تحتفل مصر غدا الاثنين بواحدة من الانتصارات التى يحفل بها شهر رمضان ، حيث تحل الذكرى الخامسة والأربعون لحرب العاشر من رمضان ( السادس من اكتوبر 1973 ) ،التى أحدثت انقلابا جذريا فى الاستراتيجيات العسكرية التى عرفها العالم ، وفى معادلة الصراع العربى - الإسرائيلى ، وكان عنوانا للوحدة والتضامن العربي. حرب استعاد فيها المصريون عزتهم وكرامتهم وأرضهم ، وحولت هزيمة 1967 إلى ملحمة انتصار خالدة ، حرب تعد معجزة عسكرية بكافة المقاييس ، و فيها تحمل الرئيس الراحل انور السادات ورجالة ، وأبناء الشعب عبء الحرب فى ظروف شديدة الفقر اقتصاديا وعسكريا ، حيث لم تكن الظروف تسمح بحرب جديدة بعد تلك الهزيمة ، فكان القائد يعمل بشكل شخصى ومقرب مع قيادة الجيش المصرى على التخطيط لهذه الحرب التى أتت مباغتة للجيش الإسرائيلي. حدد الرئيس السادات المعروف بدهائه العسكرى فرصة انشغال اليهود فى الاحتفال بعيد الغفران ، وظنهم أن الجيش المصرى غير قادر على الخوض فى اى معركة خاصة فى شهر الصيام ، (حدد) ساعة الصفر لتكون يوم العاشر من رمضان عام 1393 هجرية فى الساعة الثانية ظهرا ، وكانت خطة الهجوم المصرية هى اقتحام خط بارليف الدفاعى ، الذى أنفقت اسرائيل على إنشائه 300 مليون دولار. . "الله أكبر " صيحة رددها الجنود صرخة مدوية ، وانطلق الرجال كالطوفان الذى لايقدر أحد على الوقوف أمامه ، ودوت صافرات الإنذار فى اسرائيل لتعلن حالة الطوارئ والتعبئة العامة ، وشن الجيشان المصرى والسورى هجوما على قواعد ومراكز الجيش الاسرائيلى، فهاجمت القوات المصرية تحصينات إسرائيل بطول قناة السويس ، فيما هاجمت القوات السورية تحصينات وقواعد القوات الإسرائيلية فى مرتفعات الجولان. ساعات ست فقط من بداية المعركة نجح خلالها الجيش المصرى فى اختراق السد الترابى المنيع "خط بارليف الدفاعى "، وفى منع القوات الاسرائيلية من استخدام أنابيب النابالم بخطة مدهشة ، وتم ذلك عن طريق دفع 5 فرق مشاة شرق قناة السويس في 5 نقاط مختلفة، واحتلال رؤس كبارى بعمق من 10 إلى 12 كيلومترا ، وهي المسافة المؤمنة من قبل مظلة الدفاع الجوي في حين بقيت فرقتان مدرعتان وفرقتان ميكانيكيتان غرب القناة كاحتياطى تعبوى ، وبقيت باقى القوات فى القاهرة تحت تصرف القيادة العامة كاحتياطي استراتيجى. تلقى الجيش الإسرائيلى ضربة قاسية ، و انتهت أسطورة الجيش الذى لايقهر ، وكان النجاح المصرى ساحقا حتى 20 كيلومترا شرق القناة، وانجزت القوات المصرية صباح اليوم التالى عبورها واستردت قناة السويس وجزء من سيناء وبات لدى القيادة العامة المصرية 5 فرق مشاة بكامل اسلحتها الثقيلة فى الضفة الشرقية للقناة لكن المساعدات الأمريكية لإسرائيل أدت إلى ماعرف "بالثغرة "، وتدخلت الولاياتالمتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ، وتم إصدار القرار رقم 338 الذى يقضى بوقف جميع الأعمال الحربية بدءا من يوم 22 أكتوبر 1973، وقبلت مصر بالقرار ونفذته اعتبارا من مساء نفس اليوم إلا أن القوات الإسرائيلية خرقت وقف إطلاق النار، فأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا آخر يوم 23 أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار. وعمل هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى فى ذلك الوقت ، وسيطا بين الجانبين العربى والإسرائيلى إلى أن توصلا إلى اتفاقية هدنة لا تزال سارية المفعول بين سوريا وإسرائيل ، وانتهت الحرب رسميا بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك فى 31 مايو عام 1974، حيث وافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة للسيادة السورية ، وضفة قناة السويسالشرقية لمصر ، مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية عن خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية. مهدت انتصارات حرب العاشر من رمضان الطريق لإبرام اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل ، والتي عقدت في سبتمبر 1978على إثر مبادرة انور السادات التاريخية فى نوفمبر 1977 وزيارته للقدس، وأدت الحرب أيضا إلى عودة الملاحة فى قناة السويس فى يونيو 1975. وكشفت وثائق اسرائيلية سرية مسربة ، اعتراف موشى ديان وزير الدفاع الاسرائيلى حينئذ بخطأه فى تقدير قوة المصريين ، وأنه لم يقدر بشكل صائب قوتهم ووزنهم القتالى ، وأن المخابرات المصرية اخترقت الحكومة الاسرائيلية ودست معلومات مضللة على رئيسة الوزراء جولدا مائير 0