الدولة منحتنا 250 مليون جنيه لاعادة التشغيل نسبة نجاح المصنع حتى الآن 50% سنعود إلى مكاننا السابق خلال عام لدينا معرضين أحدهما في المؤسسة والآخر في وسط البلد المصنع يضم الآن 400 عامل «كوباية ياسين» ، اسم مصري عريق لا يعرفه ابناء الجيل الحالي الا القليل منهم الذين تفتحت أعينهم على المستورد، فعلي بعد مئات الأمتار من ميدان المؤسسة يقع بناء ضخم له تاريخ أغلق منذ سنوات هو "مصنع ياسين" الذي أصبح يحمل فيما بعد اسم شركة النصر لصناعة الزجاج والبلور، فعلى يمين ويسار الشارع تقع مبان كانت في الماضي القريب تنتمي لأول وأشهر مصانع الزجاج في مصر. طال المصنع ما طال أغلب شركات ومصانع القطاع العام خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، إلا أن عمال "ياسين" وقفوا في وجه خصخته وبيعه ليدفع المصنع بعدها ثمن ذلك بالإغلاق لما يزيد عن سبعة سنوات قبل أن تقرر الدولة منذ عام ونصف تقريبا أن تعيد الحياة له وتشغله. وفي جولة قامت بها شبكة الإعلام العربية "محيط " داخل مصنع شركة النصر لصناعة الزجاج والبلور، تحدثنا مع المهندس عبد السلام عبد المنعم مدير عام المصانع بالشركة وكان هذا الحوار : بداية .. عود بنا بالذكرة إلى تاريخ نشأة مصنع النصر لصناعة الزجاج ؟ أنشأ محمد سيد ياسين باشا المصنع عام 1932 فكان أول مصنع زجاج في الشرق الأوسط، بعد أن حصل على قرض من بنك مصر، وكان رئيسه طلعت حرب يتابع ما ينجزه ياسين من أعمال وكيف يتصرف بالأموال التي حصل عليها، ففتح مجال عمل وبدأ بإنتاج زجاج لمبة الجاز وغيرها بشكل يدوي عن طريق النفخ ثم تطور لعمل المنتجات آليا عن طريق مكابس. المهندس عبد السلام عبد المنعم واستمر المصنع في التوسع بإحضار المكابس والأفران ودخل للإنتاج الزجاج المسطح، حتى تم تأميمه في عهد عبد الناصر وأصبح اسمه شركة النصر للزجاج والبلور، ورغم توسعه وبناء مصانع أخرى في مسطرد والإسكندرية والدقي والوايلي ولأنها أصبحت قطاع عام لم تطور بسبب قلة الإمكانيات والأموال وكان عدد العمال كبير فلم يستطع المنافسة حتى جاءت الخصخصة. ماذا حدث بعد الخصخصة ؟ مع منتصف التسعينيات رفض العمال خصخصة المصنع فتوقف الإنتاج، وأغلقت الشركة ومدرسة التعليم الفني وبيعت المصانع الأخرى وظل المصنع قائما حتى جاء قرار إعادة تشغيله ، ومنحه مبلغ مائتين وخمسين مليون جنيه من الدولة، خصص هذا المبلغ لتطوير وإعادة بناء المصنع وشراء الماكينات. سمعنا أن المصنع كان به مدرسة تقوم بتعليم الشباب والفتايات صناعة الزجاج .. فأين هي الأن؟ نعم .. فلم يكن المصنع رائدا وسباقا فقط في إنتاج الزجاج فقط، لكنه كان متوسعا في التعليم الفني أيضا، فأمام مقر الشركة الرئيس بقيت أطلال مدرسته الخاصة لتعليم فن صناعة الزجاج والرسم عليه وكل ما يمت له بصلة، كما قدم ميزة جعلت منه هدفا للطلاب أعقاب مرحلة الإعدادية وهو التعيين عقب التفرغ من الدراسة في أي من فروع الشركة، فعمل على تخريج دفعات متتالية من الفنيين المتخصصين بصنع الزجاج. وطال هذه المدرسة ما طال المصنع من إغلاق فلم يعد يتبق منها إلا جدران تحافظ على الهيكل الخارجي للمدرسة. هل ستعود تلك المدرسة مع إعادة فتح المصنع من جديد؟ حين بدأ المصنع للعودة لم تنل خطة عمله إعادة تشغيل المدرسة، ففكرة تشغيلها مرة أخرى غير واردة تماما الآن فالأهم هو إنتاج المصنع وإعادة مجده. عاد المصنع بعد أغلاق سبع سنوات .. فما هو الجديد الذي حدث ؟ بعد العودة هُدمت كل الأفران والمكابس القديمة وترأس مجلس الإدارة المهندس عبد الله شحاتة ووضع خطة بتطوير المصنع واستوردوا خطوط إنتاج وماكينات ألمانية وإيطالية، وفتح باب للتعيينات الجديدة ففريق المصنع القديم من العمال عاد منه عدد قليل، وأصبح يضم المصنع الآن نحو 400 عامل فقط بعد أن بلغوا في السابق 4 آلاف عامل تقريبا لأن ماكينات الإنتاج الجديدة لا تحتاج لعمالة ضخمة. يزيدنا فضول في معرفة كيف يتم تصنيع الزجاج والبلورات بعد التطويرات الحديثة؟ المصنع مقسم إلى ثلاثة أركان رئيسية الأول مصنع إنتاج الزجاج المسطح والثاني لإنتاج أدوات المطبخ والعبوات يتوسطهم الآلة التي تعمل على خلط وتركيب مواد الإنتاج وتسمى "خلاط" تعمل بشكل آلي على تركيب المواد الخام بنسب يحددها سلفا المسئول عنها مخصص بها فتحات وسيور لنقل تلك المواد إلى الداخل حيث تقوم بدمجهم ونقل الخليط إلى "الفرن" المخصص عبر سيور ومواسير إلى داخله. قبل أن تنتقل المادة الخام المخلوطة إلى الفرن تمر بمرحلة أخرى وهي إضافة الكسر فيضاف لها نسب معينة من الزجاج المكسور من بقايا مرحلة التجريب التي عمل بها المصنع بعد إعادة تشغيله أو تلك التي يتم إنتاجها لكنها غير جيدة أو بها عيوب فيجمع هذا الكسر بشكل آلي عبر سير مخصص لها فتنقل المواد إلى هذه الآلة وتدمجها مع الخليط ثم إلى الفرن حيث التشكيل والإنتاج. وتتشابه طريقة عمل كلا المصنعين أو الفرنين المخصصين للأدوات والزجاج المسطح، فكلاهما يستقبل المادة بعد خلطها وتدخل إلى الفرن حتى تأتي مرحلة التشكيل، فتوضح داخل "اسطمبة" في حالة الأدوات لتأخذ الشكل المطلوب وبعدها تكوى بالنار لتسوية حروفها ثم تنتقل للتبريد تدريجيا وهو ما يجعلها أقوى وأجود. وماذا تختلف صناعة الزجاج المسطح عن زجاج الكوبايات؟ في حالة الزجاج المسطح فيتم فرد المادة الخام على لوح طويل وتنتقل عبر مراحل للتبريد أيضا وقبل التعبئة تمر على مرحلة التقطيع حيث يتم تحديد الطول والعرض المطلوب وتتولى ماكينة التقطيع تنفيذ الأمر، وقبل انتهاء خط سيرها يوجد قطع عرضي يقسمها حسب الطول المحدد وقواطع أخرى حسب عرض القطعة المطلوب، ويغلف لوح الزجاج بشكل آلي إلا أن هذه الجهاز كان متعطل فتولى شابان تغليف الزجاج وتعبئته. التحكم في الأفران يتم عن طريق غرفة تحكم يتولى مسئول المصنع ضبطها وتحديد المواد وإعطائها كل بيانات عملها، ويجلس بها مشرف إلا أنه في حالة حدوث خطأ ما تدوي صافرة إنذار يبدأ المتخصصون في التعامل معها وإصلاح الخطأ. وما هي أنواع الرمال المستخدمة في صناعة الزجاج؟ الرمال المستخدمة في التصنيع تكون نوعان الأول فاتح للزجاج الشفاف وأدوات المطبخ والأخرى غامقة اللون تكون لكل المنتجات الملونة، والتي تضاف إليها بعض المركبات الكيميائية والأكاسيد لتكسب المادة اللون المطلوب وفي الغالب يكون إما أزرق أو أصفر وهي الألوان التي أنتجها المصنع حتى الآن. هل هناك صعوبة في الحصول على الرمال من شبه جزيرة سيناء رغم الأحداث الإرهابية التي تحدث؟ المصنع يحصل على رماله من شبه جزيرة سيناء، وهي الرمال التي يصفها مدير المصانع بأنها الأجود والأنقى، فيتم التعاقد مع وكلاء يحصلون على الرمال من محاجر سيناء وتكون بعيدة نسبيا عن الأحداث الإرهابية لكن ما يؤثر فعلا على الحصول عليها هو أزمة الأسعار فقد ارتفعت تكاليف النقل بعد رفع سعر البنزين والسولار مؤخرا وهو ما ألقى بظلاله على أسعار كل المواد الخام منها الرمال. وما هي المشاكل التي تواجه المصنع بعد عودته؟ المشكلة الأساسية التي تواجهنا ليست فنية إنما في الأسعار والخامات ليست المستوردة فقط بل التي نحصل عليها من الداخل فالدولار أثر على المستورد وأسعار داخليا ارتفعت أيضا بسبب تكاليف النقل والسولار وغير ذلك. بالإضافة إلى أنه تم خصخصة مصنع الصودا في الاسكندرية، ليغلق بعد ذلك، ونضطر إلى استيراد تلك المادة من الخارج. ما هي الدول نصدر لها الزجاج ؟ هناك دول عربية مثل تونس والمغرب والجزائر والأردن وفلسطين والسودان ولبنان واليمن رغم ما تمر به بنسبة جيدة لكن ليس بشكل واسع؛ وذلك لأننا في فترة بناء وإعادة إنتاج كما أن عدد من الأسواق العربية تعاني من الحروب ونتمنى استقرارها للوصول إلى داخل السوق. تختفي منتجات مصنع ياسين من السوق .. فلما لا يوجد لكم وكلاء يقومونا بتسويق منتجاتكم؟ المصنع له وكيلين ووضعنا خطة للانتشار في الأسواق وسنعمل على تعيين مسئول تسويق ووكلاء جدد في مناطق أكثر، لأننا ننتج نحو 150 طن يوميا توزع جزء منه الوكيلين فقط لا يوزعان كل إنتاجنا. هل لديكم معارض نستطيع الحصول منها على منتجاتكم؟ يوجد معرضين للبيع أحدهما في ميدان المؤسسة والآخر في وسط البلد ومجلس الإدارة اتخذ قرار بتجديد معارض البيع. ما هي نسبة رضائكم عن نسبة التصنيع والبيع منذ العودة؟ المصنع نجح بنسبة 50% خلال الفترة الماضية، فالمصنع لم يحقق أبارح حتى الآن ، فكل ما يحدث هي تجارب التشغيل التي تنتج ولا تباع، وسوف نعود مثل السابق خلال عام ، فالمصنع يعمل الآن على التطوير حسب احتياج السوق وطلب التجار. أثناء تجولنا داخل المصنع وجدنا العمال لا يرتدونا "قفازات" في ايديهم .. فلماذا؟ من المفترض أن يعرضهم ذلك للمسائلة .. فهناك لجنة الأمن الصناعي بالمصنع تجتمع شهريا وربما أكثر إذا استلزم الأمر في حالة وقوع حادث أو إصابة عامل، ووضعوا شروط تكاد تمنع الإصابات تماما ومنها إلزام العمال على ارتداء ملابس الأمن الصناعي وتجويدها.