هل تعلمون حضرات السادة القراء؟... لو كان تحالف الأقلية العلمانية واللادينية والطآئفية ، قد فاز في انتخابات مجلس الشعب،لاستقبلت الدوائر الإعلامية والسياسية الأمريكية والأوربية والصهيونية هذا الفوز بفرحة عارمة، وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وهم يتغنون بعظمة ثورة مصر، وبانتخاباتها البرلمانية الحرة، وبشجاعة وبسالة جيش مصر، الذي أجري انتخابات لم يشهد لها التاريخ مثالا في النزاهة والشفافية.
وساعتها، لم نكن نري أحداث "ماسبيرو" ،و مجلس الوزراء ، أو محمد محمود ، ومحيط وزارة الداخلية، وبورسعيد، لكن لأن الانتخابات البرلمانية بوطننا اكتسحها الإسلاميون، قام أعداء وطننا بتحريك طابورهم الخامس داخل مصر الذي يمتلك المال والإعلام ليصبوا جم غضبهم علي المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
هذا المجلس البطل ، الذي يقود شعبنا الآن إلي بر الآمان ، المجلس الذي صدق ما عاهد الله عليه ، وانتصر لثورتنا ومضي يسلم السلطة لمن يثق فيهم من أبناء شعبنا، وعاهدنا أن ينتهي من تسليم تلك السلطة تماماً في موعد غايته يونيو المقبل ،ولم يكتفي المجلس العسكري العظيم بذلك بل مضي يطهر الوطن "من صراصير التمويل الأجنبي "،تلك الصراصير النتنة ،التي تتغذي علي المآل الحرام ،و التي هددت أمننا القومي .
ولقد لقن السيد المشير القائد محمد حسين طنطاوي ...السادة في واشنطن وتل أبيب درساً في السيادة والعزة والوطنية،عندما رفض عروض رئيس الأركان الأمريكي الذي زار القاهرة ...خلال الساعات الماضية... لإطلاق سراح المتهمين الأمريكيين في قضية التمويل.
وقال السيد المشير القائد محمد حسين طنطاوي لرئيس الأركان الأمريكي والوفد المرافق له : "أن المتهمين الأمريكيين في قضية التمويل الأجنبي ،تسوية أوضاعهم لا تتم إلا من خلال القانون وأمام القضاء، ولا يستطيع هو أو غيره أو أي أحد بمصر أن يتدخل في شئون القضاء ،معرباً له عن أسف القاهرة،لكون أن الإدارة الأمريكية ترفع شعارات استقلال القضاء،والحريات والحقوق الآدمية ،وتحاول أن تخرقها عندما يتعلق الأمر بتطبيق تلك الشعارات في مصر.
لهذا فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتعرض الآن لتلك الهجمة من قبل طابور المارينز الخامس،لكون أنه رفض الانصياع للضغوط الخارجية، والتي كانت تستهدف أن يضرب المجلس الأعلى للقوات المسلحة التيار القومي الإسلامي، كما كان يفعل الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ، ويقصيه تماماً عن المشاركة في العمل العام ،وأن تقتصر عمليات المشاركة السياسية علي عناصر الطابور الخامس التي تعتقد كذبا أنها هي التي فجرت ثورة 25يناير المجيدة .
وفي ذات السياق استخدمت واشنطن كل الحيل، واستخدمت طابورها الخامس داخل وطننا لممارسة كافة أنواع الضغوط ، ووظفت أجهزة الاستخبارات الأمريكية والصهيونية عناصر الفتنة الطائفية من مرقدها، بعد أن كانت قد قتلتها تماماً ثورة 25يناير المجيدة،استدعت واشنطن تلك العناصر وتلك الفتنة للأسف اعتمادا علي أسباب ومبررات واهية، لتجبر المجلس الأعلى للقوات المسلحة علي الرضوخ لضغوطاتها، الرامية أن لا يقر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيام أية أحزاب للإسلاميين بمصر، وأن يواصل المجلس العسكري سياسات اضطهاد الإسلاميين وقمعهم ،ووضعهم بالسجون والمعتقلات كما كان يفعل مبارك من قبل بدعم صهيوني أمريكي، وكأن الإسلاميين لا يمتون لهذا الوطن بصلة .
ومما هو جدير بالذكر أنه في وقت كان مبارك يضطهد الإسلاميين ،ويعتقلهم ،ويزج بهم في غياهب السجون ،كانت واشنطن تدافع فقط عن ليبرالييها وطابورها الخامس وكل من يعادي الإسلاميين ،وتقيم الدنيا ولاتقعدها إن مس حكم مبارك أحد الليبراليين وصادر حريته،وكانت تنظر لمصر وهي سعيدة حيث تشاهد رجلها حسني مبارك يزور الانتخابات ،ويصادر حرية التيار الإسلامي ،ويقدم أفراده للمحاكمات العسكرية.
وبزوال مبارك اكتشف أبناء شعبنا أن ثمة طابور خامس حل محل مبارك ويحاول أن يقود ثورة مضادة ولو بالتحالف مع فلول نظام مبارك، حيث يحاول هذا الطابور إنتاج نظام علي شاكلة نظام مبارك يتبادل من خلاله هذا الطابور المدعوم أمريكيا ًوصهيونيا ً السلطة و يستبعدون الآخر الذي يحظي بثقة الشارع المصري .
ولأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يضم ثلة من أنظف الرجال،وأصدق الرجال،وأطهر الرجال،المليئة قلوبهم بالحب لمصر ولله ،والذين يملكون ضمائر حية، جعلتهم ينحازون منذ اللحظة الأولي لثورة الشعب، تلك الثلة من الضباط الأحرار الكبار بهذا المجلس العسكري العظيم كانت تعلم تماما أن الذي حمي الثورة ووقف خلف جيشنا سداً منيعاً يقيه من كل المخاطر،بل وشكل عمقاً إستراتيجياً للقوات المسلحة طوال أيام الثورة ،هو التيار الإسلامي بجميع فصائله.
ولذلك أعرض المجلس العسكري عن كل الضغوطات الخارجية والداخلية وجعل من الإسلاميين جزء لا يتجزأ من الجماعة الوطنية الحية، وفوت علي الأعداء الفرصة للنيل من مصر ومن ثورتها ومن لحمتها الوطنية.
ومن هنا ،فلقد جن جنون الأمريكان والصهاينة ،وجن جنون طابورهم الخامس،هذا الطابور المتمثل في ناشطون سياسيون وحفنة من رجال الإعلام والأعمال ومنظمات المجتمع المدني المصرية والأجنبية، تلك العناصر التي اتخذت من وطننا ملاذاً آمناً لنشاطاتها، وسعت لتقويض أمن الوطن واستقراره والنيل من ثورته ، فاستحقت أن تقدم للمحاكمة أياً كانت الدوائر العالمية التي تقف خلفها.
لذا حاول الأمريكيون وطابورهم الخامس عرقلة العملية الديمقراطية في مصر، قبيل انطلاقها بحجج واهية ،ما أ نزل الله بها من سلطان،واستنزفوا قوانا بتلك الحجج ،وبتظاهرات ,واعتصامات ومعارك وهمية إفتعلوها، وباسم الثورة البريئة منهم ،واصلوا تجاوزاتهم بحق الوطن والشعب، حتى عافهم الشعب ،وعزلهم ،ورفض ادعاءاتهم بأنهم ثوار وينتسبون للثورة الطاهرة العظيمة التي شارك فيها غالبية أبناء الوطن ،بعيداً عن دعاوي الإفك التي تحاول حصر الثورة في حفنة تحج رموزها بشكل منتظم لدول معادية خارج مصر،وبشكل دوري.
وعندما أشرف خير أجناد الأرض علي الانتخابات ،وأجروها بنزاهة لم يستطع الأعداء التشكيك فيها، وأكتسح الإسلاميون تلك الانتخابات، بدأ الطابور الخامس يتحالف مع فلول النظام البائد وعناصر الثورة المضادة، ورفعوا شعار ينادي بسقوط المجلس العسكري ،هذا المجلس العظيم الذي سيظل بأذن الله شوكة في حلوقهم، ودخل مع حلفاء الإثم الذليل الأمريكان ومنظماتهم علي الخط، دخلوا معهم وأشبعوهم تمويلا ً وتحريضاً وتهديدا لأمن مصر القومي ،وهو ما واجهه المجلس العسكري بحسم غير مسبوق.
والآن تعروا وانكشفوا وانفضحوا، أما موالآتهم للخارج ،الذي لا يريد خيراً للثورة المصرية، باتت تلك الموالآة علي عينك يآ تاجر،وتبرز تلك الموالآة في فضائيات فقدت مصداقيتها ،ورجال وسيدات أعلام سطعت عمالتهم وموالآتهم لصاحب التمويل ،وناشطون فاحت رائحة تمويلهم الخارجي ،وباتت فضيحة ،وعلي كل لسان.
وما نقولهُ، أكده فشل عصيانهم المخزي الذي دعوا إليه بعد أن ظنوا أن فضائياتهم الممولة يمكن أن يثق فيها الناس ،ويثق فيها الشعب،لكنهم فوجئوا أن مصر توحدت ضدهم وعافتهم وعزلتهم وكأنهم جرب أو وباء ،وباتوا لا حول لهم ولا قوة ،وأصبح الشعب هو القائد وهو المعلم .