تعتمد الديموقراطية كآلية اختيار يقوم بها المواطن للاختيار بين متنافسين على نظام التعددية الحزبية.تلك التعددية التى تعنى تعدد الاحزاب المتنافسة فى الانتخابات بناء على برامجها الحزبية والسياسية.والحزب هو التنظيم الذى يطرح نفسة على الجماهير من خلال برنامج سياسى يتبنا موقفاً سياسياً.ويتراوح هذا البرنامج وذلك الموقف بين اليمين والوسط واليسار . فمن يتبنى موقفا يعتمد على النظام الرأسمالى وعلى سياسة السوق وهذا يدخل فى عداد أحزاب اليمين ومن يتبنى موقفاً أشتراكياً يعتمد على الاقتصاد الذى تشارك فية الدولة مع القطاع الخاص حتى يضمن العدالة الاجتماعية خاصة الطبقات الفقيرة وهذا يوضع فى اطار اتجاه اليسار . وهناك من يطرح برنامجاً وسطاً بين النظامين وهو يدخل ضمن الاحزاب الوسطية .بينما يوجد برنامج ومواقف تتراوح توجهاتها السياسيه بين اليمين واليسار كل من التوجهات الثلاثه الرئيسيه . وعلى ذلك فكيف كانت تجربتها الحزبية فى هذا الاطار ؟ لقد اعاد السادات نظام الاحزاب عام 1977 بقرار علوى افقد الاحزاب الثلاثة التى تم الموافقة عليها زخمها الجماهيرى . ثم ظهر حزب العمل وتلاه بدعوة جماهيرية حزب الوفد ثم تم الموافقة عام 1992 على الحزب الناصرى وبالرغم من شبه استكمال تلك الاحزاب لمجمل التواجهات السياسية ولكن كان هناك حزب الاغلبية الحزب الوطنى الديموقراطى وهو حزب السلطة المعتمد على الحكومة والامن وكانت ممارستة شمولية لا علاقة لها بأى تعددية ففقدت الاحزاب دورها واصبحت احزاب ديكورية خاصة بعد الموافقة على احزاب بهدف مجاملة البعض والضحك على الدقون بأسم الديموقراطية المغيبة وسقطط الاحزاب جميعها فى الامتحان واصبحت مساعداً للوطنى فى طرح هذا الديكور الزائف .وفشلت التجربة بدليل ان هذه الاحزاب كلها لم تحرك جماهير ولم تحدث ثورة وكانت ثورة يناير ثورة جماهيرية نبعت من الشارع. وكان الامل بعد الثورة ان نبنى تجربة حزبية جديدة ناجحة . ولكن (واه من ولكن هذه ). فأحزاب اعلنت بسرعة البرق وقد اصبحت تلك الاحزاب اكثر من خمسين حزباً بين قديمة ديكورية وبين جديدة ورقية . حيث انها قد اعلنت وتم الترخيص لها بالبرنامج فقط . وكانت تلك البرامج ودون استثناء كلام مرسل وغير محدد ولا يتبنى أى موقف سياسى او حزبى واضح . ولكن البرامج تتشابة ولم يكن هناك فرصة للنزول للشارع حيث قد ندهت الجميع نداهة الظهور الاعلامى خاصة الشباب الذى فى اكثرة يدعى انه شباب الثورة مما جعل هناك مئات الائتلافات المتخيلة التى لا وجود لها على ارض الواقع .وكانت الانتخابات التشريعية وتمت المرحلة الاولى وانتهت الجولة الاولى من المرحلة الثانية . وما يسمى بالاحزاب الدينية قد فازت وسوف تفوز حسب التوقعات بالاغلبية المطلقة ولماذا ؟ لان الاحزاب القائمة لا علاقة لها بمسمى الحزب فكل حزب هو جماعة اصدقاء يجمعون ما يعرفون ويضمون ما يستطيعون من باب المجاملة . أى ان اعضاء الحزب لا علاقة ولا معرفة لهم بالحزب او ببرنامجه . ناهيك عن رجل الاعمال الذى اراد ان يشكل حزباً فكان له ما اراد وبفلوسه . اما الاحزاب ما قبل يناير فقد فقدت وجودها وفاعليتها ومصداقيتها عندما سمحت لنفسها ان تكون ديكور للوطنى المنحل . فهذه هى الاحزاب القديمة والجديدة والائتلافات الشبابية . اما ما يطلق عليها الاحزاب الدينية . فلا يوجد فى علم السياسة ما يسمى بالحزب الدينى . لانه لا يمكن ان نحول الدين الى برنامج سياسى ولكن يمكن ان يكون البرنامج السياسى ملتزم بالقيم الدينية وبالمقاصد العليا للاديان وذلك فى اطار التشريع القانونى . ومع ذلك حتى الاحزاب التى يطلق عليها دينية فاذا كان لها برامج فستكون متراوحه بين اليمين واليسار والوسط وذلك فى الاطار السياسى . كما ان المطروح منها يمثل بالفعل التوجهات الثلاثة . فالاخوان يمين الوسط والسلفيين يمين اليمين وحزب الوسط اتجاهه وسطى . وبالرغم من اعتماد تلك الاحزاب على وتر الدين فى العملية الانتخابية ولكن لابد من الاعتراف بوجود تلك الاحزاب فى الشارع وليس الان فقط . وان كان هذا التواجد تم من خلال الدعوة الدينية او تقديم خدمات مادية واجتماعية بأسم الدين مما ساعدهم فى تحويل كل هذا الى خريطة انتخابية . فهل يمكن ان نعى القضية سياساً وان ينزل الجميع ببرامجهم الواضحه للشارع حتى يكسبوا مصدقيته وحتى يكون الاختيار سياسى حزبى برامجى .ولا يكون غير ذلك ؟نتمنى هذا لصالح مصر ولكل المصريين .