بعد فوز حزب الحرية والعدالة الممثل لجماعة الإخوان المسلمين وفوز حزب النور الممثل للمدرسة السلفية رأينا إلقاء الضوء على الفرق بين الجماعتين حتى يتبين للناس وجه الخلاف في الرؤية ومنبعها . اعتمدت المدرسة السلفية في فكرها على اتباع الدليل الشرعي وجعلته بصلتها وجهد اجتهادها لذلك في مناظرة السلفيين يأخذ الدليل مكان البوصلة . والدليل هو طبعا الكتاب والسنة ونهج السلف الصالح في فهمهم للكتاب والسنة ولعل ذلك سيدعونا للتكلم على أصول المذاهب الفقهية السنية وهي المذهب الحنفي والمذهب المالكي والمذهب الشافعي والمذهب الحنبلي وهو مذهب أهل الحديث والقاريء في أصول الفقه المقارن يعرف أن هناك خلاف بين المذاهب فيما يعد دليلا فقد أخذ الإمام أبوحنيفة بالاستحسان كدليل هو والإمام مالك في حين أنكر الاستحسان الإمام الشافعي وأخذ الإمام ابن حنبل بمراسيل التابعين حينما أخذ الإمام الشافعي بمراسيل سعيد ابن المسيب فقط وليس هذا مجال استعراض الخلاف في أصول الفقه ومن أراد المزيد فعليه بكتب الأصول . والقصد أن السلفيين علموا تلامذتهم احترام الدليل والانصياع له وإن كانوا يميلون إلى الإمام أحمد بن حنبل ترجيحا لأدلته فالمرجعية عند السلفيين لفكرة الدليل وعدم تقديس الشيوخ مع حبهم وتوقيرهم . وكما قلنا من قبل أن الواقع له قراءة ُتقرء وُتبنى عليها الأحكام الشرعية واستقراء الواقع يحتاج إلى مران واجتهاد وتتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والأشخاص . وفقه السلفيين يدعوهم إلى الحوار بحثا عن الدليل ومناقشة حجيته ومدح متتبع الدليل الصحيح سواء كان باستقراء النص أو استقراء الواقع . ويأتي الدور على الإخوان لشرح فكرتهم قامت جماعة الإخوان على فكرة الإمامة وأخذ البيعات من الأفراد والعهد بالسمع والطاعة وركن الثقة يمثل بندا مهما في أصولهم العشرين لشارحه الأستاذ جمعة أمين نائب المرشد ولقد كتب كتابا عن الإمام حسن البنا في مدحه والثناء عليه والإخوان لهم مكتب إرشاد يتولى من خلال مجلس شورى اتخاذ القرارات الملزمة لأفراد الجماعة ومحلها مصلحة الجماعة وتكفل للجماعة السيطرة على أفرادها فمثلا في قضية مثل الترشح لرئاسة الجمهورية تقدم منهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والعادي أن يعطي أفراد الجماعة الأولى بالتصويت فهو أقرب الناس لهم تربى في صفوفهم وأدخل الرجال في جماعتهم وبذل من نفسه وماله وحبس في سبيل فكر الجماعة إلا أنه تراء له أن يرشح نفسه مخالفا لمصلحة الجماعة ففصل من الجماعة واتهم في دينه وقد يكون أبو الفتوح أصلح لمصر من غيره كالبرادعي مثلا إلا أن مصلحة الجماعة تقدم على غيرها وتحت بند الثقة والشورى يتم إقصاء المخالف وهم أحرار في من يفصلون إلا أنهم ليسوا أحرارا في أن يسبوا من يخالفهم ونظرا للتحزب الشديد لجماعتهم وبند الثقة المطلقة والسمع والطاعة يتم إقصاء المخالف وسبه . وفكرة الإمامة التي أتى بها الشيخ حسن البنا بأخذه البيعة لنفسه يتبين لك أن مكتب الإرشاد يحل محل الإمام المجدد الشهيد الذي لم ير الإخوان مثله والذي عجزت النساء أن يأتين بمثله منذ أن استشهد رحمه الله. ومن هنا يتبين لك الفرق بين فكرة الدليل وبين فكرة الإمام التي هي أساس فكر الإخوان .