القاضي أحمد رافع بن عاشور سليل عائلة بن عاشور، الفقيه التونسي الشهير صاحب المقاصد الكلية في الشريعة الإسلامية الذي أرسى القاعدة السادسة من هذه المقاصد، وهي أن الإسلام أولى حقوق الإنسان أهمية عظمى بعد المقاصد الخمسة (حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال)، وهو أيضا ابن مفتي تونس الشيخ محمد الفاضل بن عاشور. انتخب مؤخرا قاضي لدى المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب أثناء توليه منصب المستشار القانوني للرئاسة الجمهورية التونسية، فضلا عن كونه مدير ديوان رئيس حركة نداء تونس. بعد انتخابه لدى المحكمة الإفريقية استقال رافع بن عاشور من منصب المستشار القانوني لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي نظرا أن العرف يحتم عدم الجمع بين المنصبين. التقته شبكة الإعلام العربية "محيط" فكان الحوار التالي: بداية.. كيف ترى مكافحة التطرف والإرهاب في تونس؟ توجد الآن خطة في تونس لمواجهة التطرف والإرهاب، وهناك مراجعة للقانون المتعلق بالإرهاب لتسريع الإجراءات دون الإضرار بحقوق المواطنين، مع ضمان المحاكمة العادلة. ونواجه العمليات الإرهابية بشيء من التشدد عندما تطال الشرطة والجيش والمدنيين، وتقوم الحكومة التونسية الآن بتحرير عدد من المساجد التي كانت مغتصبه من قبل جماعات التطرف الديني ونعمل علي التوعية الدينية السليمة والمعتدلة . وما الإجراءات العملية التي اتخذتها الحكومة لمكافحة الإرهاب؟ بعد الاعتداء علي متحف بردو في 18 مارس 2015، قررت الحكومة التونسية إغلاق 80 مسجدا استولى عليها المتطرفون، وتحاول إدارة الشؤون الدينية في تونس أن تقوم تدرب الأئمة والوعاظ على الخطاب الديني المعتدل المتسامح المبني على ثوابت المذهب المالكي وعلي العقيدة الأشعرية. مع الزميل عمرو عبد المنعم وماذا عن الجانب الاقتصادي والاجتماعي في مواجهة التطرف؟ لابد من مقاومة بؤر الفقر الموجودة في المجتمع التونسي التي يجد فيها هؤلاء ملاذا آمنا، يستطيعون من خلاله ممارسة هذا التطرف، لذلك نعمل علي تحسين أوضاع هذه الأماكن ومساعدة قاطنيها علي العيش الكريم. وما الإجراءات التي تقدمها الحكومة للإرهابيين الراغبين في العودة إلى بلادهم؟ هناك اشكالية بخصوصهم العائدين من سوريا والعراق وليبيا علي وجه التحديد، معتقداتهم الدينية تختلف عن عقيدتنا وتصوراتنا. وهل صحيح أن عدد كبير من المنضمين لداعش تونسيين؟ بالفعل يقال هذا الكلام، ولكن لا أحد علي يقين من هذه المعلومة باعتبار أن "داعش" لا تنشر هذه الإحصائيات، كما أن عددهم لا يتجاوز 4 آلاف. و ما دور المؤسسة الدينية في التعامل مع الإرهاب؟ الدولة هي التي تشرف علي جميع المؤسسات الدينية من مساجد وأئمة والقائمين علي بيوت الله التابعين لوزارة الشؤون الدينية ولها تأثير ولكنه ضعيف، وفي السنوات الأخيرة كان هناك نوعا من التساهل مع المتطرفين وهو ما شجعهم وجعلهم يتجرؤون علي الدولة . الإعلام المتطرف أصبح له دور كبير في السنوات الأخيرة كيف نتعامل معه؟ هناك مشكلة سببها الإعلام الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي (الفيس بوك وتويتر) والتي تثير العنف والإرهاب، والحكومة الآن تحاول محاربة هذه الشبكات من خلال اغلاق بعض المواقع الإلكترونية أو مراقبتها، فالإعلام في الوطن العربي متدني ويثير العنف والإرهاب. هل ترى أن الحل في إغلاق المواقع ومراقبة الإعلام؟ لا، الحل الشامل على المستوى الفكري والفلسفي، وعلي جميع المستويات، ورغم أن بعض النتائج تكون ضعيفة لكن علينا العمل. في تونس الكثير من الأقطاب السياسية كيف تتعاملون معها؟ تعدد الأقطاب يرمي إلى توضيح المشهد السياسي الوطني فالقوى السياسية تتطور، ويمكن وفق ذلك أن ننتظر بروز قوة سياسية جديدة لتحقيق توازن جديد في المشهد السياسي التونسي. كما أن تجميع مختلف الاتجاهات السياسية يجعل الحوار السياسي أكثر وضوحا ويرسي مشهدا سياسيا أكثر شفافية . ولماذا استقلت من عملك في دائرة الرئاسة التونسية ؟ هناك تعارض بين منصبي كقاض بالمحكمة الأفريقية ومقابلة في رئاسة الجمهورية فلزم تقديم استقالتي. وما الذي لم يقدم من تراث العلامة ابن عاشور صاحب المقاصد؟ جدي هو العلامة طاهر بن عاشور صاحب تفسير"التحرير والتنوير" والذي أرسى دعائم التنوير الديني وصاحب كتاب "المقاصد"، وابن محمد بن عشور مفتي الجمهورية، وقد قدمنا كل ما وجدناه من تراث الشيخ الجد والشيخ الوالد في صورة كتب لكي يستفيد طلاب العلم الشرعي، وهناك طبعات جديدة في السوق المصري والعربي من مؤلفاتهم.