صدر حديثا عن سلسلة "كتاب اليوم " ، رواية " ليلة نام فيها الشيطان" لأمير الصحافة محمد التابعى . ويقول علاء عبد الوهاب رئيس تحرير السلسلة ، أن الرواية صدرت بمناسبة مرور 120 عام على ميلاد التابعى، و40 عاماً على وفاته، فانها فرصة لا يمكن أن تمر دون الاحتفاء بذكرى أستاذ أساتذة الصحافة الحديثة فى مصر، والعالم العربى. محمد التابعى، أو أمير الصحافة كما اشتهر اللقب، وصار علماً عليه دون غيره، ذاع صيته صحفياً نابغاً، له مدرسته الخاصة فى الكتابة، وتتلمذ عليه كبار الصحفيين الذين أعادوا انشاء الصحافة المصرية انشاءً، ويكفى أن الأخوين أمين وهيكل والشناوى وعشرات بل مئات الأسماء ممن صارت لهم بصمتهم فى الحقل الصحفى يعترفون، بل يتباهون بأنهم تلاميذ مباشرين للتابعى، أو حظوا بالقرب منه، أو تعلموا ممن نهلوا من معينه. ولعل شهرته الصحفية قد طغت إلى حد الجناية على موهبته الأدبية، التى كان يمكن أن يشق فيها طريقاً لايقل عطاءً وروعة عن دوره الصحفى، لكنها الصحافة التى لا تقبل ب «ضرة»، وإن قبلت فعلى مضض، ولا تسمح لضرتها إلا بالفتات من الموهبة والوقت! كان قلمه غير مسبوق بأسلوبه البعيد عن الزخرفة، رشيقاً، قوياً فى تعبيره، وربما لو كان قد بدأ باحتراف الأدب لزاحم كبار نجومه، واحتل على عرش الأدب مكانة لا نظير لها، لكنها الصحافة التى تخطف عشاقها كما النداهة، فيقعون فى أسرها دون فكاك. هكذا كان حال أستاذنا التابعى. وكما أسهم فى مجال الأدب ببعض القصص والروايات، فان بعضاً من إبداعاته لاقت حظاً فى السينما والمسرح والدراما التليفزيونية والإذاعية، لكنه عاش صحفياً متوجاً على عرش الصحافة الحديثة، هكذا نتذكره، وهكذا تعرفت عليه الأجيال التى لم تعاصره. وربما لهذا السبب - تحديداً - عندما فكرت هيئة تحرير كتاب اليوم فى احتفالية تليق بمقامه وقدره، فضلت أن تسلط الضوء على الجانب الآخر الذى لم يحظ بما حظيت به الصحافة فى رسم ملامح شخصيته، لمن لم يحالفه الحظ ليقرأ مقالاته - فى حينها - عندما كانت كلماته تزلزل مقاعد الحكام والوزراء، دون أن يهاب العواقب، لكنه كان يمضى دائماً كمقاتل عنيد لا يملك سلاحاً إلا القلم. عمل أدبى كتبه التابعى، كان خيارنا للمساهمة فى احياء الذكرى المزدوجة التى صادفت العام 2016. وسوف يلاحظ القارىء أن هذا العمل - بالذات - يكشف انحياز التابعى للصحافة، بداية من فكرة القصة، ومناسبتها، وشخوصها، والمرة الأولى لنشرها فى مجلة آخر ساعة عام 1948، قبل أن يُعاد نشرها فى أواخر العام 1969 ضمن سلسلة كتاب اليوم. وأخيراً، فإن الأستاذ التابعى وأعماله وإبداعاته لا تحتاج إلى تقديم من أحد أيا كان شأنه، ولكنها تتطلب قراءة متمعنة تنتج المتعة للعين والعقل على السواء.