشفها بالأرقام في ساحة الإرادة، هدد بمساءلة رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد وسفراء الكويت في جنيف ولندن ونيويورك ووكيل وزارة الخارجية خالد الجار الله لتورطهم فيها.
كما زكى النائب فيصل المسلم حسبما ورد بجريدة "الخليج" الإماراتية لرئاسة لجنة التحقيق في ملف "الإيداعات المليونية" الذي استجوب بسببه الشيخ ناصر المحمد، ورفع البنك المتورط في الأمر قضية عليه كسبها في درجتي تقاضي، وشطب بسببها من جداول المرشحين قبل أن تعيده المحكمة الدستورية.
وعزت مصادر برلمانية لجريدة "الخليج" الإماراتية سبب إعلان عاشور استجواب رئيس الوزراء إلى أمرين الأول، محاولة تحصين نفسه من أية شبهات تطاله في ملف "الإيداعات" خاصة أن اسمه ورد به وسبق للنيابة العامة التحقيق معه، موضحة أن اتفاق اللجنة على متابعة حركة سير حسابات النواب الخمسين في المجلس الماضي خلال الفترة من ابريل/نيسان 2009 أي قبل إجراء الانتخابات بشهر وحتى حل البرلمان في ديسمبر/كانون الأول الماضي، من شأنه أن يكشف أوراقاً كثيرة قد تطيح بسمعة نواب حاليين وسابقين ومنهم عاشور نفسه الذي يريد أن يستخدم الاستجواب كذريعة للدفاع عن نفسه.
أما الأمر الثاني، فهو محاولة عاشور تحصين "أحد المتنفذين" في قضية "تهريب الديزل" الذي يرتبط معه "مذهبيا وماليا"، مبينة أن لجان التحقيق تعهدت بكشف الحقائق كاملة أمام الشعب.
وفي وقائع الجلسة أيد رئيس البرلمان أحمد السعدون، مطالبة النائب خالد السلطان بتجميد العلاقات مع النظام السوري ودعم المقاومة ماديا ومعنويا، مؤكدا انه سبق له تقديم اقتراح بتجميد جميع الاتفاقيات مع النظام السوري.
ووافق المجلس في جلسته العادية الثلاثاء، على تأجيل مناقشة ثلاثة مقترحات بتشكيل عدد من لجان التحقيق وإدراج تلك المقترحات على جدول أعمال جلسة المجلس المقبلة (بعد أسبوعين) بناء على طلب الحكومة.
وطالبت الحكومة على لسان الشيخ صباح الخالد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بتأجيل مناقشة المقترحات مدة أسبوعين بناء على المادة 148 من اللائحة الداخلية.
وكان النواب تقدموا بثلاثة اقتراحات يقضي أولها بتشكيل لجنة تحقيق في الإيداعات المليونية والتحويلات فيما يقضي الاقتراح الثاني بندب عضوين من مجلس الأمة لبحث قضية الإيداعات المليونية مع بنك الكويت المركزي، أما الاقتراح الثالث فيقضي بتكليف لجنة حماية الأموال العامة البرلمانية بالتحقيق في ما يتعلق بقضية تهريب وقود الديزل.
وأشار الشيخ صباح الخالد في مداخلة له إلى أحقية أعضاء المجلس في تشكيل لجان التحقيق، مضيفا انه يطلب تأجيل مناقشة الاقتراحات "حتى تتمكن الحكومة من معرفة تفاصيل ما جاء في تلك الاقتراحات ومن ثم بحثها.
وتابع الشيخ صباح: "نحن مع أهمية تلك الاقتراحات وضرورة إدراجها على جدول أعمال المجلس ومن ثم تشكيل لجان للتحقيق بما ورد فيها إذا أراد المجلس ذلك".
وأكد الشيخ صباح في الوقت ذاته، تعاون الحكومة "حتى أبعد مدى" مع المجلس في التحقيق بموضوعات كهذه "لكن نطالب بإعطائنا الوقت الكافي لدراستها تمهيدا لمناقشتها".
وشكل المجلس لجنة لدراسة أوضاع "البدون" تضم في عضويتها النواب محمد هايف محمد الخليفة وعادل الدمخي وعبد الحميد دشتي ونايف العجمي .
وحدد النائب مسلم البراك، رؤية كتلة العمل الشعبي لحل مشكلة "البدون"، موضحا أنها ستتقدم قريبا باقتراح بقانون يتضمن إجراء معالجة جذرية لوضعهم، ينقسم إلى قسمين الأول يتضمن تجنيس المستحقين بعد توزيعهم إلى فئات وشرائح، في حين يتضمن القسم الثاني تطبيقا للحقوق المدنية والاجتماعية والإنسانية لغير محددي الجنسية بما يتعلق بالتعليم والعمل والصحة واستخراج الأوراق الرسمية.
وقال البراك: "إن العمل الشعبي تتمنى أن يحظى هذا المقترح بالموافقة الجماعية للنواب لإيجاد حل جذري ونهائي لهذا الملف الخطير ذي الأبعاد الاجتماعية والقانونية والأمنية".